علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

غير مستغل

كشف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن هناك فرصاً استثمارية غير مستغلة في السعودية خلال العشر سنوات القادمة تقدر قيمتها بنحو 6 تريليونات دولار أميركي (22.5 تريليون ريال سعودي)، موزعة على أنشطة مختلفة منها الطاقة المتجددة والسياحة والترفيه والرياضة وغيرها، السؤال الأولى الذي يبرز في هذا المجال كم من الفرص الوظيفية التي ستخلقها مثل هذه المشاريع؟ أتوقع أنها ستكون ملايين الفرص فنحن نتحدث عن مبلغ مهول للاستثمار يحتاج لكثير من المشغلين.
السؤال الثاني الذي يبرز وهو الأهم... لماذا تأخرنا في الاستفادة من هذه الفرصة؟ رغم معرفتنا بها فحينما زار مهاتير محمد في فترة ماضية السعودية أشار إلى قدرة السعودية التنافسية في إنتاج الطاقة الشمسية وهي طاقة متجددة خالية من التلوث وتوفر علينا كثيرا من براميل النفط التي نستهلكها في إنتاج الكهرباء والملوثة للبيئة، لا أريد أن أستطرد ولكن دعونا نعد إلى السؤال: لماذا تأخرنا في استغلال مواردنا الطبيعية رغم معرفتنا بها؟ أولاً لم يكن لدينا قرار سياسي للاستفادة من هذه الموارد، ثانياً لم يكن لدينا خطة محددة بإطار زمني وأهداف محددة للاستفادة من هذه الموارد.
اليوم لدينا قرار سياسي ولدينا خطة محكومة بأهداف محددة والسعودية قادرة على تمويل مشاريعها بنسبة عالية تصل إلى 85 في المائة، وإذا بدأت بواكير هذه المشاريع في تحديد معالمها فإن القطاع الخاص السعودي سيبدأ في المشاركة، فرأس المال يبحث عن الفرص المربحة وذات المخاطر القليلة، ومن الطبيعي أن يتبع ذلك القطاع الحكومي الخليجي وأيضاً القطاع الخاص، وسيتبع ذلك كثير من الشركات العالمية، وتجربة السعودية في قطاع البتروكيماويات خير شاهد على ذلك فها هي الشركات العالمية تشارك شركة سابك في كثير من مشاريعها.
ومن المعروف أن المشاريع الكبرى حينما ترى النور تولد مشاريع أخرى مساندة تولد فرصاً وظيفية هي الأخرى، ما نحتاج إليه فقط هو العزم والإصرار على تنفيذ مشاريعنا التي تأخرنا كثيراً في تنفيذها لنبتعد عن الاعتماد على الثروات الناضبة ولنستفيد من هذه الثروة المتاحة اليوم والناضبة في إنتاج اقتصاد مستدام.
وفي الأخير يبرز لدينا سؤال مهم وملح وهو كم من الثروات الطبيعية والمستدامة في عالمنا العربي غير المستغلة؟ في الواقع هي كثيرة وكل بلد عربي لديه مشاريع اقتصادية تنافسية فقط تحتاج إلى اتخاذ قرار سياسي وخطة عمل لترى النور، أما التمويل فسيأتي من الخارج متى كان هناك خطة عمل واضحة وجريئة وتسهيلات استثمارية تضمن حق المستثمر وتحفظ حق البلد بمعنى عقود متوازنة لأن العقود المجحفة لا ترى النور.
نجاح أي دولة عربية في خلق اقتصاد مستدام هو مكسب للدولة العربية الأخرى سواء كانت جارة أم غير ذلك، بسبب القرب الجغرافي وقرب سلاسل الإمداد وإمكانية تنقل العمالة من قطر عربي لآخر لرخص التكاليف وغير ذلك من المميزات، فقط نحتاج لقرارات سياسية جريئة باستطاعتها خلق اقتصاد مستدام.
وخلق اقتصاد عربي متنوع ينشط التجارة البينية بين الدول العربية لأن كل بلد سيستورد ما ينقصه من البلد العربي المنتج لهذه السلعة بحكم القرب بدلاً من البحث عنها في بلدان بعيدة. ودمتم.