إيلي ليك وجوش روغين
TT

الجانب السري لاتفاق إيران النووي

سيتم حجب تفاصيل مهمة خاصة بالاتفاق النووي، يقول عنها باراك أوباما إنها سوف تضمن شفافية غير مسبوقة في برنامج إيران النووي، عن الرأي العام الأميركي والإيراني على حد سواء، وذلك بحسب خبراء نوويين. لم يتخذ المفاوضون في فيينا رسميا أي قرارات بشأن أجزاء الاتفاق، التي سيتم نشرها والإعلان عنها، والأمور التي سيتم إطلاع الكونغرس عليها دون الكشف عنها للرأي العام. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى لصحافيين خلال الأسبوع الماضي: «نحن نتوقع الإعلان عن نص اتفاق تفاهم سياسي وملحقاته، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن الحفاظ على سرية أي مرفقات أو وثائق أخرى». مع ذلك أخبرتنا مصادر مطلعة على المفاوضات أنه من المرجح أن تكون هناك أجزاء من الاتفاق المعقد، الذي يهدف إلى تخفيف العقوبات مقابل السماح بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية، يجب أن يتم الإبقاء على سريتها وحجبها عن الرأي العام. على سبيل المثال، من المرجح أن تكون التفاصيل المحددة لآلية تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومراقبتها للمنشآت الإيرانية سرية لعدم رغبة الوكالة في تقديم معلومات لناشري أسلحة نووية آخرين.
كذلك لن يتم الكشف عن أسماء علماء إيرانيين على صلة بالبرنامج والذين تود الوكالة إجراء مقابلات معهم. كذلك هناك احتمال أن تتم التغطية على بعض الفجوات العميقة بين الموقف الغربي والموقف الإيراني بتأويلات سرية من الجانبين لنص غامض في الاتفاق. وقد صرح آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، بأنه لن يتم تفتيش أي منشآت عسكرية، في الوقت الذي أكد فيه قادة غربيون وجود مثل هذه الرقابة. وربما يكون وجود تأويل سري هو الوسيلة لجسر مثل هذه الفجوة، والسماح لكلا الجانبين بحفظ ماء الوجه.
وأخبرنا ريتشارد نيفيو، الذي عمل مفاوضا أميركيا في المحادثات حتى فبراير (شباط) ويرأس حاليا برنامج الدولة الاقتصادي في جامعة كولومبيا، أنه لا يتوقع أن تكون الأجزاء الكبيرة من الاتفاق سرية، لكنه يتوقع أن يكون هناك بعض التأويلات والتفسيرات للنص الذي سوف تقدمه الإدارة إلى الكونغرس فحسب. مضيفا: «سيكون هناك تلاعب كبير بما يتم الاتفاق عليه؟ لا أعتقد أن هذا ممكن؛ ففي النهاية سيتم الإعلان عن أكثر تلك الأمور. ربما تكون هناك بعض الأمور التي يتم الإبقاء على سريتها أو التأويلات التي يتم توضيحها بشكل سري». وقال داريل كيمبال، المدير التنفيذي لاتحاد السيطرة على الأسلحة: «ربما لا يتم الإعلان عن بعض الأجزاء من الملاحق، ولكن هذا الأمر يختلف عن كونها سرية. سيتعين على الإيرانيين إطلاع المشرعين لديهم على الاتفاق فهم صناع القرار. وسيتعين على إدارة أوباما إطلاع المشرعين لديهم على الاتفاق أيضًا. أرجح أنهم سيكشفون لهم أكثر مما سيكشفون لأفراد الشعب لمثلي ومثلك».
أكد كل من كيمبال، ونيفيو، أهمية ضمان ألا يتسبب أي جزء لا يتم الكشف عنه للرأي العام من الاتفاقية في فشلها بمرور الوقت. وقال كيمبال: «يحتاج الطرفان إلى التأكيد على تحقيق مصالحهم الأساسية، وعدم وجود أي ثغرات خطيرة يمكن لأي من الطرفين استغلالها». وفي الوقت الذي ربما ترى فيه الإدارة ذلك الغموض أمرا ضروريًا، يشعر الكونغرس بالقلق. وكانت التفاصيل الكاملة للاتفاق المبدئي، الذي توصلت إليه القوى الست الكبرى مع إيران في نهاية عام 2013، سرية ولم يطلع عليها سوى المشرعين في غرفة اطلاع خاصة. هذه المرة أقرّ الكونغرس قانونا يلزم مسؤولي الإدارة بإطلاعه على كل البنود التي يتضمنها أي اتفاق مع إيران من أجل مراجعتها خلال فترة تتراوح بين 30 و60 يوما ويتحدد ذلك على أساس تسلم الوثائق قبل أو بعد 9 يوليو (تموز).
وقال جميل جعفر، الذي كان كبير المستشارين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حتى الشهر الماضي: «ظلت الإدارة تجري تلك المفاوضات لأشهر متواصلة بشكل سري، ثم سعت إلى إبرام الاتفاق استنادا إلى سلطة الرئيس وحدها دون عرضه للنقاش المجتمعي، أو للتصويت عليه في الكونغرس. والآن بعد ما أزاح الكونغرس هذا الخيار عن الطاولة، سيكون من المزعج، وإن لم يكن من المستغرب، استمرار الإدارة في محاولاتها التي تقوم بها منذ مدة طويلة للإبقاء على سرية البنود الأساسية من هذا الاتفاق بعيدا عن أعين الرأي العام».
حتى هذه اللحظة، يؤكد مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى على اعتزامهم الكشف عن كل الوثائق، والتفاهمات الخاصة بالاتفاق النووي للكونغرس؛ ومن المتوقع أن يفحصه المشرعون من الحزبين، كما أوضح أحدهم وهو بين كاردين، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس: «في حال التوصل إلى اتفاق نهائي، سيكون لزاما على كل أفراد الكونغرس عدم الحكم على الاتفاق دون معرفة كافة تفاصيله، بل سيكون عليهم مراجعته بدقة وحكمة».
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»