ليام دانينغ
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

بايدن بين خيارات اتفاقات البيئة والواقع السياسي

إذا كان الرئيس المنتخب جو بايدن يسعى لإحراز تقدم في جدول أعمال إزالة الكربون، فإن أسطول المركبات الأميركي هو نقطة الصفر. فالغاز الصخري الرخيص، والطاقة المتجددة الأرخص ثمناً، والطلب الثابت على الكهرباء، جميعها أُجبرت بالفعل على إغلاق عديد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. وتجاوز قطاع النقل قطاع الكهرباء كأكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في عام 2017.
ولذلك فإن تعيين بايدن لجينيفر غرانهولم لتكون وزيرة الطاقة التالية يعطي مؤشرات مهمة: فهي حاكمة سابقة لميشيغان، الولاية المتأرجحة المهمة لبايدن، وهي عضو في مجلس إدارة شركة «بروتيرا إنك»، شركة تصنيع الحافلات الكهربائية المتطورة ومقرها كاليفورنيا، وقد دافعت منذ فترة طويلة عن السياسة الصناعية الصديقة للبيئة. ومن المفيد أنها ستكون ثاني امرأة على الإطلاق تترأس وزارة الطاقة، ناهيك عن كونها مهاجرة.
والأهم من ذلك أن غرانهولم تتماشى تماماً مع منصة سياسة بايدن الهادفة إلى «إعادة البناء بشكل أفضل». تتمثل إحدى طرق التفكير في هذه الشعارات الأكثر جاذبية في أنها بالنسبة لبايدن أشبه بالمطرقة فيما يخص «الصفقة الجديدة الخضراء» لحزبه، وسندان مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون بقيادة شخصية لم تعترف علناً بفوز بايدن في الانتخابات إلا بعد أن أعلنه الكرملين. ورغم أن الفرصة ضئيلة في أن يكتسب الديمقراطيون سيطرة فعالة على مجلس الشيوخ عبر انتخابات الإعادة في جورجيا، فإن بايدن بالتأكيد لا يستطيع الاعتماد على ذلك. وعلى أي حال، ستكون هناك حاجة إلى أغلبية أكثر حسماً لتمرير تشريع مناخي شامل.
إن كلاً من تعزيز الابتكار وخلق الوظائف - خصوصاً في أعقاب جائحة «كوفيد- 19» – من الأشياء القليلة التي ربما لا يزال من الممكن العثور لها على نوع من الدعم من الحزبين، وهي أقوى دعاوى بايدن في دفع الأهداف الخضراء. وتعتبر غرانهولم مدافعة على الجبهتين، بحسب مقال رأي كتبتْهُ بعد الانتخابات لصحيفة «ديترويت نيوز»، وفيه قالت: «سيضمن الاستثمار في اقتصاد ذي نسب كربون متدنية، أن تظل ميشيغان رائدة في صناعة السيارات». وكشف التقرير أنه بحلول عام 2025 يمكن لخطة منخفضة الكربون أن تخلق 1.7 مليون وظيفة جديدة في شركات صناعة السيارات الأميركية، مثل «فورد»، و«جنرال موتورز» التي تنتج عدداً أكبر من المركبات الكهربائية، ولكن هناك حاجة إلى حوافز سياسية لضمان توفير التكاليف والفوائد البيئية المتاحة للجميع.
في الواقع، تعتبر سلطات وزيرة الطاقة محدودة للغاية؛ خصوصاً في سياق حكومة منقسمة. ومع ذلك، بحسب سارة لاديسلاو، الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، يحتاج بايدن إلى «شخصية سياسة صناعية صديقة للبيئة» تركز على العلوم والتكنولوجيا بشكل حاسم. وأضافت: «لا تمتلك وزارة الطاقة جميع الأدوات اللازمة لوضع هذه النظرية موضع التنفيذ؛ لكن هذا لا يعني أنه لا يمكنها إجراء دفعات مقدمة عليها». ففي غياب مزيد من التدابير التحويلية، مثل رسوم الكربون، فإن التعديلات التنظيمية والدعم المحلي يوفر طريقة أخرى لتشجيع التنمية الأميركية للتكنولوجيا النظيفة.
يسلط مركز «كفين بوك» البحثي التابع لمؤسسة «كلير فيو إنرجي بارتنرز»، ومقره واشنطن، الضوء على برنامج قرض تصنيع المركبات التكنولوجية المتقدمة التابع لوزارة الطاقة، باعتباره أحد الأمثلة المهمة. فقد تم تأسيس البرنامج بموجب قانون استقلال وأمن الطاقة لعام 2007، وبعد أن أقرض 8 مليارات دولار بالفعل لشركات مثل «تسلا إنك»، و«فورد موتورز»، لا يزال لدى البرنامج حوالي 10 مليارات دولار من الأموال المصرح بها في انتظار التخصيص.
يجب أيضاً النظر إلى تعيين غرانهولم في سياق تشكيل نهج بايدن لسياسة المناخ. ففي غياب سيطرة ديمقراطية حاسمة على مجلس الشيوخ، فإنَّ مركز النشاط سيكون في السلطة التنفيذية والوكالات. ويتلخص هذا بشكل أساسي في عرقلة، وربما التراجع، عن بعض أجندة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب التي تهدف إلى التراجع عن قرار رفع القيود عن الوقود الأحفوري، ومن ضمن ذلك التنقيب عن النفط في محمية الحياة البرية الوطنية في القطب الشمالي.
يعني ذلك أيضاً استخدام الحوافز الإدارية لدفع السياسة الصناعية الخضراء بأكبر قدر ممكن من الحكمة، وهي عملية معقدة للتنسيق بين مختلف الإدارات والجهات الفاعلة على مستوى الولاية والمستوى الفيدرالي. ويمكن لغرانهولم أن تلعب دوراً مركزياً هنا، حتى لو لم تكن إدارتها هي المحرك الرئيسي في النهاية.
يمكنها أيضاً محاولة التبشير بجدول الأعمال لدوائر انتخابية مهمة، مثل نقابات السيارات وناخبي الولايات المتأرجحة والتقدميين داخل الحزب الديمقراطي. تقدم اختيارات بايدن الأخرى الدعم على هذه الجبهة، جنباً إلى جنب مع عدد من خبراء الاقتصاد - بما في ذلك جانيت يلين في وزارة الخزانة – وجميعهم يدعمون تركيزه الشديد على خلق الوظائف لاستعادة ناخبي الياقات الزرقاء الذين توجهوا لترمب.
وفي غياب الموجة الزرقاء العاتية في واشنطن، يجب أن تبدأ أجندة بايدن الخضراء بتموجات، وبالاعتماد على الوظائف القادمة لبناء ذلك وسط موجة دعم متصاعدة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»