سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

تحرك جديد ضد إرهاب إيران

بالنسبة لنا -الدول الخليجية- يعد تمديد واستمرار حظر السلاح على إيران مسألة تقرير مصير، وعدم الاكتفاء بتذكير العالم بعدد الأسلحة التي سقطت أو هُربت على أراضينا ومصدرها إيران، حتى في أثناء فترة منعها من استيراد الأسلحة، فكيف لو سمح لها، أم أنه بإمكاننا أن نستخدم مزيداً من الضغط، وربط مصالحنا ومصالح الدول المترددة بأمننا، من خلال كثير من أوراق القوى الناعمة التي نملكها، كصناديقنا الاستثمارية على سبيل المثال؟!
ففي أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ستنتهي المهلة التي اتفق فيها العالم على منع تصدير السلاح لإيران بموجب الاتفاق النووي، لهذا يجوب بومبيو وزير الخارجية الأميركي العالم، ويعقد الاجتماعات الافتراضية مع مجلس الأمن، من أجل تمديد تلك المهلة، واستمرار تعهد العالم بعدم تزويد جمهورية الإرهاب بأسلحة خطيرة تهدد أمن العالم بها.
وكانت الولايات المتحدة قد وزعت في وقت سابق من الشهر الحالي مسودة قرار بهذا الصدد على أعضاء المجلس الخمسة عشر، لكن روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض (الفيتو) أشارتا إلى معارضتهما للإجراء.
وقال بومبيو، في اجتماع افتراضي للمجلس: «لا تأخذوا هذا من الولايات المتحدة، استمعوا إلى الدول في المنطقة، من إسرائيل إلى الخليج؛ دول الشرق الأوسط -الأكثر تعرضاً لهجمات إيرانية- تتحدث بصوت واحد (وهو): مددوا حظر السلاح».
لكن السفير الروسي في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، وصف هذا النهج، في كلمته أمام المجلس، بأنه «سياسة الخنق القصوى»، وأضاف: «الهدف هو تغيير النظام، أو خلق وضع تكون فيه إيران عاجزة حرفياً عن التنفس؛ هذا أشبه بوضع ركبة على رقبة شخص»، في إشارة مستترة إلى مقتل الأميركي جورج فلويد في مدينة مينيابوليس، بعدما جثم شرطي بركبته على رقبته.
المتضرر الأول من تصدير السلاح لهذه الدولة الإرهابية لن يكون الولايات المتحدة الأميركية بالدرجة الأولى، بل العالم أجمع، بما فيه روسيا والصين اللتان تهددان باستخدام «الفيتو»، والمستفيد من منعها هو أمن العالم كله؛ هذه رسالة ومهمة يجب أن يتحرك عليها دبلوماسياً الجميع، وأولهم نحن الدول الإقليمية التي وصل لها السلاح الإيراني، وتسبب في موت الآلاف منها. ليس وزير الخارجية الأميركي فحسب، بل حتى أوروبا تعلم أن عليها أن تتحرك لأن الإرهاب الإيراني قد وصل إلى أرضها، فالموقف الأوروبي يميل لتمديد المنع، بعد الخروقات التي يرتكبها النظام، سواء ما يتعلق بالتفتيش النووي أو ما يتعلق بتزايد العمليات الإرهابية الإيرانية في الأراضي الأوروبية، التي تهدف لاغتيال المعارضين خارج الحدود الإيرانية، وعلى الأراضي الأوروبية تحديداً، فقد بلغ عدد تلك الاغتيالات ما يقارب 360 منذ تولى هذا النظام السلطة، وعمَّ 40 دولة.
أما عن دولنا الخليجية، فقد بلغ الجميع مدى مروق هذه الدولة، والتقرير الذي صدر بعد أشهر من التحقيقات من الأمم المتحدة مؤخراً، والذي أعلنه الأمين العام أنطونيو غوتيريش لمجلس الأمن الدولي، أكد أن صواريخ كروز التي هوجمت بها منشأتان نفطيتان تابعتان لـ«أرامكو»، ومطار دولي في السعودية، العام الماضي «أصلها إيراني».
وقال غوتيريش أيضاً، ضمن التقرير، بحسب ما أفادت به وكالة «رويترز» الجمعة الماضي، إن عدة قطع ضمن أسلحة ومواد متعلقة بها، كانت الولايات المتحدة قد ضبطتها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 وفبراير (شباط) 2020، هي «من أصل إيراني» كذلك.
وفي جولة براين هوك في البحرين والسعودية، رأى بنفسه أسلحة الدمار التي تصلنا من إيران، ناهيك من تصديرها للأسلحة إلى الميليشيات الإرهابية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، وجميع هذه الأنشطة مكشوفة للعالم أجمع، لكن المصالح الروسية - الصينية من جهة، ومناكفة أميركا من جهة أخرى، والاستفادة من الموقف المتردد في المساومة على المصالح بينها وبين الدول الراغبة في استمالتها، هي ما سيقرر المواقف ويحددها.
نتصور أننا مطالبون بالتحرك شرقاً، وتذكير روسيا والصين بأن لها مصالح مشتركة لا تقل عن مصالحهما مع إيران التي يدافعان عنها حتى لا تختنق!