وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

مبادرة مستقبل الاستثمار... هل تغير شيء؟

تحتضن الرياض كل عام منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار الذي تحول قبل أعوام إلى مؤسسة تحاول نشر تعميق الحوار الإنساني والبحث عن حلول لكل الأسئلة الكبرى التي تواجهها البشرية. إن المنتدى الذي يستقطب إليه كبار المستثمرين ورؤساء الصناديق الاستثمارية وصناديق التحوط من كل أنحاء العالم دخل عامه السادس الشهر الماضي، ولكن لا يزال هناك العديد من الأشخاص الذين لا يرون التغييرات التي مر بها.
لقد كان هذا المنتدى في بدايته عبارة عن ملتقى استثماري ضخم للباحثين عن صفقات كبرى وعلاقات أقوى وأفضل مع صندوق الاستثمارات العامة ومكان يشهد إعلانات قوية من قبل الصندوق، أما الآن فقد أصبح المنتدى حاضنة فكرية للحديث عن الكثير من الأمور المستقبلية التي تهم العالم ولكن للأسف لا تهم العديد من الحاضرين. قد يقول البعض إن المنتدى لم يتغير كثيراً منذ بدايته إلا أني أرى أن الوضع تغير، على الأقل أصبح مكاناً لعرض ما يمكن للسعودية أن تساهم به من حلول في تنمية العالم.
للأسف المنتدى تغير بصورة واضحة إلا أن عقليات الكثير من مرتاديه لا تزال كما هي، ويعتبرونه نادياً مغلقاً حصول الشخص على دعوة إليه بمثابة الاعتراف بأهميته في المجتمع والنظام المالي والمصرفي والاستثماري.
بالنسبة لي فإن أحد أبرز التغييرات التي أراها جوهرية هي وجود سيارة «لوسيد» الكهربائية التي سيتم تصنيعها في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية على ساحل البحر الأحمر. ولو لم يكن في هذا المنتدى سوى سيارة لوسيد فهذا يكفي كدليل على التغير الذي شهده. إن عرض «لوسيد» في المنتدى أمر مهم لأنه يرسل رسالة قوية بأن السعودية ليست الدولة التي تضخ ملايين البراميل النفطية في السوق وحسب بل دولة تفكر في المستقبل وتساهم في تغييره حتى ولو كان من خلال مشروع مثل تصنيع «لوسيد» في السعودية.
إن قصة «لوسيد» تختصر الكثير من التحولات، فهي دليل على تطور صندوق الاستثمارات وقدرته على الدخول في مشاريع جريئة، ودليل على اهتمام المملكة بتنويع مصادر الدخل وكذلك على الاستثمار في التقنية اليوم من أجل إيجاد حلول للمستقبل.
هذا لا يعني أن المملكة ستهجر عالم النفط ولكنها ستستعد لعالم ما بعد النفط من الآن. سيارة «لوسيد» جميلة وقوية ولكنها ستخدم شريحة معينة من المجتمع نظراً لارتفاع سعرها إذ تتراوح بين 87 ألفاً إلى 170 ألف دولار. قد لا تكون الخيار الأول لمحبي السيارات الكهربائية ولكنها ستوفر حلولاً كثيرة للصندوق، إذ إنها ستساهم في بناء قاعدة تصنيع للسيارات وستساهم في زيادة وتيرة الأعمال في مدينة الملك عبد الله التي أوشكنا على نسيانها بعد 17 عاماً من انطلاقها.