مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

ودخل الدبّ الروسي إلى الحديقة

جاء اليوم الموعود، ودخلت الدبابات الروسية إلى شرق أوكرانيا، وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بداية عملية عسكرية روسية هدفها، كما قال، نزع السلاح الأوكراني وإبعاد خطر «الناتو» عن روسيا وحماية الموالين لروسيا في إقليم الدونباس.
ليس هذا وحسب، بل أطلق تهديداً صريحاً لمن يفكّر في التدخل من الخارج بأنه سيجابه ردّاً روسياً لم يشهد له التاريخ مثيلاً!
ليس المهم هنا مناقشة الحق أو الباطل الروسي في هذه العملية المنتظرة منذ حين، ولكن، واستكمالاً للمقال السابق، رصد الارتباك والضياع الغربي... والبعض يرى أنه ليس ضياعاً بل قمة الدهاء في نصب الفخّ للدبّ الروسي!
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خرج لشعبه يعلن الدعوة للدفاع والحرب، ويبشّرهم بأنه للتو اتصل بالرئيس الأميركي بايدن ووعده بحشد المساعدة لأوكرانيا.
أريد فقط من حضراتكم التأمل في هذه اللقطات لمواقف قادة الغرب:
ندّد الرئيس الأميركي جو بايدن، فجر أمس (الخميس)، بما وصفه بـ«الهجوم غير المبرر» من قبل روسيا ضد أوكرانيا، ودعا بايدن العالم للدعاء للأوكرانيين. وفي الوقت نفسه واعداً بردود قوية.
كتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على «تويتر»: «لقد أفزعتني الأحداث المروعة في أوكرانيا، وقد تحدثت إلى الرئيس الأوكراني زيلينسكي لبحث الخطوات التالية».
رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قالا في بيان مشترك:
«في هذه الساعات العصيبة، قلوبنا مع أوكرانيا ومع النساء والرجال والأطفال الأبرياء».
المستشار الألماني، الجديد أولاف شولتس قال في بيان هو الآخر: «هذا يوم مروّع لأوكرانيا ويوم أسود لأوروبا».
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وجّه نداء اللحظة الأخيرة للرئيس بوتين لوقف الحرب «باسم الإنسانية»... واعترف بخطئه حينما اعتقد سابقاً أن لا شيء سيحدث على حدود أوكرانيا. هذا في ظل تدخل روسي خطير اعتبرت الخارجية الأوكرانية، في بيان لها، أن هدفه هو «تدمير الدولة الأوكرانية».
وأضافت في بيانها: «استجابتنا المشتركة الآن مرهونة ليس فقط بحياة وأمن المواطنين الأوكرانيين فحسب، بل مرهونة أيضاً بأمن مواطني أوروبا ومستقبل النظام العالمي».
روسيا مستنفرة وتعتبر أنها تدافع عن صميم أمنها القومي، وأن أوكرانيا تحولت لقاعدة تهديد غربي لعمق روسيا... هكذا ترى موسكو الأمور، وتتصرف على الأرض وفقاً لهذه الرؤية... لم تخفِ شيئاً.
في الطرف الآخر، لا نرى وضوحاً في الرؤية ولا عزيمة للفعل، رغم كل ثرثرات قادة الغرب.
هل ذلك لأن المزاج الغربي خاصة الأميركي لا يحفل بهذه الحروب، فوفقاً لاستطلاع جديد أجراه مركز (أنورك) لأبحاث الشؤون العامة لصالح أسوشيتدبرس، يرى 52 في المائة أن واشنطن يجب أن يكون لها دور ثانوي، و20 في المائة يرون أنه لا ضرورة للقيام بأي دور أميركي أصلاً.
ربما يلخّص تعليق المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، ذات اللسان الحادّ، طبيعة الفرق بين المعسكرين، حين سخرت من تهديد الحكومة البريطانية بتأديب روسيا ومساعدة أوكرانيا، كاتبة على حسابها بـ«تلغرام»: «وزارة الخارجية البريطانية: أوكرانيا ليست عضواً في الناتو، لكن نحن سوف نساعدها في الدفاع عن النفس. أنتم ساعدتموها... استريحوا».