حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

هل يترك الإخوان السياسة؟

أثارت تصريحات إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر جدلاً، بعد أن قال إن الجماعة لن تخوض صراعاً جديداً على السلطة.
بعض المحللين يرى أن هذا التصريح لا يعدو أن يكون مناورة ومراوغة، إذ لا يمكن تصديق أن جماعة تتربع على قمة الإسلام السياسي وتتنفس السياسة، وتشرب وتأكل سياسة أن تترك المنافسة على السلطة السياسية، وهي إحدى غاياتها الكبرى وأس أدبياتها. وآخرون قالوا إن الضربة الموجعة التي تلقتها الحركة بعد إطاحتها بقادتها في مصر من هرم السلطة إلى قاع المعتقلات وتيه المنافي ومسار المحاكمات وانكفاء الناس عنها وعن أطروحاتها، هو الذي جعلها تعيد النظر في خططها الاستراتيجية، ومنها الانسحاب من الصراع على السلطة في مصر.
وفي كل الأحوال فإن الحقائق على الأرض تقول إن حركة الإخوان في مصر التي نجحت على مدى 90 سنة في مد نفوذها الاجتماعي والفكري والتربوي، فشلت فشلاً ذريعاً في المجال السياسي، حين ولجت مسار الوصول إلى السلطة عبر موجة الثورات العربية وحين وصلت للسلطة.
بل إن الفشل الأهم لحركة الإخوان المسلمين في تقديري هو عدم قابليتها للتغيير، مثل إصرارها على الاحتفاظ بمبدأ «البيعة» للمرشد، حيث يقول خصوم جماعة الإخوان المسلمين وحتى غير خصومها، إن البيعة أحدثت ارتباكاً في الجهة التي يُقدم لها الولاء والطاعة، هل هي لحاكم البلاد السياسي أم لمرشد الجماعة الديني؟ واتضحت هذه الازدواجية بصورة جلية حين انتخب محمد مرسي رئيساً لمصر، فقد احتارت قطاعات كبيرة في الشعب المصري حول حقيقة من يدير البلاد حينها، الرئيس مرسي في قصر الرئاسة؟ أم «المرشد العام» في المقطم؟
كما يُعرف عن حركة الإخوان المسلمين ومن دار في فلكها من أسماء مختلفة، كثرة انتقاداتهم للمناهج التربوية وما تحتويه من «أخطاء تربوية وأخلاقية تؤثر في سلوك النشء والشباب من الجنسين»، ولكنهم في المقابل قليلا ما يلتفتون إلى تنقية أدبياتهم ومناهجهم من مصطلحات «ثورية وجهادية» كانت موجودة حين كان أفرادها يشاركون في مقاومة المستعمر، ولكنها بقيت في أدبياتهم فصارت تشحن بها أتباعها ضد القيادات السياسية في العالم العربي والإسلامي، فساهمت، بالإضافة إلى عوامل أخرى، في ظاهرة التكفير وتعزيز فكر الخروج على الحكام ونزع اليد من طاعتهم، مما هو مناف للأدبيات الشرعية الإسلامية الصريحة في (السمع والطاعة للحاكم في المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله) وغيرها من النصوص المستفيضة المعروفة.
يجب أن يدرك الإخوان المسلمون ومعهم قواعدهم والمتعاطفون معهم أن الحركة ببلوغها التسعين عاماً قد ترهَّلت، وأنه يسري على حركتهم وعلى أي حركة فكرية ما يسري على البشر والدول: فتوة وقوة ثم كهولة وهرم، وأنه ما لم تتغير وتتطور وتراجع وتعترف بالأخطاء وتعدل مسارها، فإن التغيير سيجرفها.
وللحديث تتمة.