ليونيل لورانت
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

«كوينباس» وبدء تنظيم تداول العملات المشفرة

قبل أيام، أعلن كبير محامي شركة «كوينباس» الأميركية للعملات الرقمية رفضه القاطع لادعاءات لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أن الرموز الرقمية التي تقدمها لعملائها كانت في الواقع أوراقاً مالية غير مسجلة؛ إذ صرح المحامي باول غرويل في منشور بإحدى المدونات بأن «شركة كوينباس لا تقوم بإدراج أوراقها المالية»، واختتمها بعبارة «نهاية القصة».
هل هي حقاً نهاية القصة؟ بالنظر إلى أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قد فتحت تحقيقاً في أنشطة «كوينباس» للعملات الرقمية، حسب وكالة أنباء «بلومبرغ»، فإن هذا يبدو أشبه ببداية أسئلة صعبة حول نماذج أعمال منصات التشفير وآفاق أرباحها المستقبلية وسط انهيار عنيف في الأسواق. فالثرثرة الخيالية حول العملات المشفرة على وشك أن تخضع للتدقيق بأساليب من المحتمل أن تغيّر سوق العملات الرقمية بدرجة كبيرة.
ومع تخوف المستهلكين من الخسائر وخوف السياسيين من رد الفعل العكسي، هناك المزيد من الضغط على المنظمين للسيطرة والتأكد من اتّباع قواعد السوق. ولدى الجهات الرقابية مثل رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، غاري غينسلر، الكثير من الأهداف التي تتسم بالخداع، منها مثلاً منتجات الإقراض الشبيهة بالبنك التي لا تخضع لإشراف البنوك، وبدائل الدولار الرقمية غير المدعومة بالدولار، وأماكن التداول غير المسجلة في البورصات، ورموز الاستثمار التي تقول إنها ليست أوراقاً مالية. قد تجد شركة «كوينباس» صعوبة في الهروب من المزيد من الرقابة نتيجة لذلك. فحتى من دون الحكم المسبق على نتيجة هذه الحالة تحديداً، فإن ملف الاكتتاب العام الأولي الخاص بـ«كوينباس» يوضح بالفعل أن احتمالية تصنيف الأصول المشفرة كأوراق مالية تنطوي على «درجة عالية من عدم اليقين»، وأن جهودها لتقييم مخاطر أمر معين لا تعني اعتبار الرمز المميز آمناً وأن المنظمين سيوافقون عليه. عندما رفعت هيئة الأوراق المالية والبورصات دعوى قضائية تزعم أن «ريبل» كانت شركة أمنية في عام 2020، بدا أن «كوينباس» تتقدم في القضية من خلال تعليق الرمز المميز المستخدم لدخول منصتها.
نحن نعلم آراء لجنة الأوراق المالية والبورصات بشأن بعض الرموز الأخرى التي تعتقد أنها تناسب تعريف الأمان -بما في ذلك أنظمة عملات «XYO» و«باور ليدر» و«AMP» التابع لشركة «فليكسا»، وذلك لأن هيئة الرقابة أعلنت ذلك بعد القبض على موظف سابق في شركة «كوينباس» يقال إنه قام بتبادلها باستخدام معلومات داخلية. وجرى رصد التداولات غير المعتادة ونشرها لأول مرة أحد مستخدمي «تويتر». ما تدافع عنه شركة «كوينباس» بوصفها «عملية اجتهاد صارمة» تحافظ على سلامة المستهلكين والأوراق المالية خارج المنصة، يجري تصويره من لجنة الأوراق المالية والبورصات على أنه ليس كذلك على الإطلاق.
ولا يعد هذا أمراً وجودياً أو فادحاً لمنصات العملات المشفرة. فعندما طاردت «هيئة الأوراق المالية» والبورصات الأميركية منافستها «بولونيكس» العام الماضي لتشغيل بورصة غير مسجلة، كانت التسوية بمبلغ 10.4 مليون دولار فقط، ويمكن لشركة «كوينباس»، بإيرادات عام 2021 البالغة 7.4 مليار دولار، دفع تلك الغرامة من دون أي عناء يُذكَر. ولكن إذا أدى التدقيق إلى تحويل «كوينباس» إلى كيان أكثر تواضعاً أو تنظيماً فإن ذلك سيهدد نموذج أعمالها المتمثل في انتزاع أرباح ضخمة من الملايين من المغامرين الذين يتطلعون إلى الثراء بالعملات المشفرة.
من الواضح أن «كوينباس» تفضّل إجراء نوع مختلف من النقاش، حيث تشارك بطريقة ما مع المنظمين للموافقة على قواعد جديدة، بدلاً من السعي الحثيث لإثبات أنها تتبع الإجراءات والبروتوكولات الحالية. على سبيل المثال، عرضت مذكرة صدرت في 21 يوليو (تموز) من كبير جماعات الضغط، فاريار شيرزاد، خطة لإصلاح القوانين التي تعود إلى قرن من الزمان والتي يُزعم أنها فشلت في استيعاب السوق الآلية «اللامركزية القائمة على التشفير».
لكنّ هذا يبدو منفصلاً عن حقيقة عيوب سوق العملات المشفرة اليوم. فقد حذّر الرئيس السابق للجنة تداول السلع الآجلة، تيموثي ماساد، ذات مرة من أن الاكتتاب العام في «كوينباس» قد يستفيد من «وهم التنظيم». والمفارقة هي أن نجاح الشركة جعلها أداة مانعة للإنفاذ، كما رأينا العام الماضي عندما أوقفت «كوينباس» أحد منتجات الإقراض بعد ضغط «لجنة الأوراق المالية». وشأن شركة «بيغ تيك» قبل ذلك، فقد أصبح التشفير كبيراً بما يكفي ومهماً بما يكفي لمواجهة أول نظرة تنظيمية عن قرب.