د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

فاتورة «كورونا»... الصين مطالبة بالسداد

اتهمت الصين بأنها شاركت في تحريفات وإخفاء معلومات مهمة وحساسة عن جائحة «كوفيد - 19»، وذلك بعدم الاهتمام بمخاطر الفيروس في بدايته، والتأخر، أو التأخير، في إعلان حالة الوباء، ما سبب عواقب وخيمة على الصحة والاقتصاد العالمي، وتسبب في موت الآلاف، وإصابة الملايين، حول العالم، وأحدث أضراراً بالاقتصاد العالمي، الأمر الذي اعتبرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب أسوأ من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) والهجوم على «بيرل هاربر».
مع عودة الاتهامات المتبادلة، بين الصين وأميركا، هل كان الفيروس إهمالاً بيولوجياً في مختبرات ووهان الصينية، مع ظهور تسريبات وأنباء أوردتها مجلة «دير شبيغل» الألمانية عن حالة تواطؤ واستجابة من قبل منظمة الصحة العالمية لطلب من الرئيس الصيني بشأن تأخير التحذير من فيروس «كورونا» المستجد؟
منظمة الصحة العالمية أيضاً متهمة بالتواطؤ مع الصين في تأخير الإعلان عن حجم خطورة فيروس «كورونا»، فمجلة «دير شبيغل» ذكرت أن الرئيس الصيني طلب من مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس حجب معلومات بشأن انتقال الفيروس من شخص لآخر، وتأخير إعلان الجائحة، وإن كانت منظمة الصحة العالمية وصفت ذلك بأنه «ادعاءات كاذبة».
في ظل ملاحقات قضائية للسلطات الصينية، والحزب الشيوعي، خصوصاً، تقدم إيريك شميت المدعي العام لولاية ميسوري الأميركية، بدعوى قضائية ضد الحكومة الصينية، بشأن جائحة فيروس «كوفيد - 19»، متهماً الصين بـ«الكذب على العالم». إذ قال شميت في دعواه «إن هذه الإجراءات أدت إلى (ضرر لا يمكن إصلاحه) في دول كثيرة حول العالم، وخسائر في الأرواح وعواقب اقتصادية».
«كان بوسع الصين إنقاذ حياة مئات الآلاف في أنحاء العالم، وكان بوسعها أيضاً أن تجنب العالم الوقوع في مأزق اقتصادي عالمي، لو تعاملت بشفافية»، كانت تلك كلمات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي قال أيضاً: «هناك أدلة مهمة على أن هذا جاء من المختبر».
فهل ستكون المنظمة الدولية الشماعة التي ستتهم بها الصين لحملها على دفع تريليونات من الدولارات كتعويض عن خسائر لسداد فاتورة «كورونا» الباهظة، التي ما كانت لتحدث لو لم تتأخر الصين ستة أسابيع عن الإعلان عن الجائحة، ولانخفضت أعداد مصابي «كورونا» بنسبة كبيرة، كما أن الصين مررت معلومات خاطئة لمنظمة الصحة العالمية حول عدم انتقال الفيروس من إنسان إلى إنسان، وعن أن الكمامات ليست مهمة، ما تسبب في وفاة مئات من الأطباء والأطقم الطبية والمسعفين.
ولكن يبقى السؤال: هل العالم قادر على إثبات أن الفيروس صيني المنشأ والتصدير، وأن الإهمال هو السبب، وهل سيستطيع العالم إرغام الصين على دفع إجمالي التعويضات المطلوبة من الصين 3.9 تريليون دولار، ومطالبة أخرى بريطانية للصين بمبلغ 351 مليار جنيه إسترليني كتعويض عن الخسائر التي سببها انتشار الفيروس، كما ذكرت صحيفة «ديلي ميل».
الصين من جانبها لا تعبأ بالاتهامات، ولا بالمطالبة بسداد فاتورة ضخمة، بل هي تسعى لإعادة تقييم اتفاق المرحلة التجارية الأولى مع الولايات المتحدة، في حين أن ترمب قال: «لست مهتماً بهذا الأمر»، ولو «بمقدار ضئيل»، ما يؤكد مرحلة صراع اقتصادي كبير مقبلة عليه الدول الكبرى ومرحلة اصطفاف ومحاور جديدة.
ففاتورة «كورونا» واجبة السداد، عاجلاً أم أجلاً، والصين الأقرب للدفع، وهذه الحالة تذكرني بدفع ليبيا فاتورة «حادثة لوكربي»، مع عدم وجود أدلة قاطعة بتورطها، فهل نحن أمام سيناريو «لوكربي» آخر، مع اختلاف موازين القوى، حيث إن الصين ليست في موقع ليبيا زمن «لوكربي»؟
ستكون الأيام المقبلة حبلى بالكثير من المفاجآت، فالعالم لن يعود إلى ما كان عليه قبل زمن «كورونا».