مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

وماذا بعد حكم الإعدام لإرهابيي رابعة؟

أحكام بإعدام 12 من قيادات الإخوان المسلمين بمصر، والتهمة التي أدينوا بها هي قيامهم في الفترة من 21 يونيو (حزيران) 2013 وحتى 14 أغسطس (آب) 2013، بتدبير تجمّهر بمحيط ميدان رابعة العدوية، والتورط في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، والتخريب والإتلاف العمدي للمباني والأملاك العامة واحتلالها بالقوة، وقطع الطرق وتعمد تعطيل سير وسائل النقل البرية، وتعريض سلامة المواطنين للخطر وتقييد حركتهم. حسب البيان المصري.
الحكم أثار ذعر «الإخوان» خارج مصر، وتضامنت معهم منظمة العفو الدولية، فطالبت السلطات المصرية بإعادة محاكمة إرهابيي «الإخوان» بشكل «عادل ونزيه» من دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام، وتذّرعت منظمة العفو بحجج منها أنها محاكمة جماعية!
حول هذه الحجة من هذه المنظّمة - سبق لها الهجوم على السعودية بسبب إعدام إرهابيي «القاعدة» و«حزب الله الحجاز» عام 2016 - علّق المحامي والمؤرخ المصري للحركة الإسلامية، مختار نوح، بأن هذا التعليل سقيم، فماذا لو قام تشكيل عصابي، من غير «الإخوان» - عصابة عادية يعني - بقطع الطريق من القاهرة للإسكندرية، وسلب المارّة وخطف وقتل الأبرياء، هل ستعترض منظمة العفو الدولية لإجراء محاكمة جماعية لهم!
المهم، في تقديري المتواضع، ولجهة اهتمامي بالاعتبار والتأريخ والتوثيق والتحليل، هو أوراق هذه القضية، لأنها ستكون ذخيرة مهمة للباحثين والراصدين، وقد تعودنا من الادعاء والقضاء المصري، على التقّصي الدقيق والتفاصيل الغزيرة حول أي قضية تؤثر على الرأي العام.
لدينا أمثلة كثيرة بهذا الصدد، مثل قضية أوراق اغتيال السادات وتنظيم الفنية العسكرية وتنظيم 65، بل حتى قبل ذلك أيام العهد الملكي، مثل قضية الجيب العسكري واغتيالات النقراشي والخازندار... إلخ.
هذا أمر، والأمر الآخر، القوام الرئيس لإخوان مصر، وغير مصر، لكن حديثنا اليوم عن مصر، موجود خارج البلاد، ونشاطه في الدول الغربية، مثل بريطانيا وألمانيا وأميركا، ناهيك عن ماليزيا وتركيا وقطر، وغيرها، أغزر وأخطر.
يوجد أفراد يديرون منظمات وأنشطة إعلامية وسياسية ومالية وغيرها، يحملون جنسيات أميركية وبريطانية وغيرها، هم من يمسكون بأزمّة أمور الجماعة، فمثلاً، إبراهيم منير في بريطانيا، ومحمود حسين ويحيى موسى في تركيا... وهكذا.
المراد قوله، تحوّل المركز الجوهري الفاعل للتنظيم الإخواني إلى خارج الدول العربية، وأصبحوا يعملون من داخل أحشاء الجسد الغربي، كما شرح ذلك بإفاضة وتتّبع دؤوب لورنزو فيدينو مدير برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، في كتابه «الإخوان المسلمون الجدد في الغرب» المنشور عام 2010.
من قتل أو استحق عقوبة رادعة، فهو يستأهل عقوبته، قيادي أو «تويبع» صغير، لكن الأولى والأبقى، هو تحقيق وإنجاز المواجهة الفكرية العميقة، والاشتباك النقدي الشامل، في التعليم والثقافة، وفي المسارح، وفي الأغاني، حتى في النكت، وفي الأمثال وفي القانون وفي الرياضة وفي الاقتصاد وأخيراً... في ساحات الديجتال والسوشيال ميديا مع بزوغ «الموجة الثالثة» من شباب «الإخوان»... الكول!