إميل أمين
كاتب مصري
TT

إيران... الخطر القائم والقادم

ليس من الغريب أو العجيب على نظام ثيوقراطي يتمدد يوماً تلو الآخر، مناهضاً للغرب، ومهدداً للشرق، وبينهما يتطلع إلى بسط سيطرته على الإقليم، أن يفاخر ويجاهر بامتلاكه صواريخ بحر - بحر، يصل مداها إلى 700 كيلومتر، كما أشار إلى ذلك قائد القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني الأدميرال على رضا تنكسيري نهار الاثنين الفائت.
التصريح الإيراني يؤكد ما أشرنا إليه مرات عدة سابقة من أن إيران لا تؤمن أبداً بأنها دولة، وإنما يتلبسها فكر القضية الثورية، وتسعى إلى تصدير الكراهية إلى من حولها من دول أول الأمر، وتعيث فساداً وإرهاباً في العالم تالياً.
في الخامس عشر من أبريل (نيسان) الجاري، نفذ أحد عشر زورقاً إيرانياً عملية اقتراب ومضايقة خطيرة لسفينة تابعة للبحرية الأميركية، الأمر الذي اعتبرته واشنطن أنه «خطير واستفزازي»، فيما كانت طهران تمارس الكذب المعتاد بوصف الأمر بأنه «ممارسة هوليوودية».
ذهب البعض في الداخل الأميركي قبل أسابيع إلى الحديث الإنساني الذي يحتم رفع بعض من العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران من أجل مساعدتها على التعافي من فيروس «كورونا».
الغي الإيراني السادر استدعى مؤخراً فتح ملف بناء إجماع دولي بقيادة أميركية ضد إيران، وإن كان يسبقه بالضرورة توحيد الرؤى الأميركية بين الجمهوريين والديمقراطيين، على خطورة المشهد الإيراني الآني، لا سيما أن غياب التجانس الأميركي الفاقع حول برنامج إيران النووي، يفتح الأبواب واسعاً أمام الإيرانيين لممارسة المزيد من الألاعيب التقليدية التي عُرفوا بها طوال أربعة عقود من الثورة التي أتت على الأخضر واليابس في الداخل الإيراني.
لم تصرف «كورونا» وكارثتها في الداخل الأميركي النظر عن الوضع الإيراني الخطير، والنوايا الإيرانية الحقيقية، ولهذا يدور الحديث الآن عن حتمية قيام الرئيس الفائز ببلورة رؤية قاطعة تجاه نظام الملالي، تضع الإيرانيين أنفسهم أمام خيار تاريخي؛ فإما العودة إلى فكر الدولة القابلة للعيش مع بقية العالم على أسس من القانون الدولي والشرعية الأممية، أو التمترس مع الملالي وراء قصة الثورة والقضية التي ستقود إيران في نهاية المشهد إلى الانهيار المريع.
خطر إيران قائم وقادم معاً، وربما هذا ما لفت إليه الانتباه قبل أيام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي ذكر العالم بأن قرار الحظر الأممي المفروض على توريد أسلحة لإيران يقترب من الانتهاء وعلى وجه التحديد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم، أي خلال ستة أشهر.
الكارثة الحقيقية أنه إذا ظل العالم يتيح المجال لإيران لمزيد من التسلح، فإن كافة خطط إيران الإرهابية إقليمياً ودولياً سوف تمضي قدماً، وساعتها سيكون ثمن لجم الإيرانيين غالياً جداً.
خلال العام المنصرم أطلقت إيران صواريخها الباليستية على المنشآت النفطية السعودية، فيما سلحت الحوثي برؤوس مماثلة هددت الآمنين في الجوار.
مارست طهران إرهاباً في مياه الخليج العربي، من خلال زرع الألغام، واختطاف ناقلات النفط، وتهريب الأسلحة إلى مناطق النزاع، ووصل بها الإرهاب الجنوني إلى إسقاط طائرة ركاب مدنية.
رفع القيود عن توريد الأسلحة إلى إيران، يعني بدون اختصار مخل إتاحة الفرصة للمزيد من الدعم اللوجيستي الإيراني للتنظيمات الإرهابية، سواء في الشرق الأوسط، أو في أوروبا حيث تتهيأ إيران للانتقام حال تعرضها للصاعقة المتوقعة، عطفاً على زرع المزيد من المسلحين في أميركا اللاتينية، وتقوية شوكة الميليشيات التي تدور في فلكها.
إعلان البحرية الإيرانية عن صواريخ باليستية بحرية جديدة، أمر يشي بنوايا إيران الحقيقية التي لا تخفى على أحد، وهي الحصول الآن على تلك النوعية من الصواريخ المتقدمة القادرة على اجتياز السدود وعبور الحدود، وتاليا تحميلها برؤوس أسلحة الدمار الشامل، والتي تبدأ من عند الأسلحة الجرثومية، مروراً بالبيولوجية، وصولاً إلى النووية الحلم الإيراني الذي يمثل شهوة قلب الملالي.
على المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة أن يقرر ما إذا كانت إيران دولة طبيعية أو قضية ثورية مستمرة إلى ما لا نهاية، ما يعني خطراً قائماً وقادماً مفتوحاً، في عالم يعاني من سيولة جيواستراتيجية، تتيح لطهران المزيد من نشر الإثم حول العالم.