ليزا جارفيس
TT

الأطباء لا يزالون يجهلون حقيقة «باكسلوفيد»

خلال الشهر الذي مرّ منذ آخر مرة كتبت فيها عن ندرة البيانات المتعلقة بفوائد «باكسلوفيد» لمرضى «كوفيد ـ 19» الذين حصلوا على اللقاح وأصغر سناً، ارتفعت معدلات الإصابة بدرجة بالغة، وصاحب ذلك ارتفاع هائل في وصف «باكسلوفيد». وبحلول الأول من يونيو (حزيران)، جرى صرف أكثر من مليون جرعة من هذا العقار داخل الولايات المتحدة.
وتكشف الأرقام عن أن قرابة ثلث هذه العبوات جرى وصفها منذ 17 مارس (آذار). وفي الوقت الراهن، فإن قرابة ما يصل إلى نصف مرضى «كوفيد - 19» يحصلون على أدوية مضادة للفيروسات، على رأسها «باكسلوفيد» من إنتاج «فايزر»، تبعاً لتقديرات عمر رافات، المحلل لدى مؤسسة «إيفركور».
ومع ذلك، نجد ثمة بطئاً في إصدار الدراسات المعنية بفهم أي المرضى الذين يستفيدون من العلاج وأيهم لا. وعليه، لا تجد الجهات التنظيمية أمامها سوى الاعتماد على البلدان الأخرى للحصول على بيانات حول مدى جودة أداء هذا الدواء على أرض الواقع.
من جهتها، سمحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية باستخدام «باكسلوفيد» لأي شخص يبلغ 12 عاماً أو أكثر حال تشخيص إصابته بـ«كوفيد - 19» حديثاً ويواجهون مخاطرة الإصابة بمرض شديد. وتتضمن هذه العوامل حالات مثل السكري والسمنة؛ ما يعني أنها تشكل شريحة واسعة من السكان.
تشير دراسة جديدة من إسرائيل إلى أن قلة قليلة من هؤلاء المرضى يستفيدون بالفعل من عقار «باكسلوفيد».
من ناحيتهم، أراد الباحثون الإسرائيليون فهم ما إذا كان الدواء فاعلاً على وجه التحديد ضد «أوميكرون» لدى الأشخاص الذين يبلغون من العمر 40 عاماً أو أكبر والمعرّضين لخطر الإصابة بأمراض خطيرة. إلا أن الدراسة التي أجروها لم تجر مراجعتها بعد، وتنطوي على بعض القيود: هذه دراسة قائمة على الملاحظة، أي نظرة إلى الوراء في السجلات داخل نظام رعاية صحية ضخم، وليس تجربة إكلينيكية تعتمد على دواء وهمي «بلاسيبو». والملاحظ كذلك أن النتائج التي جرى جمعها حول المرضى الأصغر سناً الذين تلقوا اللقاح أقل حسماً من المؤشرات المرتبطة بالمرضى الأكبر سناً.
إلا أنه حتى مع أخذ هذه القيود في الاعتبار، فإن النتائج تدعو إلى التساؤل عن مدى حكمة هذا التدفق الحر لـ«باكسلوفيد» داخل الولايات المتحدة.
من الواضح للغاية أن الدواء يساعد على إبقاء كبار السن أو غير الملقحين أو غير الملقحين الذين أصيبوا بفيروس «كوفيد - 19» من المستشفى. وفيما يخص الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر، قلل «باكسلوفيد» من خطر دخول المستشفى بنسبة 67 في المائة والوفاة بنسبة 81 في المائة. ويؤكد هذا الدليل الواقعي ما توصلت إليه «فايزر» خلال التجارب السريرية التي أجرتها قبل اجتياح «أوميكرون».
ومع ذلك، يبدو أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و65 عاماً لا يستفيدون من العقار. وحتى أولئك المنتمون إلى المجموعة الأكبر سناً الذين سبق أن تعرضوا للفيروس من خلال التطعيم أو العدوى السابقة أو كلاهما عاينوا فائدة صغيرة نسبياً من «باكسلوفيد».
ويبقى السؤال: لماذا يتحسن بعض الأشخاص الذين يتناولون «باكسلوفيد»، ليفاجأوا بعودة المرض مجدداً؟ على ما يبدو، لا تحدث هذه الحالات إلا في نسبة صغيرة فقط من المرضى، ولكن بالنظر إلى معدلات الوصفات الطبية الحالية، فإن ذلك يصل إلى آلاف الأشخاص.
من ناحيته، قال ألبرت بورلا، الرئيس التنفيذي لشركة «فايزر»، الأربعاء، إن هذه الارتدادات لا يبدو أنها ناجمة عن اكتساب الفيروس مقاومة للعقار. وبدا بورلا واثقاً من أن المقاومة لن تكون مشكلة على المدى القريب؛ لأن «باكسلوفيد» يُعطى بجرعة تكبح الحمل الفيروسي بسرعة، وتستهدف بروتيناً بطيء التغيير.
من ناحيتها، تخطط «فايزر» حالياً لإجراء تجربة للتحقق مما إذا كان إعطاء جرعة ثانية من «باكسلوفيد» فاعلاً في علاج حالات الارتداد. أيضاً، تخطط المعاهد الوطنية المعنية بالصحة هي أيضاً دراسة مسألة الارتداد، لكن لم تفصح أي من المؤسستين عن موعد بدء هذه التجارب.
وشكّل «باكسلوفيد» إضافة قوية إلى ترسانة التصدي لـ«كوفيد - 19»؛ ذلك أنه يحمي كبار السن، خاصة الذين لم يحصلوا على اللقاح، من البقاء في مستشفى أو الوفاة. وثمة فرصة أن يساعد هذا الدواء عدداً كافياً من الأشخاص على الشعور بالتحسن والعودة إلى العمل على نحو أسرع، أو تقليل مخاطرة الإصابة بـ«كوفيد» لفترة طويلة؛ ما يجعله جديراً باستخدامه على نطاق أوسع.
إلا أن السلطات الصحية الأميركية تهدر فرصة حاسمة لدراسة فاعلية الدواء بمزيد من التفصيل من أجل الوصول لفهم أفضل لمن لا يستطيع «باكسلوفيد» مساعدته وتحديث الإرشادات الرسمية بشأن المرضى الذين يجب وصف هذا العقار لهم.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»