رسالة جديدة للعالم تخبر عن المسيّرات التي ترسلها طهران إلى روسيا من الطراز نفسه الذي يستخدمه الحوثيون في اليمن عند استهداف منشآت نفطية في السعودية والإمارات، حينها لم يكن هناك على الصعيد الدولي سوى إدانة غير مباشرة للعبث الإيراني، ولم يحرك الغرب ساكناً، فكيف أضحت «الدرونز» الإيرانية اليوم سلاحاً فتاكاً؟ هل رؤية المشكلات الدولية والحلول لها علاقة بالمشاعر؟ وما الوسائل التي يمكن لواشنطن أن تستخدمها في مواجهة هذا التحدي الإيراني؟
غالباً ما تتحدى الحقيقة ما تسمعه في العديد من الأماكن في الوقت الحاضر، لذلك استنفر العالم من أجل أوكرانيا واعترفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأن «إيران متواطئة في تصدير الإرهاب إلى الشرق الأوسط وأوكرانيا»... يا له من أمر كان بالأمس حواراً وجدالاً مزيفاً لأن الأهداف الإيرانية متوافقة معهم، من خلال توفير الأسلحة والتدريب والأموال والتوجيه، لـ«حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، والميليشيات العراقية والمتمردين الحوثيين في اليمن المعروفين باسم جماعة «أنصار الله».
لذا تكمن رؤية التغيير في السياسة الأميركية بعد نتائج الحرب الروسية الأوكرانية، ونقول قد تعمل على إزالة العقبات وتستبدل بالأشرعة الممزقة أشرعة جديدة، ومسرح الأحداث لن تحكمه تلك العلاقة الغامضة التي تسببت في الكثير من المتاهات والدهاليز المتشعبة والسلبية، ولن تتجاهل سياسة إيران القائمة على تصدير الثورة، وزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة، ولن تقبل بالكثير من المستجدات حول تخصيص مليارات الدولارات لصناعة الأسلحة النووية والصواريخ والمسيّرات الإيرانية تحت المجهر الغربي.
نفهم مما سبق، أن نظام طهران يرفض الالتزام وأنه منخرط في تقديم طائرات «الدرون» لروسيا في استهداف قوات عسكرية ومحطات الطاقة الأوكرانية وتتحدى الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة بشكل مباشر إلى كييف، حتى بعد التحرك البريطاني والأوروبي لفرض عقوبات جديدة ضد الكيانات التي تزود روسيا بالطائرات، فهل هو الضعف الأميركي على الساحة الدولية، أم هو غض الطرف عن إيران؟
فهي تموّل الحوثيين بالمال والسلاح ردحاً من الزمن، ولم يكن لواشنطن رد فعال يستخدم لمواجهة التحدي الإيراني، بل اكتفت واشنطن آنذاك بتحديد مواقع الأماكن التي أطلقت منها الطائرات المسيّرة لاستهداف «أرامكو» ومن ثم أكدت أنها من إيران، تعرض خلالها في 2019 معمل بقيق السعودي الذي يعد أكبر محطة لمعالجة النفط في العالم لهجوم بعدد كبير من الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز، وفي الوقت نفسه تعرضت منشأة خريص النفطية لهجوم مماثل، ما أدى إلى تراجع إنتاج السعودية من النفط إلى النصف، إضافة إلى إلحاق دمار كبير في المنشأتين.
الإدارة الأميركية لم تولِ هذه المشكلة أساساً أهمية أو تبذل جهداً لمعالجتها، سوى رفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب، بعدما قرر حينها الرئيس الأميركي جو بايدن إلغاء قرار سلفه، بحجة إفساح المجال، لتسوية الصراع في اليمن، قابلته انتقادات داخلية ودولية، لا سيما أن الحوثيين وقبل ستة أيام فقط من تلك الخطوة، استهدفوا مطار أبها الدولي، وتجاهل مصدر هذه المسيّرات من دون توجيه أي إشارة إلى تجريم طهران.
ولا يزال الجيش اليمني يعترض طائرات مسيّرة حوثية استهدفت ميناء نفطياً، ورسائل احتجاج لمجلس الأمن بشأن هجوم الحوثي على ميناءين نفطيين، وإلى الآن لم يتم أي إجراء يذكر سوى الإدانة، علماً بأن تداعيات الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط تشكل تهديداً على الأمن والسلم.
فعندما تأتي لحظة الحقيقة لا بد أن نرويها بطريقة واضحة ودرامية، فهل يدفع العالم ثمن صراع جيوسياسي، لا علاقة له به، بين الأسلحة والقوة العسكرية والمنافسات القائمة وتحول تاريخي بين طرفين يتحدث كل منهما عن نظام عالمي جديد، وتحرك سياسي غربي لا يتغير مع مرور الزمن؟!
8:32 دقيقه
TT
إرهاب إيران يصل إلى عقر دار أوروبا
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة