مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

ما أكثر تقافزنا (كالقرود)

يبعد القمر عن الأرض في أقصى نقطة (406.700) كيلومتر، وفي وقت معين يقترب منها فيصل إلى (356.500) كيلومتر؛ أي بفارق نطاق قدره (50.200) كيلومتر، وهذا هو ما شاهدناه عند منتصف شهر رمضان الحالي، عندما كان أكبر وأقوى إضاءة بـ(30 في المائة) من مستواه المعتاد.
والآن، ها هي الصين (طيرة شلوى) دخلت على الخط، حيث إنها تنوي إطلاق قمر مصنع في الفضاء بهدف إضفاء السطوع على السماء في الليل، من قمر مضيء فوق سماء مدينة تشنغدو، في مقاطعة سيتشوان. وكانت تعتزم إطلاق هذا القمر عام 2020، ولكن بعد جائحة «كورونا» تأجل إلى 2022 -وإن غداً لناظره لقريب (وكل مطرود ملحوق)- وقد أطلق عليه اسم (القمر المضيء)، وهو لا يعني بأي حال من الأحوال أن يقوم مقام قمر الأرض المعروف، ولكنه سيعمل على تكميل ضوء القمر الحقيقي، بحيث يمكن أن يحل محل إضاءة الشوارع، بل الاستغناء عنها في المستقبل، ويأتي هذا المشروع في إطار خطة للاستفادة من الأقمار الصناعية، كذلك تقليل تكلفة الكهرباء.
وقد كان مشروع القمر الجديد من أحلام وطموحات (وو تشون فنغ)، رئيس مجلس إدارة شركة «تشينغدو» لعلوم الفضاء والتكنولوجيا، وهو المقاول الرئيسي لبرنامج الفضاء الصيني. وبحسب ما ورد من أنباء، فقد كان أول من بدأ بالفعل اختبار الأقمار الصناعية في الإضاءة، ويأمل أن يكون لها دور في إنارة السماء ليلاً في غضون بضع سنوات. وسوف يقوم القمر الصناعي بإنتاج الضوء، بفضل طلاء عاكس يمكن أن (يحول أشعة الشمس) إلى الأرض بالطريقة نفسها التي يعمل بها القمر الحقيقي التابع للأرض.
وللمعلومية، فسطوع نوره سوف يكون أقوى من نور (البدر) ليلة 14 بثماني مرات، بل إن لديهم الأمل أن يضاعفوه إلى عشرات المرات، بحيث لا يستطيع الإنسان أن يفرق بين نهاره وليله.
وإذا وصل الحال إلى هذا الحد، فلا شك أنني أول من سوف يصاب بالكآبة، فلليل عندي ذكرياته وأسراره وغزواته وسهراته، بل و(هبقاته) كذلك.
وعندما كنت طفلاً لا يزيد عمري على 4 سنوات، كنت أردد مع أقراني كالببغاوات كلمات أغنية ليس لها (راس ولا ساس ولا معنى)، ونرفع رؤوسنا نحو القمر، وننشد بأصواتنا (المصرصعة):
يا قمرنا يا مليح/ شد حصانك واستريح/ شدّيته حلقي بلقي/ طاحت شرارة في طبقي/ واحدة تشن واحدة ترن واحدة تقول يا سكّر.
ثم نتقافز (كالقرود) صائحين: هاي هاي هاي.