وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

تصريح غير معهود

لسنوات طويلة كانت اللغة التي تستخدمها السعودية في خطاباتها عن دورها في استقرار السوق البترولية لغة ناعمة ومسالمة.
ورغم أن كل ما تصدره السعودية من بيانات نفطية هي في الغالب لغة سياسية صرفة لأن النفط هو واجهة مهمة للسياسة الخارجية للمملكة، فإن البيانات في الغالب تصدر من جهة الاختصاص وهي وزارة الطاقة.
بينما كان بيان يوم الاثنين بيانا سياسيا صرفا صادرا من وزارة الخارجية للتعبير عن موقف سياسي للدولة جراء سياسات المجتمع الدولي وتساهله مع ما يجري في المنطقة.
إن ارتفاع أسعار النفط الحالي ليس بالسهل، وأي ارتفاعات أخرى فوق 120 دولارا ليس من السهولة تحملها.
وفي العادة تتحمل السعودية العبء كاملاً مثلما جرى في 2011 عندما توقف إنتاج ليبيا وسوريا وانقطعت إمدادات جنوب السودان.
أو في عام 2008 عندما وصل البرميل إلى 147 دولاراً وتحملت المملكة العبء وأعلنت عن قدرتها على رفع إنتاجها.
وفي كل مرة يحدث هذا الأمر كان وزير البترول السابق علي النعيمي يخاطب الصحفيين «أين المشترين؟».
ما الذي تغير هذه المرة وجعل السعودية تضيق ذرعاً وتخاطب المجتمع الدولي بهذه اللهجة القوية؟
في وجهة نظري، هذا ليس بيانا شاذا بل هو استمرار لنهج السعودية في المطالبة بالواقعية السياسية.
إن السعودية غيرت نهجها منذ أن تحالفت مع (أوبك+) حيث حرصت المملكة على أن تكون المسؤولية في السوق مشتركة بين كل المنتجين.
وسبق هذا الأمر بعقود رفض المملكة لعب دور المنتج المرجح في أوبك في منتصف الثمانينات.
إن السعودية لديها التزامات مهمة تجاه العالم واستقرار سوق الطاقة ولكن ماذا عن التزام العالم تجاه أمنها واستقرارها؟
إن بيان المملكة مهم وتحول قوي في لغة دبلوماسيتها النفطية، مع استمرارية نهجها للحفاظ على استقرار الطاقة.
وفي عالم مليء بالتناقضات السياسية، من حق السعودية البحث عن مصالحها والدفاع عن حقوقها ببيان غير معهود نوعاً ما.