«اليوم العالمي للمرأة» كانت أول انطلاقة له المطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور، والحصول على حق التصويت في الانتخابات للمرأة، والمطالبة بوقف العنف ضدها.
ففي إيطاليا، يُحتفل بـ«اليوم العالمي للمرأة (la festa della Donna)»، من خلال تقديم أزهار الميموزا، فمثلما كانت المرأة وسحر عينيها وجمال شعرها وقوامها مصدر إلهام ووحي وإبداع لدى البعض للتغني بها، كانت عكس ذلك لدى آخرين.
ففي «يوم المرأة» تتكرر الشعارات، ويكرّر الإعلام والعالم الحديثَ عن حقوق المرأة من دون أن يتحقق لها الحد الأدنى من الحقوق، في مجتمعات أغلبها غارقٌ في العنف وإهانة كل ما هو أنثى. فالرجال منهم من جارَ على المرأة فعدَّها مصدر الشر؛ بل وبالغ أفلاطون في التطرف فقال: «المرأة رئةٌ معطلة».
فالمرأة لم تكن أكثرَ حظاً عند الأمم والديانات الأخرى، فجاء في تعاليم «GITA»: «ليس الموت والجحيم والسم والأفاعي والنار أسوأ من المرأة».
والبعض الآخر من الرجال خَدع وكذب على المرأة؛ فقالوا إنها «نصف المجتمع»، وهم يدّعون بذلك إنصافَها، ولكنَّهم في الحقيقة يخدعونها، فهم يعلمون أنَّ المرأة أكثر من نصف المجتمع بكثير، فقد تكون ثلثي المجتمع، أو «النصف زائداً واحداً» في أقل الظروف، فهي أكثر من النصف في الكمّ (العدد) والكيف (التأثير)، ولكن «سي السيد» و«الحاج الزروق» و«الحاج متولي» أصحاب الشارب الذكوري لا ينظرون إلى أبعدَ مما يظهر لهم من خلال ثقوب أبوابهم المغلقة حتى أمام ضيوفهم، ويرفضون التعاملَ مع المرأة على أنها صاحبة حق؛ وحق كبير، بينما نجدهم إذا جنَّ الليل وفي سرايا الظلام تختلف طباعهم، فهم كسالى المجتمع يخشون الاقتراب من الحقيقة فيهربون إلى الوراء، إلى الزمن الذي كان الإنسان فيه وحش الغابة لا تستره إلا وريقة التوت، بينما المرأة حتى من الناحية الفسيولوجية تفوق الرجل بكثير، فالمرأة تحمل وترضع وتربي، وليس للرجل فيهما أي نصيب؛ فأين النصف الذي يتحدث عنه صاحب الشارب، وهو لم ينل منه حتى الربع في حضوره؟
المرأة أكثر حضوراً ومكانة وحظاً من الرجل في الإسلام، فجعلها الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مقدَّمة ثلاث مرات على الرجل في صحبة أبنائها، فقال للسائل عن أحق الناس بصحبته: «أمك... ثم أمك... ثم أمك... ثم أبوك»؛ أي الربع لأبيك، فالرجل بالكاد وصل إلى الربع، ونظراً لتذاكي الرجل وطيبة المرأة سكتت عن أنَّه جعل من نفسه النصف الآخر.
حتى فكرة المعصية والخروج من الجنة، التي تحمل وزرها المرأة، في الحقيقة جاءت من آدم الذي وسوس له الشيطان: «فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أَدُلّك على شجرة الخلد وملك لا يبلى». فَطَمَعُ آدمَ كانَ السببَ في الخروج، وبداية حياة الشقاء والتعب، وفي سورة آل عمران؛ جاء قوله تعالى: «فاستجاب لهم ربهم أنّى لا أضيع عملَ عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضكم من بعض»، وقوله تعالى في سورة التوبة: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض»، وفي سورة النحل: «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فَلَنُحْيِيَنَّه حياة طيبة»، وفي سورة الأحزاب: «من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة».
المرأة التي يريدها «سي السيد» في روايات ومجتمع نجيب محفوظ، لا حاجة بها إلى التعليم؛ فقط يريدها كخادمة له في الصباح والمساء، وربما يضربها متى شاء، وعليها أن تكون دائماً باسمة مبتهجة في وجهه، وأن تتحمل متاعبه جميعها، وعليها أن تنجب الأولاد وترعى الأولاد والضيوف والجيران.
6:56 دقيقة
TT
المرأة أكثر من «نصف» المجتمع!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة