مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

أم «أربعة وأربعين»

سوف أحكي لكم عن هذه السيدة الأفريقية التي هي صاحبة أكبر عدد حالات ولادة في التاريخ، فحالتها لا تحدث إلا كل ألف عام تقريباً، ولكنها تخطت كل الحالات التي سبقتها منذ نشأة الخليقة والحضارة، حتى أنها هزمت الأرانب، فأقصى عدد يمكن أن تلده الأرنبة هو عشرون أرنباً، وهذه السيدة تفوقت حتى على الأرانب، وكسرت الأرقام القياسية، وتربعت على عرش موسوعة (غينيس)، وأنجبت (44) طفلاً، وكلهم من زوج واحد فقط، وقد عجز الأطباء والعلماء وكل شخص عن وصف وتفسير ما فعلته، كيف لامرأة أن تنجب هذا العدد من البشر؟ كيف تحمّل جسدها ورحمها هذا العدد الهائل؟ كيف استطاعت تحمل آلام الولادة المتكررة على مدار 25 عاماً وأكثر؟ كيف تستطيع تربية أولادها ومعرفتهم حتى من بعضهم البعض؟! وهل أولادها بصحة جيدة؟! كل هذا سنجيب عنه وأكثر الآن.
وتزوجت مريم أو (ماما أوغندا) – كما تحب أن يسموها - وهي في عمر الثانية عشرة فقط، وذلك بعد أن باعها والدها للرجل الذي تزوجها، وبعد تسعة أشهر ولدت بثلاثة توائم، وتكررت الولادات كل سنه (بالتوائم)، ليصل العدد إلى (50)، وتوفي منهم (6)، وذكر الطبيب أن مبايضها كبيرة بشكل غير عادي.
وفي تغذيتها لهذا الجيش (العرمرم) تستهلك يومياً (25) كيلوغراماً من الدقيق، وعشرة كيلوغرامات من الفول، وثلاثة كيلوغرامات من السكر، وبالطبع لا تدخل أصناف السمك واللحوم، أبداً للمنزل إلا مرتين كل عام، وأما الزوج فنادراً ما تراه الزوجة، فهو يأتي كل أسبوع بخزين الطعام وبعض الأموال، ومن ثم يغادر من جديد للعمل أو الهرب من جيش الأطفال، وحينما يحين وقت النوم بعد أن مارس الأطفال اللعب واللهو، يذهب الأطفال إلى أسرّتهم، كل (12) طفلاً في غرفة موزعين على (4) غرف، أسرّة بأدوار متعددة مصنوعة من الحديد، ومن لا يجد له سرير وقد أتى من اللعب متأخراً، يفترش الأرض، ويضع قطعة قماش لتحميه ولو قليلاً من برد وقساوة الأرض، مريم رغم الظروف الصعبة، تواظب على متابعة أطفالها طفلاً وطفلة، بل إنك ستتفاجأ بأنها تعلم جميع الأطفال وتهتم بهم، وتحلم أن يصبح أطفالها أطباء ومعلمين ومهندسين وعلماء، وهي تتعهد لكل من يزورها بأنه بعد عدة سنوات ستكون مثالاً يحتذى في العالم كله، حينما يرى العالم أن جميع أطفالها أصبحوا نوابغ متعلمين، بل إن أطفالها وعدوها بالتفوق والتخرج والعمل في مناصب مرموقة، ليحسنوا من مستوى عائلتهم وإخوانهم.