روس دوثات
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

للجمهوريين فرصة ذهبية من المحتمل أن تضيع

في نهاية الأسبوع الماضي، نظرت فيما يجب أن يتوقعه الحزب الديمقراطي من السياسة بعد تفشي فيروس «كورونا»، وهو الأمل في إحياء شعبية الرئيس جو بايدن في ظل ظروف العودة إلى الأوضاع الطبيعية، والخطر المتمثل في احتمال خسارة الحزب اليساري الأرضية في العديد من التجمعات الديموغرافية المختلفة. الآن، وبعد فترة من الامتنان، دعونا نفكر كيف يمكن أن تبدو سياسات ما بعد (كوفيد) من الجانب الجمهوري.
لدى الجمهوريين الكثير مما يُعتبرون شاكرين له. في الأعوام التي تلت جورج دبليو بوش كان حزبهم يترنح من دون آيديولوجيا حاكمة، فانتقل من أسلوب وهمي في السياسة إلى أسلوب آخر، ورشح مرتين نجماً تلفزيونياً غير مناسب على الإطلاق لمنصب الرئاسة. ومع ذلك فإن الحزب لم ينهَر من خلاله، ولم يبتعد أبداً أكثر من مسافة صغيرة خارج السلطة، واحتفظ في كل الأحوال تقريباً بقدرة معينة على عرقلة الديمقراطيين، وهو الأمر الوحيد الذي قد يتفق عليه ناخبوه.
يبدو من غير المرجح كسر هذا النمط حتى لو عادت أرقام استطلاعات بايدن خلال عامي 2022 و2023. في هذا السيناريو، من المحتمل استعادة الجمهوريين السيطرة بالكاد على مجلس النواب، ويعودون إلى المنصب الذي كانوا يشغلونه مباشرة بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي - كتحالف للأقلية، ولكنه تحالف كبير بدلاً من كونه مجرد رديف للسلطة، والذي بفضل مزاياه البنيوية يمكن أن يأمل دائماً في الحفاظ على جزء ولو بدا قليلاً من الكونغرس، وحيازة بعض القفزات المحظوظة إلى البيت الأبيض.
لكن هذه الميزة تعد، بطريقة ما، نقطة الضعف الأساسية للجمهوريين، كما أن الحظ الجيد للحزب في تجنب العقاب العميق على جميع هفواته كان السبب في استمرار تلك الهفوات على الأرجح. مشاكل الحزب الديمقراطي - والخطر المتمثل في تحوله التدريجي يكلفه أصوات الأقلية ذات الميول المحافظة، حتى مع عودة الناخبين المناهضين للرئيس السابق دونالد ترمب في الضواحي للحزب الجمهوري مرة أخرى - تتيح فرصة للجمهوريين للفوز بالأغلبية الشعبية الحقيقية على المستوى الوطني.. مستوى الرئيس جورج بوش الابن في عام 2004 إن لم يكن على غرار رونالد ريغان تماماً. ولكن حقيقة أنهم لا يحتاجون إلى أن يكونوا ائتلاف الأغلبية لممارسة سلطة معينة يعني أنهم أكثر عرضة للاختيار السيئ، والبقاء تقريباً محلك سر.
أما البديل، وهو أفضل سيناريو للحزب في مرحلة ما بعد انتشار فيروس «كورونا»، فقد ظهر جلياً في حملة السيناتور غلين يونغكين في فرجينيا، التي مزجت بشكل أساسي بين عناصر من دونالد ترمب في 2016 و2020 وميت رومني في 2012، مع التخلص من الحقائب التي منعت كلا الرجلين من الفوز بالأغلبية الشعبية. يونغكين لديه شخصية مثل رومني - سترة الشركة ورجل الأسرة اللطيف - ولكن حيث انتهى المطاف بالرجل القادم من مقاطعة «باين كابيتال» ليكون أسيراً لعقيدة الحزب بشأن الضرائب وخفض الاستحقاقات، وعد المدير التنفيذي السابق لمجموعة «كارليل» بالإنفاق على التعليم العالي وخفض الضرائب التي تفيد الطبقة المتوسطة الدنيا، وصار يلعب ضد القوالب النمطية للشركات الجمهورية وتلك المتعلقة بجانب العرض.
في الوقت نفسه، اقتدى يونغكين بترمب، ليس فقط بوعوده الشعبوية نسبياً، بل أيضاً برغبته في خوض المعارك الثقافية - وفي هذه الحالة، كان السجال حول نظرية العرق النقدية في المدارس - التي قد يتهرب منها الجمهوريون المعتدلون الآخرون. لكنه في معظم النواحي الأخرى كان معادياً لترمب: المتأنق بدلاً من المتهجم، والمنطقي بدلاً من المصاب بجنون العظمة، مع البقاء على مسافة واحدة من المؤامرة، والمقدرة على بث الطمأنينة بدلاً من فزع النهايات المروعة.
لذا، فإن جميع نواب البرلمان بحاجة إلى استغلال فرصهم على المستوى الوطني في مرحلة ما بعد فيروس «كورونا» بصورة كاملة - أجندة اقتصادية أكثر شعبية، ورغبة في نقل المعركة إلى اليسار التقدمي (ولكن بابتسامة)، ووضع حد للخطط الترمبية.
ولكن هل يريد العدد الكافي من الممثلين في الحزب هذه التركيبة حقاً؟ على مستوى النخبة هناك مجموعة من السياسيين والمرشحين الذين يواصلون البحث عن أجندة أكثر شعبية ومجموعة من المفكرين القوميين الذين يعتقدون أنهم على وشك فرض أحدهم على الحزب. ولكن لا يزال هناك مجموعة أكبر من المشرعين والاستراتيجيين والمانحين الذين يشعرون بالارتياح الكبير لعدم وجود أجندة على الإطلاق، أو يتراجعون عن التفاعلات المعتادة المتمثلة في خفض الضرائب والتظاهر بخفض الميزانية بمجرد عودتهم إلى السلطة.
وفي الوقت نفسه، لا تزال هناك شهية واضحة لدى ناخبي الحزب وناشطيه وشخصيات إعلامية، ليس لأسلوب يونغكين لأجزاء معينة من «الترمبية»، بل لدونالد ترمب بالكامل - الذي يغذيه الاعتقاد المعقول بأن الشعبويين والمحافظين الاجتماعيين لا يمكنهم الوثوق تماماً بالجمهوريين المؤسسين، والاعتقاد غير المعقول بأن حيل ترمب ساعدته أكثر مما أذته، والاعتقاد الخاطئ بأنه فاز فعلاً في انتخابات 2020، بالإضافة إلى رغبة الأميركيين في 2021 في أن تكون السياسة تسلية تلفزيونية عالية المخاطر بدلاً من محاولات مملة لترويض الأغلبية الحاكمة.
وهنا تكمن الفكرة: بين نقاط ضعف الحزب الديمقراطي، وبايدن المتقدم في العمر، وعدم تأثر خلفائه المحتملين، يمكن للجمهوريين أن يكونوا منافسين بسهولة كبيرة في العام 2024، في حين يعيدون ترشيح ترمب وينظمون حملات على أجندة سلبية بحتة.
بالتأكيد، لا يمكنهم توقع أن يحكموا بفاعلية بهذه الطريقة، وسوف يضيعون بذلك فرصة ذهبية محتملة. ولكن في نهاية المطاف سوف يكون السباق قريباً، وسوف تكون هناك بعض الاحتمالات المثيرة لوقوع أزمة دستورية، وإذا انسحب الديمقراطيون، فإن أغلبيتهم سوف تكون ضئيلة عندما يكون عام 2026 قاب قوسين أو أدنى.
وإذا كان هناك أي شيء تعلمناه على مدى السنوات الـ 15 الماضية، فهو أن فرصة الاستمتاع بقليل من السلطة من دون أي مسؤولية حقيقية من المستحيل على الجمهوريين مقاومتها.
* خدمة «نيويورك تايمز»