كنا نعرف أن لعنة الأعطاب، تطارد كتيبة المدرب وليد الركراكي، وكنا نعرف أن أغلب العناصر، تلعب بنسبة أقل من إمكانياتها، وكنا نعرف أن لدى المنتخب الفرنسي قوة لا يمكن تجاوزها بسهولة، منتخب «الديكة» جاء للدوحة من أجل الحفاظ على اللقب العالمي، ومعادلة إنجاز البرازيل بالتتويج مرتين توالياً.
ومع ذلك بقينا متفائلين، متشبثين بأمل مواصل رحلة التحدي، والإيمان بقدرات عناصرنا الوطنية، على تجاوز الصعاب، والعبور نحو النهاية... الحلم الذي ما زال حكراً على منتخبات قارتي أوروبا وأميركا اللاتينية.
البداية لم تكن أبداً موفقة؛ ارتباك وسط الدفاع، منح هدفاً مبكراً للفرنسيين، على غير العادة بهذا المونديال، فلأول مرة يدشن «أسود الأطلسي» مباراتهم متخلفين بهدف.
وبما أن المصائب - كما يقال - لا تأتي فرادى، فالمجريات حملت لنا خبراً سيئاً، تغيير اضطراري بسبب عجز غانم سايس عن المواصلة، ليدخل الركراكي تغييراً على مجموعته، بتعويض العميد بسليم أملاح، وبالتالي الرجوع لخيار أربعة لاعبين في الدفاع، ثلاثة في الوسط، ومثلها بالخط الأمامي.
مع بداية الجولة الثانية، ظهرت مرة أخرى لعنة الإصابات، خروج اضطراري آخر لنصير مزراوي، غير المكتمل الجاهزية، عوضه مرة أخرى يحيى عطية الله، وكأن قدر الظهير الأيسر لفريق الوداد البيضاوي البقاء بالاحتياط، وانتظار مستجدات الحالة الصحية للاعب بايرن ميونيخ الألماني!
دخل سليم أملاح، إلا أنه لم يكن سليماً هو الآخر من الناحية البدنية، ليضطر الركراكي لتغييره، وإدخال عبد الرزاق حمد الله، إلا أن هذا المستجد، لم يقدم شيئاً، والأمر نفسه بالنسبة لعبد الصمد الزلزولي وزكريا أبو خلال.
ورغم كل هذه العوامل غير المساعدة تماماً، فإن الفريق المغربي، قدم واحدة من أفضل مقابلاته بهذه البطولة، امتلك على غير العادة الكرة، سيطر... هدد... ضيع فرصاً سانحة لتعديل الكفة، إلا أن الضربة القاضية جاءت قبل عشر دقائق من نهاية المباراة، بهدف ثانٍ، قضى على ما تبقى من الأمل في إمكانية تحقيق التعادل.
بعد لعنة الأعطاب والإعياء وعدم اكتمال جاهزية المصابين، جاءت قرارات الحكم غير المنصفة، لتزيد من صعوبة المواجهة أمام الفريق المغربي؛ فكل تقارير المختصين، أجمعت على أن الحكم المكسيكي سيزار أرتورو راموس، حرم المغاربة من ضربتي جزاء واضحتين، واحدة خلال الجولة الأولى، بعد عرقلة سفيان بوفال وسط منطقة الجزاء، وعوض الإعلان عن ضربة جزاء مشروعة، فضل الحكم إنذار اللاعب المغربي، دون وجه حق.
وجاءت الثانية قبل دقائق من نهاية الجولة الأولى دائماً، بعد عملية مسك واضحة تعرض لها أملاح، وسط منطقة الجزاء، إلا أن الحكم تغاضى مرة أخرى عن الخطأ، دون تدخل تقنية الفيديو (الفار)، قصد التأكد من صحة العمليتين، وتنبيه حكم الساحة.
لكن، أمام «أسود الأطلسي» فرصة احتلال المرتبة الثالثة، خلال مقابلة الترتيب أمام المنتخب الكرواتي، المنافس السابق بالمجموعة السادسة، والذي افتتح معه المونديال، وسيختتمان معاً حضورهما في النسخة (22).
وكيفما كان الحال؛ فإن المنتخب المغربي قدم أروع الملاحم، قدم دروساً في الروح الوطنية العالية، شرف العرب والأفارقة، وكل الشعوب التواقة إلى ما أصبح يسمى بـ«العدالة الكروية».
تعرفون بماذا ختم الجمهور المغربي حضوره المكثف بملعب «البيت»؟، فعندما تأكد فوز المنتخب الفرنسي، فضل خلال ما تبقى من الوقت، ترديد النشيد الوطني «منبت الأحرار مشرق الأنوار»، في جو مفعم بالروح الوطنية العالية، والإشادة بالمجهود الذي بذل في كل مراحل هذا المونديال الاستثنائي.
صفق طويلاً، وجه تحية تقدير للاعبين والمدرب وكل الطاقم، وضرب موعداً السبت المقبل، على أمل تجاوز الإحباط، والمنافسة بقوة لاحتلال مكان بمنصة التتويج.
5:4 دقيقه
TT
هناك الإصابات والعياء لكن ماذا عن الحكم؟
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة