مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

أترك التعليق «للمتنبي»

الأرقام القياسية فيها الصالح والطالح، وفيها ما يثير الأعجاب وما يثير التعجب، وفيها ما يثير السعادة والضحك، وفيها أيضاً ما يثير الحزن والبكاء والشفقة.
وهذه الأرقام التي يتفاخر بها الإنسان عبر التاريخ هي التي تدل دلالة قاطعة على ما يتحلى به ذلك الإنسان أحياناً من ذكاء وطموح، وما يتحلى به أحياناً أخرى من خفة عقل وسذاجة منقطعة النظير، ومتعوا أنفسكم أو عذبوها بقراءة هذه الأرقام، التي اخترتها عشوائياً، وأبدأ بالأدب والأدباء:
فأطول قصة هي (الرجال ذوو الإرادة الطيبة) التي كتبها فاريغول ما بين عامي 1932 و1946 وهي تتألف من 27 جزءاً، أما الذي تجاوزه فهو الياباني ياماوكا فقد نشر قصته (توكوغا - والياسو) بشكل حلقات متسلسلة في إحدى الجرائد اليومية منذ عام 1951، وعندما انتهت كانت تملأ 40 مجلداً.
أما أقصر رسالة لكاتب فهي تلك التي كتبها فيكتور هوغو (1802 - 1885)، مؤلف (البؤساء) لناشره هيرست بلاكيت عام 1862. لقد أراد الكاتب أن يعرف عدد مبيعات كتابه فكتب داخل ورقة الرسالة (؟)، فأتاه جواب الناشر (!).
وقبل (كورونا) بسنوات قليلة، تم الإعلان عن أن مطار دبي هو الأكثر ازدحاماً في العالم، ولهذا السبب قدم ماثيوز مدير مطار (هيثرو) في لندن استقالته بسبب فقدان المطار المركز الأول في العالم، كما أنه في نفس مدينة دبي تمكنت مصممة نيوزيلندية من صناعة أغلى حذاء في العالم وذلك بعد أن رصعته بالماس (عيار 21 قيراطا) بالإضافة إلى الأحجار الكريمة، ليصل سعره (بالشيء الفلاني) – الذي أخجل من إيراده - ويا ليتني أعرف المرأة التي لبسته، على أمل أن أحظى بصداقتها هي مع صداقة الحذاء طبعاً.
ولم تتغلب عليها إلا الجورجية (شامانيلا)، التي بلغ طول جدائل شعرها: مترين ونصفاً – أي أطول من حبال أي (مشنقة).
أما أكبر سجن في العالم فهو سجن خاركوف في الاتحاد السوفياتي سابقاً، وروسيا حالياً، وهو الذي يتسع لعدد يزيد على 40000 سجين.
ولكن هل تعلمون - رعاكم الله - أن أضخم حشد من الناس سار وراء جنازة، كان الحشد الذي واكب نعش الرئيس جمال عبد الناصر في القاهرة، وقد بلغ عدده 4 ملايين شخص، رغم الهزيمة الغبية المذلة الصاعقة التي ما زال يتجرع مرارتها ويدفع أثمانها الباهظة العالم العربي حتى الآن.
لا أريد أن أعلق على ذلك الرقم القياسي لتلك (الهزيمة)، وإنما أترك التعليق (للمتنبي)، في بيت شعره الخالد الذي يبدأ بـ: (يا أمة).