الرواية والقصة المصرية عرفتانا على أزقة مصر وشوارعها بل وأحيائها، وأكاد أجزم أن من قرأ الأدب العربي المصري يعرف مصر حتى ولو لم يزرها، ومن خلال الأدب المصري تعرفنا حتى على قهاوي الشارع المصري وأسواقه، فمن منا لا يعرف خان الخليلي حتى ولو لم يزره.
في المقابل هل من الممكن أن نتعرف على تراث دول الخليج من خلال التجارة وأسماء الشركات؟ أظن أن هذا ممكن.
في الأسبوع الماضي أطلق صندوق الاستثمارات العامة شركة روشن، وهي شركة عقارية مهتمة بتطوير الأحياء بالكامل، فماذا تعني كلمة روشن؟ الروشن في اللغة الدارجة مكان مخصص لجلوس الرجال أي صالون أو مجلس، ولكنه في أعلى المنزل ومخصص له درج خاص لتصعد إليه وهو غالباً مخصص للضيوف والوجهاء ويغلق حينما ينصرفون، والأدب الشعبي مليء بذكر الروشن مثل «ياليتنا واللي نبي في روشنن عالي، في روشنن يحوم عقاب الطير من دونه» وأجد نفسي مضطراً لذكر ذلك لأن معنى الروشن في الفصيح مختلف إلى حد ما، وله معان كثيرة ومن أقرب معانيه للاستخدام العامي أن الروشن تعني الشرفة.
شركة الروشن ستجعل الكلمات الدارجة الخليجية معروفة في الدول العربية لأن الجميع أو لنقل البعض سيسأل عن معنى الكلمة وسيجد من يتطوع لشرحها.
والحقيقة أن الفن أياً كان نوعه سواء كان أدباً أو شعراً أو رسماً أو غناء يخلد الأماكن ويعرف المتلقي فنحن نعرف شارع الحمراء البيروتي من خلال صباح وأغنيتها الجميلة غلطان بالنمرة والتي تقول «غلطان بالنمرة... غلطان بالنمرة
أنا مش بيضاء ولا سمرا أنا حنطية وعندي ولاد
وعندي جوزي بيسوى بلاد وبيتي بشارع الحمراء»
الحقيقة أن جمالية الاسم بالنسبة لي صرفتني عن نشاط الشركة والتحدي الذي ستخلقه في السوق السعودية ونحن لدينا في السعودية شركات عقارية ولكنها بطيئة التنفيذ بل إن بعضها يعلن اعتزامه تنفيذ مشروع معين وبعد مدة نراه يتراجع عن التنفيذ لأسباب غير معروفة، وهل هي البيروقراطية أم خوف مديري هذه الشركات من الفشل المهم؟ أن شركاتنا السعودية بطيئة التنفيذ.
شركة روشن ستخلق حراكاً جديداً في السعودية وهي مدعومة من صندوق الاستثمارات العامة وهذا سيوفر لها تمويلاً جيداً وسيخلق لها دعماً على الأرض.
وفي رأيي أن من مصلحة الشركات العقارية القائمة حالياً في السوق السعودية أن تحاول الاندماج فيما بينها لتخلق كياناً قوياً يستطيع أن يتعاون مع شركة روشن القادمة، ومتى تم ذلك فإن هذا سيخلق خبرات متراكمة لدى الشركات السعودية قد تقود شركة روشن العقارية إلى أن تصبح شركة إقليمية وبعد ذلك عالمية وشركة إعمار دبي نموذج حي على قدرة الشركات العربية على المنافسة عالميا. ودمتم.
