أسلوب جديد لزراعة الكلى لدى الأطفال

خلايا جذعية وكلية آبائهم المتبرعين منحتهم مناعة أقوى

أسلوب جديد لزراعة الكلى لدى الأطفال
TT

أسلوب جديد لزراعة الكلى لدى الأطفال

أسلوب جديد لزراعة الكلى لدى الأطفال

في سابقة سوف تفتح باب الأمل بشكل كبير أمام مرضى الفشل الكلوي، ذكرت دراسة جديدة أن العلماء نجحوا في زراعة الكلى بنجاح لثلاثة من الأطفال الصغار (اثنان منهم أخوة أشقاء)، بدون الحاجة لاستخدام الأدوية المثبطة للمناعة (Immune - Suppressing Drugs).
وتستخدم هذه الأدوية بشكل روتيني في حالات زراعة الأعضاء بشكل عام وحالات زراعة الكلى بشكل خاص، باعتبارها أشهر عضو يتم نقله بدون مضاعفات عنيفة منذ عدة عقود، خصوصاً في الأطفال. ولم يقتصر التبرع الذي قام به أحد الآباء على مجرد الكلى، بل على نظام مناعي كامل يمكن الجسم من العمل بشكل طبيعي.
وقد نشرت الدراسة التي أجراها فريق طبي من جامعة ستانفورد (Stanford University) بالولايات المتحدة في منتصف شهر يونيو (حزيران) الحالي في النسخة الإلكترونية من دورية «نيو إنغلاند» الطبية (the New England Journal of Medicine).

- زراعة ومناعة
وتعد هذه الزراعة في الأطفال نصراً علمياً كبيراً، لأنها حدثت دون الاحتياج لأدوية مثبطة للمناعة. وفي العادة، فإن المريض الذي يحتاج لزراعة عضو معين، سواء كان طفلاً أو شخصاً بالغاً يحتاج لتناول الأدوية المثبطة للمناعة لبقية حياته لتأمين الوصول إلى الكيفية التي يعمل بها الجهاز المناعي بشكل طبيعي. ومن المعروف أن الجهاز المناعي بعد زراعة أي عضو يقوم بمهاجمة الأنسجة الجديدة، لأنها غريبة عن النسيج الطبيعي للخلايا الموجودة. وأثناء محاولة الخلايا المناعية لحماية الجسم، تقوم بتدمير العضو الجديد، ولذلك يحتاج المريض إلى أدوية تحد جزئياً من نشاط الجهاز المناعي حتى لا يتم تدمير هذا العضو الجديد. وهذه الأدوية رغم أهميتها الكبيرة إلا أنها تضعف من مناعة الجسم بشكل عام.
أوضح العلماء أن الطريق لا يزال طويلاً لاعتبار هذه الطريقة بمثابة بروتوكول علاجي ثابت في كل حالات زراعة الكلى للأطفال. ولكن الدراسة أثبتت إمكانية تحقيقه، وبالتالي التخلص من الأدوية المثبطة وآثارها الجانبية الكبيرة، أهمها زيادة فرص الإصابة بأنواع متعددة من العدوى والمعاناة منها مهما كانت بسيطة بالنسبة للطفل العادي. ومع ضعف المناعة يكون الجسم معرضاً للإصابة بأنواع السرطانات المختلفة، فضلاً عن مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض الأخرى، بجانب أن هذه الأدوية (المثبطة للمناعة) لها تأثير ضار على الكلى التي تم نقلها أيضاً، ومع الوقت يمكن أن تؤدي إلى فشل في وظائفها وتلف خلاياها والاحتياج لزراعة من جديد، وبالتالي فإن الاستغناء عن هذه العقاقير يطيل عمر الكلى التي تمت زراعتها في المقام الأول.
من المعروف أن محاولات التخلص من هذه الأدوية بدأت منذ عدة سنوات، وتم استخدام عدة أساليب لتقليل الاعتماد عليها، وأحد هذه الأساليب كان من خلال زرع الخلايا الجذعية (stem cells) من المتبرع نفسه بالأعضاء، وهذه الخلايا الجذعية تكون بدائية، وتتحول إلى خلايا ناضجة يحملها النخاع العظمي، لتصبح أنواعاً مختلفة من خلايا الدم، بما في ذلك الخلايا المناعية نفسها، التي تقوم بحماية الجسم من العدوى الخارجية وتسمى الخلايا اللمفاوية (lymphocytes).
ولذلك فإن عملية زرع الخلايا الجذعية من متبرع بالأعضاء تزود المتلقي بشكل أساسي بجهاز مناعي جديد، يجب أن يتعرف على العضو الذي تم نقله، وبالتالي لا يقوم بتدميره. ولكن كانت المشكلة دائماً في أن الجهاز المناعي الجديد ربما لا يهاجم العضو المزروع، لأنه من النسيج نفسه، ولكن في المقابل يمكنه أيضاً مهاجمة جسم المتلقي مما يتسبب في رد فعل عنيف يمكن أن يؤدي إلى متاعب صحية كبيرة تصل إلى الوفاة (graft - versus - host disease) أو اختصاراً (GVHD).

- خلايا جذعية
في هذه المحاولة، قام العلماء بتطوير الخلايا الجذعية المناعية التي تتم زراعتها وتعديلها جينياً، والعمل على تكسير خلايا معينة هي المسؤولة بشكل أساسي عن حدوث التفاعلات المناعية، التي تؤدي إلى رفض العضو المنقول، وبذلك تكون عملية الزراعة أكثر أماناً، حيث تلقى جميع الأطفال الثلاثة في الدراسة الحالية الخلايا الجذعية المعدلة من آبائهم المتبرعين قبل زراعة الكلى. وبعد فترة قصيرة امتدت من خمسة إلى 10 أشهر حصلوا على الكلية نفسها.
ومن هؤلاء الثلاثة أصيب طفل واحد فقط بأعراض خفيفة لمتلازمة رد فعل الجسم (GVHD) لكن تم علاجه بالأدوية. وخلال فترة التجربة عاش الأطفال الثلاثة بكلية تعمل بكامل كفاءتها كأي طفل طبيعي، لمدة تتراوح بين 22 و34 شهراً بدون عقاقير مثبطة للمناعة.
أعرب الباحثون عن أملهم أن تساهم هذه الطريقة في علاج بعض الحالات التي تتطلب زراعة أعضاء للأطفال، سواء الذين يعانون من أمراض مناعية تدمر الكلى، وتسبب تلفها عن طريق الجينات الوراثية من الآباء، وهو الأمر الذي يستلزم الزراعة في بعض الأحيان، أو الذين تمت زراعة كلية لهم بالفعل، وتم رفضها من الجسم بسبب رد فعل الجسم العنيف للعضو الجديد.
الجدير بالذكر أن هذه التقنية التي أطلق عليها الباحثون اسم «DISOT» لزراعة الأعضاء حصلت على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لعلاج المرضى الذين يعانون من حالات معينة تؤثر على الكلى.
ويتوقع الفريق أن البروتوكول الجديد سوف يحل بديلاً علاجياً للعديد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى زراعة الكلى، كما يخططون أيضاً لتجربتها في عمليات زرع الأعضاء الأخرى مثل البنكرياس. ولكن في البداية سوف تكون التجارب على الأطفال والمراهقين، ولاحقاً في المرضى كبار السن بعد أن يثبت نجاح التجربة بشكل قاطع، نظراً لضعف المناعة للمرضى.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

صحتك التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

كشف كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا عن أن «الصحاري الغذائية» في المدن إلى جانب إعلانات الوجبات السريعة تتسببان في عيش الأطفال حياة «أقصر وغير صحية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة جديدة تشير إلى إمكانية علاج مرض قصور القلب (ميديكال إكسبرس)

علاج ثوري جديد لقصور القلب... والتعافي غير مسبوق

تاريخياً، عُدَّت الإصابةُ بقصور القلب غير قابل للعكس، لكن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن هذا قد يتغير يوماً ما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)
التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)
TT

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)
التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)

كشف كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، البروفيسور كريس ويتي، في تقريره السنوي، عن أن «الصحاري الغذائية» في المدن إلى جانب إعلانات الوجبات السريعة تتسببان في عيش الأطفال حياة «أقصر وغير صحية».

ووفقاً لما أوردته وكالة الأنباء البريطانية «بي إيه ميديا»، تحثّ دراسة ويتي الحكومة وصناع السياسات المحليين على التصدي للأسباب الجذرية للغذاء غير الصحي في مدن إنجلترا، بما في ذلك التوفر المرتفع للأغذية الغنية بالدهون والسكر والملح، وحقيقة أن الطعام الصحي، حسب السعرات الحرارية، «يكاد يكون أغلى مرتين من الطعام غير الصحي»، ما يجعل الأسر الفقيرة الأكثر تأثراً.

وجاء في التقرير أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال والأسر في المناطق الواقعة بوسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة ميسرة في المحال والمطاعم المحلية و«يتعرضون بشكل غير متناسب لإعلانات الطعام غير الصحي».

ووجدت الدراسة أن أربعاً من بين كل خمس لافتات خارجية في إنجلترا وويلز توجد في الأماكن الأكثر فقراً و«الكثير منها يروج للأطعمة السريعة»، بينما غالباً ما تكون الأماكن الأكثر فقراً «متخمة بمنافذ الأطعمة السريعة الفعلية والافتراضية».

وقال ويتي: «التغيير الملموس لبيئات الطعام ممكن»، بحلول تشمل وضع أهداف مبيعات للأطعمة الصحية في الشركات وفرض ضرائب معينة على الأطعمة غير الصحية وجعله لزاماً وليس طواعية على الشركات الإبلاغ عن أنواع وأحجام الطعام الذي تبيعه.

وأكد التقرير أن الأماكن التي يذهب الناس للتسوق فيها، خاصة الأسر ذات الدخول المنخفضة، غالباً ما تكون مشبعة بخيارات غذائية غير صحية.

وأضاف: «هذا يعني أن الصحة الهزيلة المرتبطة بالغذاء لا يعاني منها الأطفال والأسر والمجتمعات بالتساوي عبر البلاد، إذ إن الأطفال والأسر الذين يعيشون في المناطق الأكثر عوزاً هم الأشد تضرراً من النظام الغذائي، إذ إن غالباً ما تكون الخيارات غير الصحية هي الأكثر إتاحة».