جون أوثرز
كاتب من خدمة «بلومبرغ»
TT

عاد الخوف من «كوفيد ـ 19» ليقود الأسواق مجدداً

عادت تقلبات السوق من جديد. فقد لاحظنا الاثنين كيف قفز مؤشر (في أي إكس)، الذي يتتبع كيفية إنفاق المستثمرين لاتخاذ إجراءات وقائية ضد التقلبات في الاسواق المتعددة الخيارات، فوق حاجز 30 للمرة الأولى منذ التصحيح القصير والعنيف لأسهم (فانغ) الذي جرى في أوائل سبتمبر (أيلول).
جرى تنفيذ هذا التصحيح داخلياً بدرجة كبيرة، حيث جاء تراكم المضاربة من خلال خيارات الشراء ليجبر المستثمرين على شراء أسهم التكنولوجيا. فالأشخاص الذين ثبتت إصابتهم الآن بالفيروس باتوا أكثر قابلية للبقاء على قيد الحياة مما كانوا عليه في مارس (آذار) أو أبريل (نيسان)، ويستمر معدل الوفيات في الانخفاض. لكن الإحصائيات المتعلقة بالاستشفاء توضح أن المرض يتكرر لكن بطريقة لا يمكن تجاهل أنها نتاج المزيد من الاختبارات. ومن حيث الأعداد التي تم إدخالها المستشفى، من الواضح أن أميركا تمر بـ»موجة» ثالثة.
يستجيب السوق هذه المرة لتهديد خارجي أوضح. فأرقام (كوفيد - 19) ليست بالجديدة، وهناك سبب وجيه للتساؤل عما إذا كانت الأرقام الرئيسية مضللة. لكن هذا لم ينفِ الأثر النفسي للحالات الجديدة في الولايات المتحدة التي تتصدر الرقم القياسي الذي حققته من موجة الصيف في منطقة (الحزام الشمسي) في البلاد.
المشكلة أكبر في أوروبا. فحتى ألمانيا، التي تعد أكثر الدول الأوروبية نجاحاً في التعامل مع الوباء حتى الآن، تشهد ارتفاعاً في عدد حالات دخول المستشفيات. في حالة ألمانيا، هذه ليست سوى موجة ثانية تظل أصغر بكثير من الموجة الأولى. لكن المشكلة تكمن في اتجاه السفر الذي يشير الى أن الوباء سيكون له تأثير أكبر مرة أخرى. وهذا يعني بشكل حاسم أن المرض سيتسبب مرة أخرى في المزيد من الضرر الاقتصادي في أميركا وأوروبا الغربية. يوضح بيان النشاط الاقتصادي في ألمانيا الذي أصدرته مجلة «لونغ فيو اكونوميست» في لندن أن البلاد قد عادت إلى وضعها الطبيعي في هذا الوقت من العام، لكنها الآن تنزلق بشكل كبير.
أيضاً لا يزال هناك ما يشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أنهم بحاجة إلى الاستعداد لصدمة اقتصادية شديدة مثل تلك التي حدثت في الربيع، فقد علمت الأشهر السبعة الماضية الجميع كيفية البقاء نشطاً في وقت الإصابة بالفيروس. لكن يمكن النظر إلى سلوك السوق يوم الاثنين في المقام الأول على أنه تحرك متأخر لمراعاة المخاطر المتزايدة من (كوفيد).
في عالم الشركات، أسوأ ضحايا الفيروس وأولئك الذين ينجون بدون أن يصابوا بأذى يمثلون المفاجأة الأكبر. لم يتضرر أي قطاع أكثر مما تضررت قطاعات السفر، والترفيه، والسياحة لأسباب واضحة. انخفض قطاع الفنادق في الولايات المتحدة بنسبة 40 % العام الجاري. وعلى الصعيد العالمي، لا يزال قطاع الفنادق والمطاعم والترفيه متراجعاً بنسبة 10 %.
بشكل عام، لا تعتمد سلاسل المطاعم الأميركية على تناول الطعام في الداخل، إذ تحولت الى تسليم الطعام الى الزبائن المنتظرين الى جوار الرصيف لتعزيز خيارات التسليم الخاصة بها، ولذلك فقد استقادت تلك الفئة. ومن المفترض أن تكون هناك آمال كبيرة في أن يحلوا في النهاية محل المطاعم الصغيرة.
كان يُنظر بالفعل إلى المطاعم على أنها تستحق زيادة كبيرة حتى قبل ظهور «كوفيد 19». والآن تضاعفت مبيعاتهم لتبلغ الضعف. ولذلك يتم إجراء بعض الرهانات المثيرة على التغييرات في سلوك المستهلك بعد الفيروس.
منذ عام تقريباً، انزلقت تشيلي فجأة وبشكل دراماتيكي في حالة من الفوضى. ونزل الناس إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد، وأضرمت النيران في ناطحة سحاب في سانتياغو، وفي غضون أيام كان على رئيس البلاد الموافقة على إجراء استفتاء حول وضع دستور جديد. الدستور الحالي كتب في عهد الديكتاتور أوغستو بينوشيه، وقد سئم التشيليون من انعدام المساواة.
بعد تأخير مدفوع بسبب (كوفيد)، أجري هذا الاستفتاء أخيراً في نهاية الأسبوع وأدى إلى تصويت مؤكد للإصلاح، وستقضي البلاد الآن معظم العامين المقبلين في وضع دستور جديد.
تلاشت القصة بأكملها من الذاكرة في نصف الكرة الشمالي وسط دراما عام 2020. لكن عدم اليقين السياسي الذي طال أمده كان له تأثير. كانت تشيلي معروفة سابقًا باستقرارها، وكانت الاحتجاجات بمثابة صدمة.
عادة تتحرك أسعار الأسهم التشيلية على نطاق واسع بما يتماشى مع سعر النحاس، وهو سلعتها التصديرية الرئيسية. العام الجاري، شهد النحاس ارتفاعاً كبيراً والذي عادة ما يكون كافياً لاقتصادات دول (الأنديز) لقيادة الأسواق الناشئة لفترة من الوقت. لكن ما حدث هو العكس.
من الناحية العملية، من الصعب رؤية هذا التغيير لفترة من الوقت. ستكون هناك لحظة أخرى من عدم اليقين في أبريل المقبل عندما يصوت التشيليون لمندوبي الجمعية الدستورية الجديدة. بعد ذلك قد يستغرق الأمر عاماً لكتابة الوثيقة الجديدة، التي يجب أن يوافق عليها ثلثا المندوبين. الاحتمال هو أن أي دستور جديد سيكون أقل تحركاً من السوق من النموذج الليبرالي الجديد الذي تبناه بينوشيه. ويُظهر أداء السوق في تشيلي خلال العام الماضي أن قدراً كبيراً من المخاطر السياسية قد تم تقديره بالفعل، ولكن سيمر بعض الوقت قبل أن يتم تحقيق الوضوح.
يجب على الجميع أن يراقبوا بعناية ما سيحدث لأن النموذج الاقتصادي الذي تأسس في عهد بينوشيه كان موضع إعجاب كبير وجرى استنساخه في أميركا اللاتينية وخارجها. ويعتبر نظام المعاشات التقاعدية في تشيلي الآن مصدر الغضب الشعبي، ومع ذلك فقد تم استخدامه لعقود كنموذج لسلسلة من البلدان التي شرعت في إصلاح دولة الرفاهية.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»