جيمس غيبني
TT

تعيينات الدبلوماسيين الأميركيين وتنازلات أوباما

أثار تأكيد قرار تعيين اثنين من السياسيين غير مؤهلين على رأس سفارتين أميركيتين لدى بلدين يتجهان نحو الاستبداد، وهما المجر والأرجنتين، مؤخرا، لغطا متوقعا. للأسف تتجاوز المشاكل الناجمة عن نهج الرئيس أوباما فيما يتعلق بتعيينات وزارة الخارجية الدعم العادي. لقد تسلل المأجورون السياسيون إلى صفوف موظفي وزارة الخارجية. وبعد التغني بالأخلاقيات والمثل العليا، صنعت الإدارة ثغرات لتعيين أعضاء سابقين في جماعات ضغط و«موظفي حكومة مميزين» يستطيعون زيادة دخولهم وهم في مناصبهم الرسمية. بطبيعة الحال حتى الدبلوماسي جورج بوش الابن قام بتعيينات لا تمت للدبلوماسية بصلة، أذكر منها التعيين المفضل بالنسبة لي وهو تعيين بيتر سيكيا، أحد أكبر أقطاب البناء في ولاية ميشيغان.
مع ذلك تمادت إدارة أوباما في تعيين غير الأكفاء. كانت تعيينات 35 في المائة من السفراء منذ عام 2009 ذات طابع سياسي، وهي نسبة أكبر من النسبة التي كانت عليها خلال فترة إدارة جورج بوش الابن، التي كانت 30 في المائة، وكذا فترة إدارة بيل كلينتون التي كانت 28 في المائة.
وشغل هؤلاء المعينون بقرار سياسي منصب «المبعوث الخاص»، الذي استحدثته هيلاري كلينتون عندما كانت تشغل منصب وكيل وزارة الخارجية، وفاق عددهم 40 بحسب آخر إحصاء. هل تذكرون إنجازات رونان فارو العظيمة خلال فترة عمله «مستشارا خاصا لوزير الخارجية لشؤون الشباب العالمية»؟ لا أعتقد. وكان هناك أيضا من شغلوا منصب المبعوث الخاص إلى المسلمين، ومنظمات المجتمع المدني، والمبادرات المجتمعية والدينية، والشؤون العالمية بين الحكومات، وبرامج المعلومات الدولية. أما داخل الأقسام، فكان ما قامت به الإدارة الحالية من تعيينات في المناصب المتوسطة المستوى، أكبر مما فعلت الإدارات السابقة وذلك في إطار موظفي «الجدول الاحتياطي»، الذين يتم جلبهم من خارج الهيئة المدنية أو وزارة الخارجية.
يمكن أن يضيف الأذكياء من الخارج خبرة ذات قيمة كبيرة إلى المؤسسة التي سخر منها جون كيندي يوما ما بوصفه إياها بـ«الطبق المملوء بالهلام» حيث يوجد «كل هذا العدد من الناس الذين يبتسمون باستمرار». وأقرّ أنني ظللت ابتسم منذ عام 1989 وحتى عام 1997. الأكثر من ذلك، كما لاحظ جيمس ويلسون، المرجع البارز في الدراسات الحكومية، يحب الرؤساء نشر رجالهم في المناصب الحكومية لأنهم يرون أن «البيروقراطية هي عدوهم الطبيعي ودائما يبحثون عن طرق للقضاء عليها».
مع ذلك وبافتراض الذكاء في الأشخاص المعينين، ربما يأتي التمادي في ذلك بنتائج عكسية. وبحسب الأكاديمية القومية للإدارة الحكومية، يبقى الموظف المعين المتوسط لمدة عامين ونصف، ومن شأن هذا التغيير إضعاف ذاكرة المؤسسة والمهارات العملية.
لقد دمر منصب المبعوث الخاص العملية السياسية وأدى إلى تهميش الخبراء؛ فهل يحتاج المرء إلى منصب مبعوث خاص جديد في مجلس القادمين من القارة المتجمدة الشمالية، إذا كان لديه مكتب كامل للمحيطات وشؤون البيئة الدولية والشؤون العالمية؟
كذلك يعني المزيد من المستفيدين في الصفوف المتوسطة عددا أكبر من الأشخاص الخانعين وعددا أقل من ذوي الخبرة القادرين على انتقاد الأفكار السيئة. وفي مواجهة سقف مهني زائف، يمكن التماس العذر لأفضل موظفي الخارجية إذا اعتقدوا أن مستقبلا أكثر إشراقا ينتظرهم في مكان آخر. وقد رأى بالفعل نحو نصف من تم سؤالهم في أحد استطلاعات الرأي التي أجرتها الخارجية أن تلك القيود دفعتهم إلى التفكير في ترك الخدمة. وإذا لم يكن هذا سيئا بدرجة كافية بالنسبة إليك، فرغبة إدارة أوباما في التحايل على قوانين التوظيف كفيلة بإسكات حتى أكثر المدافعين عنها. خذ على سبيل المثال روبين رافييل، الدبلوماسية السابقة وعضو جماعة ضغط تعمل لصالح باكستان والتي تمت إعادة توظيفها في وزارة الخارجية في منصب مستشار رفيع المستوى لشؤون السياسة الباكستانية. إنها حاليا قيد تحقيق فيدرالي عن الاستخبارات. ويظل تعيينها بالأساس أمرا غامضا محيرا، فعملها السابق لصالح باكستان جعلها بعيدة، روحا ونصا، عن قواعد الإدارة الصارمة التي لا تسمح بالانتماء لجماعات ضغط.
للأسف قائمة الاستثناءات المنتهكة لتلك القواعد طويلة ولا تزال مستمرة. تلك هي نهاية كلمات أوباما الجريئة التي قالها حين كان مرشحا رئاسيا عام 2007: «لقد خضت هذا السباق لأثبت لأعضاء جماعات الضغط أن زمن سيطرتهم على القرار في واشنطن قد ولى». ولكن بعد مرور 7 سنوات، تشير تعييناته في السلك الدبلوماسي إلى انحرافه عن مساره.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»