خالد الشواف من شعراء العراق المنسيين، كل ذلك رغم أنه نشر خمسة دواوين وسبع مسرحيات شعرية. قلبي يتفطر له عندما أسمع بكل هذا الإنتاج ولا أجد له ذكراً في المجالس. ولكن مجالس الشعر في هذه الأيام أصبحت حكراً على العفاريت والأبالسة والجلاوزة. وعلى كل فربما لم يتألق اسم هذا الشاعر لأنه لم يتطور. ظل محافظاً على أفكاره القومية يوم انتقل الكلام إلى ماركس وفرويد. وظل ملتزماً بالقصيدة العمودية بعد أن أصبح الشعر طلاسم سريالية. لم يتأثر حتى بصديقه بدر شاكر السياب. كانا على طرفي تقيض فنياً وسياسياً في أوائل الخمسينات. فالسياب مشى في ركاب اليسار والحركة الشيوعية، والشواف هام بحب عبد الناصر والعروبة وكتب عن معركة الكرامة.
يظهر أن اختلافهما في المشارب والمذاهب كان موضوع نزاع متواصل بينهما. يقول خالد الشواف في ديوانه «الليالي والأيام» إنه نصح في عام 1956 بدر شاكر السياب في موضوع أغفل عن ذكره. لا شك أنه لم يكن في موضوع الحب والغرام، فما كان أي منهما عارفاً بذلك أو خبيراً في مطباته. ربما كان الأمر متعلقاً بالسياسة، إذ يقول الشواف إنه بعد آونة قصيرة ندم السياب على ما كان منه وجاء يعتذر لخالد ويتوسل إليه ألا يشمت به.
لا أدري إن كانت الإشارة بذلك تلوح إلى ذلك الانقلاب الخطير في بدر شاكر السياب ضد الشيوعية. وعلى كل فما هذا بشأننا الآن، ولا هو بشأن أي أحد. لقد ذهب السياب إلى رحمة ربه وذهبت الشيوعية إلى المنفى. بيد أن الشواف، كأي شاعر رقيق في نفسه، بادر إلى مواساة صديقه بهذه الأبيات الإخوانية:
أأشـمت؟ لا والله هيهات أن أشمت
فإني لأغضي عن كثير وأصمت
أسوق عتاب الشعر والشعر وحده
فقد كاد صوت الشعر يا بدر يخفت
وأنطق للحق الذي بان وجهه
فليس سوى الشيطان للحق يسكت
نصحتك نصحاً لا يثبط عازماً
ولكنه يا بدر كان يثبت!
وأدركت نصحي بعد حين، ولم تكد
أأشمت؟ لا يا بدر هيهات أشمت
جناحك للجو الذي أنت نسره
فهل عاد من آصاره يتفلت