أطفال التوحد يتمتعون بكفاءة أفضل من التوقعات

أطفال التوحد يتمتعون بكفاءة أفضل من التوقعات
TT

أطفال التوحد يتمتعون بكفاءة أفضل من التوقعات

أطفال التوحد يتمتعون بكفاءة أفضل من التوقعات

كشفت دراسة حديثة عن احتمالية أن يكون الأطفال المصابين بمرض التوحد (Autism) في عمر المدرسة أفضل بكثير من المتوقع لحالتهم، سواء على المستوى الدراسي أو الاجتماعي والنفسي، إذ يجتاز معظمهم مراحل النمو بشكل طبيعي، على الأقل في مجال أو أكثر من مجالات النمو المختلفة: الإدراكي والنفسي والمعرفي.
وعرفت الدراسة ذلك بلفظ «على ما يرام» (doing well)، ووضعت لها مقاييس معينة للحكم على مدى إمكانية عدهم أطفالاً طبيعيين غير مرضى، وهل يمكنهم الدراسة مع الأقران في الفصل الدراسي نفسه، من دون الحاجة إلى تخصيص فصول معينة لهم أو برامج تعليمية وتنموية خاصة، على الرغم من اختلافهم في بعض الجوانب.
وتعد هذه الدراسة من أكبر الدراسات الطولية التي تمت على مرحلتين في الطفولة المبكرة، ثم تتبعت الأطفال أنفسهم في مرحلة الطفولة المتوسطة واقتراب المراهقة، وقام بإجرائها أطباء نفسيون من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids)، وكذلك مركز الإدمان والصحة النفسية في تورونتو بكندا، وتم نشرها في النسخة الإلكترونية من مجلة الرابطة الطبية الأميركية (JAMA Network Open ) في نهاية شهر مارس (آذار) من العام الحالي.

- كفاءة المتوحدين
تعد نتائج هذه الدراسة مهمة للغاية نظراً لأن كثيراً من الأسر تعد أن التوحد إعاقة دائمة، خاصة إذا عرفنا أن الإحصائيات تشير إلى وجود طفل من كل 100 مصاب بعرض أو أكثر من طيف التوحد (ASD)، وهو الأمر الذي يؤثر بالسلب على النمو العصبي والنفسي، ويؤدي إلى خلل سلوكي، وفشل في التواصل الاجتماعي، وفي الأغلب يتم التشخيص في السنوات الأولى من عمر الطفل.
قامت الدراسة بعمل تقييم لقياس مدى ملائمة المصابين للتعامل مع المهام التي تواجه الأطفال في عمرهم. وكان قياس الكفاءة هو القدرة على البقاء في محيط المنافسة (بمعنى إنجاز عمل معين بأي درجة، وليس بالضرورة لدرجة الإجادة التامة)، والنمو المستمر (بمعنى التقدم حتى لو كان بسيطاً)، وذلك في 5 مجالات رئيسية للتنمية، وهي: الاتصال بالآخرين، وبالعالم المحيط، والنجاح الاجتماعي، وممارسة أنشطة الحياة اليومية بشكل طبيعي، والصحة العاطفية (بمعنى أن يكون الطفل سليماً نفسياً، لا يعاني من ضغوط داخلية أو خارجية، قادراً على التعامل بشكل سوي مع الآخرين).
ووجد الباحثون أن نسبة بلغت 80 في المائة من الأطفال المشاركين قد حققوا نمواً أو إتقاناً لواحد على الأقل من المجالات الخمسة، إلى جانب نسبة بلغت 23 في المائة حققوا تقدماً في 4 مجالات أو أكثر في فترة الطفولة المتوسطة. وكان هدف الباحثون الأساسي هو تغيير الانطباع العام عن هؤلاء الأطفال في تعاملهم مع العالم الخارجي من «أداء مُرضٍ» (good outcome) إلى «أداء جيد» (doing well).

- تنمية القدرات
أوضحت الدراسة أن من الأمور المشجعة معرفة أن معظم الأطفال يبلون بلاءً حسناً بحلول عمر 10 سنوات، عند استخدام طرق أخرى لتقييم قدراتهم غير تلك التي تم استخدامها في تشخيص التوحد؛ بمعنى أن الطفل يمكن أن يكون بارعاً جداً في عدة مجالات. ولكن حصر النمو المعرفي في مجال معين (مثل التقدم الدراسي أو التفوق في الرياضة أو تعلم آلة موسيقية معينة أو النجاح الاجتماعي) ربما يكون غير دقيق، خاصة أن هناك كثيراً من الطلبة الأسوياء يمكن أن يعانوا من ضعف في واحد أو أكثر من المجالات الخمسة، من دون أن يتم تشخيصهم بالتوحد، إلى جانب الفروق الشخصية واختلاف الظروف البيئية بين كل طفل وآخر، خاصة أن التوحد يعد رحلة حياة بالنسبة للطفل. ولذلك، يكون الغرض الأساسي التكيف وتنمية القدرات باستمرار، وليس الوصول إلى نقطة معينة من النجاح فقط، ما دام أنه يتم تعويض نقطة الضعف بكثير من نقاط القوة.

- نقاط القوة
قام الباحثون بتتبع 272 من الأطفال الذين تم تشخيصهم مصابين بطيف من أطياف التوحد عبر المناطق الحضرية والأرياف في كندا، وكانت نسبة الذكور 86 في المائة من العينة. وجميعهم في المرحلة العمرية من عامين حتى 10 أعوام، أو مرحلة الطفولة المتوسطة، وهي المرحلة التي يبدأ الطفل فيها في الاستقلالية النسبية، وتزيد الاحتياجات الاجتماعية والأكاديمية عن الطفولة المبكرة، حيث يكون الطفل أكثر ارتباطاً بالأسرة وأقل تعليماً. واعتمد الباحثون على البيانات التي تم جمعها من سجلات المدارس لقياس الأداء الدراسي، ومتابعات الأطباء في العيادات من خلال اختبارات الذكاء.
وذكر الباحثون أن تقييم طفل التوحد يجب ألا يكون من منطلق التركيز على العجز ونقاط الضعف لديه، ولكن التركيز يجب أن يكون على نقاط القوة وتنميتها. وتبين أن العوامل الخارجية تلعب دوراً مهماً في حياة طفل التوحد. وعلى سبيل المثال، كلما زاد الدخل المادي للأسرة انعكس ذلك بالإيجاب على الطفل، فضلاً عن الدعم النفسي، وكلما كان أفراد الأسرة أسوياء نفسياً كان الطفل المتوحد أقرب للطبيعي. وأشارت الدراسة إلى أهمية التشخيص المبكر في تحسن الحالة، والتعامل مع كل طفل بطريقة وخطة علاجية مختلفة عن الآخر، وأكدت على الدور المهم للأسرة، من خلال الدعم النفسي ووضع نظام حياتي معين؛ بمعنى أن يكون هناك ميعاد ثابت لتناول الطعام والنوم والمذاكرة لأن طفل التوحد ينزعج من التغيير المفاجئ، وكلما كانت الحياة مرتبة استطاع إنجاز أمور أكثر.
وفى النهاية، نصحت الدراسة الآباء بالاستفادة من نتائجها، والتركيز على نقاط القوة في شخصية طفلهم وتنميتها، وبذل الجهود لتوفير بيئة داعمة متقبلة بشكل غير مشروط.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)
المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)
TT

6 فوائد صحية للمشي اليومي

المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)
المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

وقال جورج سالمون، المتحدث باسم مؤسسة «رامبلرز» الخيرية البريطانية الرائدة في مجال المشي، لصحيفة «تلغراف» البريطانية، إن «المشي في الهواء الطلق ولو لمدة قليلة هو أحد أكثر الأشياء فاعلية التي يمكننا القيام بها لتحسين صحتنا».

ووفقاً لسالمون وعدد من الخبراء الآخرين، فإن هناك 6 فوائد صحية للمشي اليومي، وهي:

1- حرق السعرات الحرارية

يساعد المشي في حرق السعرات الحرارية، وإنقاص الوزن، إلا أن مقدار السعرات الحرارية التي يحرقها المشي يتوقف على عوامل عدة من بينها العمر والوزن والطول والجنس وسرعة المشي؛ ومن ثَمَّ فإن بعض الأشخاص قد يحرقون سعرات أكثر من غيرهم رغم مشيهم المسافة نفسها.

2- التقليل من خطر الإصابة بمرض السكري

أكدت دراسة حديثة أن المشي بسرعة 3 كم في الساعة أو أكثر يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 15 في المائة على الأقل.

3- تعزيز صحة القلب

هناك كثير من الأدلة العلمية على أن المشي - مثل كثير من الأنشطة البدنية المنتظمة الأخرى - له فوائد قلبية وعائية هائلة.

ووجدت ورقة بحثية نُشرت في مجلة «Current Opinion in Cardiology» أن المشي مسافة قصيرة أيضاً مفيد لصحة القلب.

وقال فريق الدراسة: «قد يحصل المرضى على مكاسب قصيرة الأجل من المشي لمدة قليلة مثل تحسين اللياقة البدنية، وضغط الدم، وحرق الدهون. أما الفوائد الأطول أمداً فتشمل انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية والوفيات».

يمكن أن يكون للمشي تأثير أيضاً على مستويات الكوليسترول.

4- تحسين الإدراك لدى مرضى الخرف

يمكن أن يساعد المشي أيضاً الأشخاص المصابين بالخرف. وخلصت دراسة أجريت عام 2022 إلى أن ممارسة الأشخاص فوق سن الـ60 للمشي بشكل يومي تحسِّن صحتهم الإدراكية بشكل ملحوظ.

5- خفض خطر الإصابة بالسرطان

أكدت دراسة أُجْريت عام 2019 من الجمعية الأميركية للسرطان أن أداء التمارين المعتدلة مثل «المشي السريع» لمدة تتراوح بين ساعتين ونصف الساعة إلى خمس ساعات من كل أسبوع يقلل من خطر الإصابة بسبعة أنواع مختلفة من السرطان، هي سرطانات القولون والثدي والكلى والكبد وبطانة الرحم والورم النقوي وسرطان الليمفوما اللاهودجكينية.

6- تحسين الحالة المزاجية

يقول كثير من الأشخاص إنهم يشعرون بتحسن كبير في حالتهم المزاجية بعد الخروج للتنزه.

ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة «مايند» الخيرية للصحة العقلية في المملكة المتحدة، فإن المشي اليومي، وإن كان مسافة قصيرة، يقلل مستويات الاكتئاب والتوتر، خصوصاً إذا كان هذا المشي في بيئة خضراء.