علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

آه يا عرب

زيارات القادة العرب لبعضهم تُدخِل الأمل في أنفس الشعوب العربية بأن هناك أملاً نرقبه لتحسين أوضاع الشعوب المعيشية العربية وفي الإقليم بصفة عامة، فنحن نعيش في نطاق جغرافي نأمل أن يتحسن للأفضل.
وللأسف نحن نعيش أسوأ أوضاعنا التاريخية، والشعوب تتطلع لتغيير هذا الوضع المأساوي.
زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لكل من القاهرة وعمّان وأنقرة تأتي في هذا الإطار، فإلى جانب بُعدها الاقتصادي، هناك بعدٌ سياسي هو الأهم في هذه الزيارات، وزيارات القادة يكون برنامجها مُعداً في السابق ومُتفقاً عليه حتى وإن كانت هذه الزيارات طارئة ولم يُعد لها إلا قبل سُويعات من حدوثها، لذلك فلا شيء مفاجئاً في هذه الزيارات في الغالب، فالاتفاقيات مُعد لها في السابق ونصوص الاتفاقيات مكتوبة في السابق ولا ينقصها سوى التوقيع.
المؤلم أن يخرج بعض المزايدين من الإعلاميين سواء كان ذلك من تلقاء أنفسهم أو أنهم مدفوعون من جهات أخرى، وهدفهم أن يقولوا إن ما تقدمونه واجب يجب أن يفعل وليس فضلاً يجب أن يشكر.
ومع ذلك فالقافلة تسير بعيداً عن ضجيج هؤلاء لتوقيع الرياض والقاهرة مجموعة اتفاقيات بلغ حجمها 7.7 مليار دولار، وهو أمر متوقع ومتفق عليه ونصوصها قد طبعت وجف حبرها قبل أن يكتب هؤلاء هراءهم.
هذه المزايدات لا تتفق مع أدنى حدود اللياقة الأخلاقية ولكن هذا ما حدث.
هذا يقودنا إلى معرفة سبب فشل المشروعات العربية المشتركة؛ حيث إن الاتفاقيات يجب أن تكون في مصلحة الطرفين وأن يكون الكل رابحاً ليستمر العمل الاقتصادي المشترك في المشروعات المشتركة بدلاً من أن يتعثر ويقف عند حد معين لا زيادة فيه.
الخبراء يقولون «ليست هناك موارد غير كافية ولكن هناك إدارة سيئة»، ومن السوء أن تتم المزايدات على مشروعاتنا العربية ومِنحَنا ومساعداتنا الأخوية.
حينما تكون رؤية الإدارة التنفيذية سيئة وتنظر للاستثمار العربي على أنه «كيكة» يجب أن تؤكل، فإن ذلك يقود لتجارب فاشلة يجعل الممول يقف عن التمويل لنفقد مشروعات مستقبلية توظف البشر وتمحو البطالة أو على أقل تقدير تقلل من أعدادها. مثل هذه المزايدات تجعلنا نأخذ نفساً عميقاً ونقول «آه يا عرب متى نفيق؟!!!!!!».
على أي حال، فإلى جانب نجاح زيارة ولي العهد للعواصم الثلاث اقتصادياً، فإن هناك نجاحاً سياسياً هو أهم من النجاح الاقتصادي قد تتبين معالمه بعد مدة، فلا نتعجل النتائج، فالبناء مهمة شاقة تأخذ وقتاً طويلاً لتتضح نتائجه. ودمتم.