طارق الشناوي
ناقد سينمائي، وكاتب صحافي، وأستاذ مادة النقد بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. أصدر نحو 30 كتاباً في السينما والغناء، ورأس وشارك في لجان تحكيم العديد من المهرجانات السينمائية الدولية. حصل على العديد من التكريمات، وقدم أكثر من برنامج في الفضائيات.
TT

حكايات عاطفية «سبايسي»

قالت لي الصديقة النجمة الكبيرة ميرفت أمين، «غير صحيح، أكذب يعني وأقول إنه حصل، عشان هو مش موجود بينا، علاقتنا لم تتجاوز حدود الصداقة، طبعاً أنا كنت مثل أي فتاة في ذلك الوقت معجبة به، فما بالك عندما أمثل أمامه، ولكن الحب حكاية ثانية، لم تحدث إطلاقاً».
أغلب البرامج الفضائية في الأسابيع الأخيرة، صارت أسيرة «كورونا»، لا تتناول أي شيء سوى هذا الفيروس اللعين؛ الهلع من الفيروس أدى بنا إلى أن صار الهلع هو الفيروس.
راهنت قبل أيام على أن ذكرى عبد الحليم ربما تُصبح فرصة لكسر حالة الملل الفضائية، لننتقل إلى مناقشة أشياء أخرى؛ لا يمكن أن تتواصل أيامنا بكل تلك الرتابة، التي نعيشها منذ نحو شهر.
مر 43 عاماً على رحيل عبد الحليم، وأغانيه لا تزال في الشارع، أغلب المطربين الجدد، ومن الجنسين، يستعيدون بعضها في حفلاتهم، والجمهور لم ينقطع شغفه بها، بينما هناك من قرر أن يضع كثيراً من «البهارات» على حياة عبد الحليم الشخصية، بإضافة زواجه من سعاد حسني، وهي قصة باتت مكررة، فقرروا البحث عن خط عاطفي موازٍ، وقع اختيارهم على الفنانة ميرفت أمين، خصوصاً أنها شاركت حليم وهي دون العشرين بطولة آخر أفلامه (أبى فوق الشجرة) عام 1969، بينما كان هو في الأربعين. الشخصيات التي كانت فاعلة وشهود إثبات في زمن عبد الحليم باتت قليلة جداً، بعد أن خطف الموت في السنوات الأخيرة العديد منهم، على الجانب الآخر، ازدادت ثقة من هم على قيد الحياة، بأنه لا أحد من الممكن أن يكذبهم، فقرروا زيادة جرعة الحكايات العاطفية، «ماكيير» كبير عاصر زمن حليم، قال في أكثر من تسجيل إن عبد الحليم أحب ميرفت أمين، وكاتب صحافي كبير أكد الواقعة، وأضاف أن سعاد حسني كانت تغير منها بسبب هذا الحب.
حكاية حليم وسعاد، الموثق منها هو حالة حب جارفة بينهما، كادت تُفضي إلى زواج، وإلى ثنائية فنية تجمعهما في فيلم «الخطايا». في اللحظات الأخيرة توقف المشروع بشقيه العاطفي والفني، وأسند عبد الحليم باعتباره شريكاً في إنتاج الفيلم من خلال شركة «صوت الفن» التي امتلكها هو وعبد الوهاب، الدور إلى نادية لطفي، وتوقف الأمر تماماً عند تلك المحطة، وكل منهما ذهب في طريق، وتزوجت سعاد مرتين في حياة عبد الحليم.
راهن البعض على صمت ميرفت، المعروف عنها البعد عن «الميديا»، وعن كل برامج «النميمة»، اعتقد مروجو تلك الحكاية، أنهم عندما يعلنون هيام عبد الحليم بها، وغيرة سعاد منها، أن هذا سوف يرضي أنوثتها، ميرفت لم تحسبها أبداً على هذا النحو، كان يعنيها فقط الحقيقة، فقالت إنها قصة «فشنك».
هل الجمهور يحب فقط أن يسمع ويشاهد الإبداع، أم تعنيه أيضاً تلك الحكايات؟ بالتأكيد هو يميل لتحطيم الخط الفاصل بين الإنسان والفنان، لديه نهم لاكتشاف ملامح الضعف الإنسانية، تتملكه رغبة عارمة في إزاحة أوراق «السوليفان»، ولا بأس من كل ذلك، لو خضع الأمر للحقيقة، ولكن ما نتابعه لا يعدو أن يكون مجرد لهاث وراء القصة «الحراقة»، المليئة بالتوابل لفتح شهية الجمهور للمتابعة، بعيداً عن نصيبها من الحقيقة، وربما نكتشف مع الأيام أنها من أعراض الهلع من «كورونا»!