زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

تصوير المرأة في الفن المصري القديم

كان الفنان المصري القديم لديه قواعد يسير عليها، فقد كان أولاً يهتم بتصوير جسم الرجل في المرتبة الأولى لأنه رب البيت وصاحب المقبرة، أما التعبير عن شكل المرأة ورشاقتها فكان ذلك يأتي في المرتبة الثانية. وإذا نظرنا إلى تصور جسم المرأة وشكلها خلال فترات التاريخ الفرعوني كله فسوف نرى أن الفنان التزم تصوير المرأة ولم يتغير في مقاسات الجسم سوى تغير طفيف جداً قد لا يلاحظه الأشخاص.
أما المرأة فقد صورها الفنان على أنها جذابة ورشيقة ذات قوام ممشوق أو نحيل ولها ثديان صغيران وعينان واسعتان لوزيتا الشكل والتكوين، وهذا هو الشكل الذي كانت تود المرأة أن تكون عليه في العالم الآخر. أما ملابس المرأة في صورها فكانت بسيطة في بادئ الأمر ثم تطورت إلى ملابس ذات ثنايا جميلة وكذلك ملابس من القماش الشفاف الذي يُظهر أجزاء من جسم المرأة، وسوف نلاحظ ذلك في مناظر تصوير الملكة نفرتاري حيث ظهرت في العديد من الملابس التي تأخذ أشكالاً مختلفة جعلها تظهر في أجمل ثيابها.
ولم يقم الفنان المصري القديم بتصوير المرأة بملابس عارية داخل المقابر ولكنه استطاع أن يصور المرأة بملابس تُظهر بعض تفاصيل جسمها عن طريق استعمال القماش الرقيق الشفاف أو الملابس المحبوكة، وهذا يشير إلى أنه لم يستعمل العري المطلق بل استعمل الملابس لإظهار حال المرأة. ولذلك كان المصري القديم حريصاً على عدم إظهار المرأة عارية إطلاقاً، ولكن صور الإلهة نوت، إلهة السماء، كانت في شكل امرأة عارية.
وهناك مناظر رائعة تركها لنا المصري القديم تُظهر لنا قدرته على إظهار مفاتن المرأة وجمالها، رغم أنها مغطاة بالملابس. وأجمل ما وصل لدينا هو تلك التي عُثر عليها بتل العمارنة، المدينة التي حكم منها إخناتون وعبدَ الإلهَ آتون الذي تقع قوته خلف قرص الشمس، وذلك المنظر الذي يمثل إحدى الأميرات جالسة تتناول الطعام. وقد صوّر الفنان المصري القديم النساء في أشكال مختلفة وقام بوضع شكل معين لكل امرأة، فمثلاً صوّر الملكات بشكل مختلف لأنهن آلهة، ونرى مناظر الملكات واضحة داخل مقابر الملوك بوادي الملوك وقد شبّهن بالإلهة حتحور، عكس مناظر المربيات والخادمات والوصيفات أو المرضعات، وكذلك سيدات من النبلاء، فكل امرأة لها شكل خاص.
ولدينا بردية عُثر عليها في الدير البحري بالأقصر تُظهر مناظر عديدة لكاهنة تُعرف باسم «مري م وبنت» وهي تعيش في العالم الآخر وصُوِّرت وهي تنعم بالحياة في الجنة التي أطلق عليها الفراعنة اسم جنة الأياروا. وهذا يوضح لنا التزام الفنان خطوطاً معينة عندما كان يرسم المرأة. وهنا قد أقول إن مناظر المرأة في مقابر الرسامين التي عُثر عليها في الجبانة العلوية بمقابر العمال بناة الأهرام، قد تُظهر التشابه في رسم الجسم ولكن الوجه يختلف من امرأة إلى أخرى.