مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

مباراة حامية الوطيس

أحد الأصدقاء روى لي هذه الحادثة، ولم أسأله: هل هو بطلها أم غيره؟! ويقول:
توقفت أم سعيد أمام المحاسب في المول وفتحت حقيبتها لتدفع ثمن مشترياتها، لاحظ المحاسب وجود ريموت التلفاز في حقيبتها وسألها باسماً: هل تحملين دوماً الريموت؟ أجابت: لا ليس دائماً، ولكن أبو سعيد رفض الخروج معي للتسوق بسبب المباراة فعقاباً له أخذته. ضحك المحاسب، وقام بإرجاع جميع الأغراض التي اشترتها، فصُدمت بما رأت، وسألته عمّا يفعله؟ فأجاب ضاحكاً: زوجك قام بإلغاء بطاقتك، فأخرجت هي بطاقة زوجها من حقيبتها وأعطتها له. ومن سوء طالع أبو سعيد أنه لم يلغِ بطاقته الخاصة، وعندما حاول المحاسب إدخال البطاقة في الماكينة خرجت رسالة نصية تقول: «قم بإدخال الرمز الذي أرسلناه لهاتفك»، ابتسمت الزوجة وأخرجت ما يبدو أنه هاتف زوجها، وكانت الرسالة النصية مع الرمز على شاشته، واشترت الأغراض ورجعت للبيت، ولاحظت عدم وجود السيارة، وهناك ورقة على باب البيت تقول: «لم أستطع إيجاد الريموت، أنا ذاهب للشباب لمشاهدة المباراة النهائية». المشكل هنا أنه ذهب وأخذ أيضاً مفاتيح البيت معه، فعادت هي إلى السوق وصرفت رصيد البطاقة كلها على (المشتريات) ورجعت ومعها الحدّاد وغيَّرت القفل وتركته هو ينام عند أصحابه، وفازت هي عليه (بالضربة القاضية).
ولكن دعونا نَعُد (القهقرى) عدة قرون لنشاهد الفرق، وإليكم هذه النصيحة التي قدمتها عجوز (شوهاء) لأحد أقاربها المتزوجين قائلة له من دون مقدمات: عليك (بالسوط) –وكررتها ثلاث مرّات- ثم قالت: والله ما حاز الرجال في بيوتهم أشرَّ من الزوجة (الرعناء المدللة).
فرد عليها لكي (يُخرسها): والله لقد أدّبتُ فأحسنتُ الأدب، وريّضتُ فأحسنتُ الرياضة، ولا أذكر أنني أمسكت يوماً (سوطاً) بيدي. وصرفها قائلاً لها بأدب: توكلي على الله، وكتب هذه الأبيات يهجو الأزواج المتجبرين، ويفخر بزوجته:

رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشُلَّت يميني يوم تُضرب زينبُ
أأضربها من غير ذنب أتت به فما العدل منّي ضرب من ليس يذنبُ
فزينب شمسٌ والنساء كواكب إذا طلعت لم يبدُ منهن كوكبُ

والمرأة الكريمة لا تقبل الإهانة، فهذه عمرة التغلبية، لطمها زوجها لبيد الغساني، فخرجت من عنده غاضبة، وذهبت إلى قريبها كليب تستنجد به قائلة:

ما كنت أحسب والحوادث جمّة أنّا عبيد الحي من غسانِ
حتى علتني من لبيد لطمة سُجرت لها من حرّها العينانِ
إن ترض تغلب وائل بفعلهم نكُن الأذلّة عند كلّ رهانِ

فامتشق كليب سيفه، وذهب إلى لبيد وحطم جمجمته.