مستشار ظريف لـ {الشرق الأوسط}: تجاوزنا 3 عقود من عدم الثقة مع واشنطن

إيران تنتظر تسوية نووية في مقابل دور إقليمي تدعمه الولايات المتحدة

ظريف وأشتون وكيري في اجتماع سابق ضمن الجولة الأولى من المفاوضات (إ.ب.أ)
ظريف وأشتون وكيري في اجتماع سابق ضمن الجولة الأولى من المفاوضات (إ.ب.أ)
TT

مستشار ظريف لـ {الشرق الأوسط}: تجاوزنا 3 عقود من عدم الثقة مع واشنطن

ظريف وأشتون وكيري في اجتماع سابق ضمن الجولة الأولى من المفاوضات (إ.ب.أ)
ظريف وأشتون وكيري في اجتماع سابق ضمن الجولة الأولى من المفاوضات (إ.ب.أ)

أكدت إيران أمس تجاوز 3 عقود من عدم الثقة مع الولايات المتحدة مشيرة إلى أنها تنتظر تسوية نووية في مقابل دور اقليمي تدعمه الولايات المتحدة .
وقال علي خورام، مستشار محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، لـ«الشرق الأوسط» إن إيران «توصلت مع الولايات المتحدة إلى وضع أسس ثابتة لإيجاد حلول دائمة للأزمة النووية، رغم مرور أكثر من 30 سنة من فقدان الثقة}.
وأشار إلى أن المفاوضات بين الطرفين بناءة وتصب في المصلحة الوطنية لكلا البلدين للتوصل إلى اتفاق نهائي. وأضاف: «يبدو أن كلا الجانبين قد اعترف أخيرا بمواطن القلق التي كانت تساورهم، وهما مستعدان الآن لبذل المزيد من التعاون بأقصى درجات المرونة».
وقال مستشار ظريف «بالنسبة لطهران، فإن حرص الرئيس الأميركي وصموده على مواصلة المفاوضات، رغم الضغوط الهائلة لعرقلة المفاوضات من قبل الجمهوريين وإسرائيل، بات فرصة ليس من السهل المغامرة بفقدانها». وبالإشارة إلى الخطاب الذي أرسله الرئيس أوباما إلى المرشد الأعلى الإيراني، قال خورام إن «تلك المراسلات الدبلوماسية كان لها أثر إيجابي كبير لدى القيادة العليا الإيرانية وتعتبر ضرورية من حيث تغيير الموقف للتوصل إلى اتفاق، رغم أن الخطاب ينحصر موضوعه حول المصالح المشتركة في مجال مكافحة تنظيم داعش».
ومع اقتراب تاريخ الموعد النهائي للمحادثات النووية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) تلقى الكشف عن خطاب أرسله الرئيس أوباما إلى آية الله خامنئي ترحيبا حذرا في أعلى الأوساط السياسية في طهران، حسبما أوضح مسؤول إيران لـ«الشرق الأوسط».
ويعتقد المراقبون السياسيون في طهران أن خطاب الرئيس أوباما يأتي كإشارة أخرى للتعاون الإيراني - الأميركي المحتمل في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، وهو تعاون قيد الاحتمال فحسب، غير أنه جزرة مفيدة تُمنح لمنطقة تغرق في الاضطرابات.
وأشار خورام إلى أن «عقيدة اعتبار الولايات المتحدة الأميركية كونها الشيطان الأعظم تمر بحالة تغير في إيران وهناك إشارات على سياسات أميركية مختلفة تجاه القضية الإسرائيلية - الفلسطينية، والعراق، وسوريا، ومن شأن كل ذلك أن يمهد الطريق لإيران للدخول في حالة من التعاون مع الولايات المتحدة».
وقال مصدر مقرب من الحكومة الإيرانية طلب عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن «البرنامج النووي الإيراني تحول إلى إحدى أهم الضروريات الاستراتيجية بالنسبة لإيران وللولايات المتحدة في مواجهة الأزمات الإقليمية الراهنة».
وبعد مرور نحو عامين من المفاوضات الرسمية المكثفة، بين إيران والولايات المتحدة بشأن الملف النووي الإيراني الذي يمتد لعقد من الزمان، يقاتل الطرفان من أجل اكتساب المصداقية حيث بذلت الدولتان قصارى الجهود للتوصل إلى اتفاق، بصرف النظر عن التوقيع على الاتفاقية من عدمه.
وقد أضاف عقد المحادثات النووية ما قبل الموعد النهائي في مسقط عاصمة سلطنة عمان، التي شهدت اللقاءات الرسمية الأولى بين الدبلوماسيين الإيرانيين والأميركيين عقب عقود ممتدة من المحادثات غير المباشرة، زخما إلى التسويات النهائية التي يرضى كلا الجانبين بتقديمها.
ويرى السيد حامد رضا آصفي، المتحدث الرسمي السابق لوزارة الخارجية الإيرانية إبان حكم الرئيس الإيراني السابق محمد أحمدي نجاد، أن اختيار سلطنة عمان كمضيف ملائم للمحادثات الإيرانية - الأميركية المباشرة يعود إلى العلاقات التاريخية الجيدة فيما بين إيران وسلطنة عمان والسجل الحافل من الوساطة بين إيران والولايات المتحدة. ويستبعد السيد آصفي رغم ذلك «أي دور مهم قد تقوم به السلطنة في إقناع أي جانب بالمضي قدما في مسار التسويات»، على حد ما نقلته عنه وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.
ولا يزال غير معروف ما إذا كان المسؤولون العمانيون سوف يكونون حاضرين خلال المفاوضات القادمة، غير أن المصدر الإيراني نفى أي دور للوساطة تقوم به السلطنة، مشيرا إلى أن «سلطنة عمان الصديقة تعمل على استضافة المفاوضات فحسب مثلما استضافتها في الماضي دول أخرى مثل كازاخستان في عامي 2012 و2013».
ومن المقرر لظريف وآشتون وكيري أن يجتمعوا في العاصمة العمانية مسقط بتاريخ التاسع والعاشر من نوفمبر لمناقشة الإطار النهائي للمفاوضات النووية النهائية بين إيران ومجموعة (5+1) المقرر عقدها في العاصمة النمساوية فيينا في الرابع والعشرين من ذات الشهر.



استعجال نزع سلاح «حماس» يعرقل جهود استكمال «اتفاق غزة»

مسلحون من «حماس» يحرسون منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» يحرسون منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

استعجال نزع سلاح «حماس» يعرقل جهود استكمال «اتفاق غزة»

مسلحون من «حماس» يحرسون منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» يحرسون منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة (أ.ف.ب)

خرجت تسريبات إسرائيلية، الأربعاء، عن اتفاق تل أبيب مع واشنطن على استعجال نزع سلاح حركة «حماس»، مع حديث عن مهلة محتملة لنحو شهرين لإنهاء المهمة، وسط ترقب لبدء المرحلة الثانية المتعثرة.

وجاء ذلك في ختام تفاهمات أميركية - إسرائيلية توعدت «حماس» بالسحق حال لم يتم نزع السلاح، وهذا يشي بأن ثمة عراقيل تطرح مسبقاً، خاصة أن إسرائيل بالمقابل، لم تعلن التزاماً بالانسحاب من قطاع غزة، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مشيرين إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التفاهمات بين الوسطاء و«حماس» للوصول لأفضل الصيغ بشأن سلاحها، والتي قد تكون في «ضبطه وليس نزعه».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز»، إن «حماس» لا تزال تمتلك نحو 20 ألف مسلح يحتفظون بنحو 60 ألف بندقية «كلاشينكوف»، مشدداً على أن أهداف الحرب لم تتحقق بالكامل، وعلى رأسها «القضاء التام على (حماس)»، وفق تعبيره.

تلك الإحصائية الإسرائيلية تأتي غداة نقل صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصادر، أن الولايات المتحدة وإسرائيل حددتا مهلة نهائية مدتها شهران لتفكيك سلاح الحركة عقب لقاء، الاثنين، بين نتنياهو، والرئيس الأميركي دونالد ترمب في فلوريدا.

وقال ترمب، في مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو: «تحدثنا عن (حماس) وعن نزع السلاح، وسيمنحون فترة زمنية قصيرة جداً لنزع سلاحهم، وسنرى كيف ستسير الأمور».

وأضاف: «إذا لم ينزعوا سلاحهم كما وافقوا على ذلك، لقد وافقوا على ذلك، فسيكون هناك جحيم بانتظارهم، ونحن لا نريد ذلك، نحن لا نسعى لذلك، ولكن عليهم نزع السلاح في غضون فترة زمنية قصيرة إلى حد ما»، محذراً، من أن عدم الامتثال سيكون «مروعاً» بالنسبة للحركة، ومضيفاً أن دولاً أخرى «ستتدخل وتسحقها» إذا فشلت في إلقاء سلاحها.

غير أنه قال رداً على سؤال بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستسحب جنودها من غزة قبل نزع سلاح «حماس» بشكل كامل: «هذا موضوع آخر سنتحدث عنه لاحقاً».

ولم تعلق «حماس» على هذه التهديدات رسمياً، غير أنها عادة ما ترفض تسليم سلاحها ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمراً، وقالت أكثر من مرة إنها منفتحة على أي حلول وسط بشأن ذلك.

أطفال فلسطينيون نازحون في خيمة أقيمت على أرض غمرتها المياه وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويرى المدير التنفيذي لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير عزت سعد، أن استعجال إسرائيل لنزع سلاح «حماس» يعرقل جهود الوسطاء لاستكمال اتفاق وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أنه مطلب غير واقعي لا يقابله أي التزام من إسرائيل بشأن الانسحاب وإعادة الإعمار.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، فإن ملف سلاح المقاومة لن يكون عقبة حقيقية أمام استكمال الاتفاق، خلافاً لما تحاول إسرائيل الترويج له، موضحاً أن هناك مرونة كافية لدى حركة «حماس» والفصائل الفلسطينية، مقرونة برؤية سياسية ناضجة جرى بلورتها في القاهرة خلال اجتماع جامع ضمّ مختلف الفصائل، باستثناء حركة «فتح»، وبمشاركة الجهات المصرية.

هذه الرؤية تبلورت في موقف موحّد تبنّته الدول الوسيطة، وعلى رأسها مصر وتركيا وقطر، وتم نقله إلى الجانب الأميركي خلال اجتماع ميامي هذا الشهر، وينصّ بوضوح «على ضبط السلاح والالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، دون الانزلاق إلى منطق نزع السلاح كشرط مسبق أو أداة ابتزاز سياسي».

ويرى المدهون أن «حماس» معنية بشكل واضح بالوصول إلى المرحلة الثانية وتنفيذ الاتفاق كاملاً، وقدّمَت خلال المرحلة الأولى نموذجاً من الانضباط والالتزام وضبط الميدان، ما شجّع الوسطاء على تبنّي موقف داعم لاستمرار الاتفاق والانتقال إلى مرحلته التالية باستبدال ضبط السلاح بدلاً عن نزعه.

وثمة تهديدان بانتظار «اتفاق غزة»؛ الأول ذكره نتنياهو لموقع «نيوز ماكس» الأميركي، قائلاً: «سنستعيد رفات آخر رهينة في غزة بأي طريقة كانت»، والذي لم يتم الوصول له بعد، والثاني، بدء إعمار جزئي في رفح الفلسطينية قبل نزع سلاح «حماس»، بحسب ما نقلت «القناة الـ12» الإسرائيلية، وهو ما يتعارض مع جهود الإعمار الشامل الذي تسعى له الدول العربية.

ويرى السفير عزت سعد ضرورة الانتظار لمتابعة نتائج لقاء ترمب ونتنياهو على أرض الواقع، وهل ستبدأ المرحلة الثانية قريباً أم لا، محذراً من سعي إسرائيل لإعمار جزئي يهدد المرحلة الثانية.

ويعتقد المدهون أن العقدة الحقيقية ليست عند «حماس»، بل عند الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يلتزم حتى اللحظة بكامل استحقاقات المرحلة الأولى، ويواصل محاولاته لتخريب الاتفاق أو التهرّب من الانتقال إلى المرحلة الثانية.

ويرى أن هناك خطورة إذا بدأ الاحتلال الإسرائيلي، أو الجانب الأميركي، بالإعمار في المناطق المحتلة من قطاع غزة، والتي تشمل شرقي «الخط الأصفر»، وهذا يعني انقلاباً على الاتفاق، مشيراً إلى «أن المرحلة الثانية، والإعمار، يجب أن يتمّا في كامل قطاع غزة، ويجب أن يكون هناك انسحاب إسرائيلي الآن من الخط الأصفر، ومن ثم تبدأ عملية الإعمار بعد تشكيل حكومة فلسطينية أو إدارة فلسطينية مقبولة داخلياً وإقليمياً ودولياً».

ونبه إلى أن أحاديث إسرائيل هي «محاولة للتهرب من مقتضيات المرحلة الثانية، والأساس فيها هو الانسحاب من القطاع».


الحوثيون يقرّون بمقتل ممثلهم في غرفة عمليات «المحور» الإيراني

الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)
الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)
TT

الحوثيون يقرّون بمقتل ممثلهم في غرفة عمليات «المحور» الإيراني

الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)
الغارات استهدفت مواقع اختباء ومراكز سرية للقيادة الحوثية (إعلام محلي)

توالت اعترافات الحوثيين بالخسائر التي لحقت بهم جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت مخابئ عدة لهم في 2025 بصنعاء وصعدة، من بينهم عبد الملك المرتضى، ممثلهم في غرفة العمليات المشتركة للمحور المدعوم من إيران في لبنان والعراق وسوريا.

فبعد أيام من الإقرار بمصرع زكريا حجر، قائد وحدة الطيران المسيّر ومساعديه، ومسؤول هندسة الصواريخ، أعلنت الجماعة الحوثية أن المرتضى، المنحدر من محافظة صعدة، سيشيَّع من «جامع الصالح» في صنعاء، الخميس، حيث تُرجّح المصادر مقتله في الضربات الأميركية التي استهدفت مخابئ عدة للحوثيين في مارس (آذار) من عام 2025.

ومع استمرار اختفاء وزيرَي دفاع وداخلية الحوثيين، وقائد المنطقة العسكرية السابعة عبد الخالق الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، تُظهر هذه الاعترافات حصيلة من الخسائر النوعية هي الأثقل منذ بدء عملية التمرد على السلطة المركزية في صنعاء منتصف عام 2004. كما أنها تكشف، وفق مصادر عسكرية، عن الأسباب الفعلية التي دفعت بالحوثيين إلى عرض الهدنة على الولايات المتحدة خلال استهداف السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

المرتضى واحد من كبار قادة الجناح العسكري للحوثيين المرتبط بإيران (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته المصادر، فإن المرتضى ظل طيلة السنوات الماضية متنقلاً بين سوريا والعراق ولبنان ممثلاً للحوثيين في غرفة العمليات المشتركة لما يُسمى «محور المقاومة» الذي تدعمه إيران. ولعب دوراً محورياً في تنسيق العمل بين هذه المجموعات في البلدان الثلاثة، وسهّل نقل المقاتلين والأسلحة من إيران إلى اليمن، الذي عاد إليه بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023.

مهام متعددة

طبقاً لبيانات ناشطي الجماعة الحوثية، فقد ظل المرتضى بعيداً عن الإعلام والتجمعات واللقاءات الشعبية، كحال بقية المسؤولين في الجناح العسكري، لكنه قاد معارك الجماعة في مديرية نهم بمحافظة صنعاء، والمواجهات التي شهدتها محافظة الحديدة، ووصلت خلالها القوات الحكومية إلى وسط عاصمة المحافظة، كما كان أحد قادة التمرد على السلطة المركزية، وتولى منذ عام 2009 قيادة مجموعة مسلحة أطلق عليها «لواء الإسلام».

بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة، انتقل المرتضى إلى جنوب لبنان، حيث عمل ضمن جماعات تابعة لـ«حزب الله» في إطار عمل المحور المدعوم من إيران، إلا إن مقتل قادة «الحزب»، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله، وأهم قادة التشكيلات العسكرية، أرغمه على الانتقال إلى العراق ضمن مجموعة أخرى من العناصر الحوثية التي كانت تعمل مع التشكيلات هناك.

الحوثيون تكبدوا خسائر غير مسبوقة خلال عام 2025 (إ.ب.أ)

ووفق المصادر، فإن المرتضى أُعيد في مطلع عام 2025 إلى مناطق سيطرة الحوثيين، قبل أن تصطاده غارة أميركية في مارس، وفق تقديرات المصادر، في حين أعلنت الجماعة أنه سيدفن برفقة اثنين من القادة الآخرين قُتلوا في غارات مماثلة.

خسائر أخرى

وسط سلسلة الاعترافات، كشف ناشطون حوثيون عن مصرع مجموعة أخرى من الجناح العسكري، بعضهم كان يعمل في هندسة الصواريخ، من بينهم راجح الحُنمي، الخبير في القوة الصاروخية، والعميد إسماعيل الوجيه، والعميد أحمد إسحاق، والعميد محمد الجنيد، والعميد ماهر الجنيد، والعقيد علي المؤيد، والعقيد محمد الشرفي.

وفي السياق، كشفت المصادر عن أن العقيد أحمد حجر، الذي أقر الحوثيون بمقتله مع أخيه قائد وحدة الطيران المسيّر، كان يعمل في قسم المهام اللوجيستية المرتبطة بقوة الصواريخ وسلاح الطيران المسيّر، من خلال عمله في مكتب القيادي عبد الملك الدُرّة، المعيّن برتبة لواء نائباً لرئيس هيئة الإسناد اللوجيستي بوزارة الدفاع الحوثية.

ووفق ما أوردته منصة «ديفانس» المعنية بالشؤون الأمنية والعسكرية، فإن الدُرّة منخرط في أنشطة الدعم اللوجيستي لمنظومة الصواريخ الحوثية وسلاح الدُّرُون، ويُشرف على توفير الاحتياجات وتهريب وتوريد معدات من الخارج، وتأمين البنى التحتية ومخابئ الورشات ومراكز التجميع والصيانة.

الجماعة الحوثية تعتمد سياسة الاعتراف بخسائرها العسكرية بالتدريج (إ.ب.أ)

كما أنه يعمل نائباً للقيادي مسفر الشاعر، المتورط في أنشطة التهريب والمدرج على لوائح العقوبات، والمكلف الاستحواذ على الممتلكات العامة والخاصة عبر ما يُسمى «الحارس القضائي».

وذكرت المنصة أن الدُرّة عمل مع الحوثيين منذ بداية تأسيسهم في جبال صعدة، وهو ضابط سابق في الجيش اليمني، وعمل مع الجماعة مسؤولاً عن دائرة الإمداد والتموين، وقبلها عمل مسؤولاً للاستخبارات في القوات الجوية والدفاع الجوي، كما عمل مسؤولاً للدفاع الجوي بمحافظة الحديدة، وهو أحد القادة الذين يُحاكمون غيابياً أمام القضاء العسكري اليمني.


العليمي يطلب موقفاً دولياً جماعياً لردع تمرد «الانتقالي»

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)
المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)
TT

العليمي يطلب موقفاً دولياً جماعياً لردع تمرد «الانتقالي»

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)
المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للانفصال عن اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (أ.ب)

عكس اللقاء الذي جمع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بالسفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن، الأربعاء، حجم القلق من التصعيد السياسي والعسكري الذي ينفذه «المجلس الانتقالي الجنوبي»، في ظل ما وصفه العليمي بـ«التمرد المسلح» على سلطة الدولة وقراراتها السيادية، مؤكّداً الحاجة إلى موقف دولي جماعي وحازم لردع التهديدات التي تهدد وحدة اليمن وتقوض جهود السلام.

وبحسب الإعلام الرسمي، بحث العليمي مع السفير فاجن مستجدات الأوضاع في اليمن، وانعكاساتها الاقتصادية والأمنية، على ضوء التطورات المتسارعة في محافظتي حضرموت والمهرة، وما رافقها من تحركات قال إنها تعدّ خروجاً صريحاً عن إطار الدولة ومؤسساتها الدستورية.

وأكد العليمي تقدير القيادة اليمنية للشراكة مع الولايات المتحدة، ولدور واشنطن المحوري في دعم أمن واستقرار اليمن والمنطقة، وردع التهديدات الإرهابية المتشابكة، مشدداً على أن ما تواجهه الدولة اليوم لا يمكن توصيفه كتباينات سياسية عادية، بل هو تمرد مسلح على سلطة الدولة وقراراتها ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)

وأشار رئيس مجلس القيادة اليمني إلى تصعيد «الانتقالي» وأوضح أن هذا «التمرد أحدث فجوة خطيرة تهدد بتحويل اليمن إلى بؤرة اضطراب إقليمي واسع، وتقويض ما تحقق من تقدم نسبي في مسارات الأمن والاستقرار، ليس فقط على المستوى الوطني، بل الإقليمي والدولي، في ظل حساسية موقع اليمن وتأثيره المباشر على أمن الممرات البحرية وإمدادات الطاقة».

ولفت العليمي إلى أن انعكاسات هذه التحركات تجاوزت الداخل اليمني، وأثرت بصورة مباشرة على أولويات المجتمع الدولي، وفي مقدمتها مواجهة الحوثيين المدعومين من النظام الإيراني، ومكافحة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وحماية أمن الملاحة الدولية وأمن دول الجوار.

وحذر من أن استمرار الإجراءات الأحادية خارج إطار الدولة أتاح للجماعة الحوثية إعادة التحشيد، وخلق بيئة مواتية لعودة الجماعات الإرهابية بعد أن كانت في أضعف حالاتها.

قرارات لحماية الدولة

شدد العليمي – وفق الإعلام الرسمي - على أن مكافحة الإرهاب تمثل قراراً سيادياً تمارسه مؤسسات الدولة اليمنية المختصة، لافتاً إلى أن القوات اليمنية، بدعم الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين والدوليين، حققت نجاحات ملموسة في هذا الملف. وحذر من استخدام شعار مكافحة الإرهاب ذريعة لفرض أمر واقع بالقوة، أو تقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

كما استعرض الجهود التي بذلتها رئاسة مجلس القيادة الرئاسي لتفادي التصعيد، وفي مقدمها توجيهاته الصريحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وإقرار خطة وطنية لإعادة التموضع في وادي حضرموت، والتي لم يتبقَّ منها سوى مرحلة واحدة، إضافة إلى تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى بعد استنفاد جميع قنوات الحوار. كما أشار إلى تعطيل المجلس الانتقالي الجنوبي وحلفائه لاجتماعات مجلس القيادة وأعمال الحكومة.

وأوضح العليمي أن القرارات الرئاسية الأخيرة جاءت وسيلة سلمية لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات، ودعم جهود التهدئة التي تقودها السعودية، وذلك استناداً إلى الدستور وبموجب الصلاحيات الحصرية لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، وفي مقدمها القيادة العليا للقوات المسلحة وإعلان حالة الطوارئ، وفق إعلان نقل السلطة والقواعد المنظمة لأعمال المجلس، وبعد مشاورات مكثفة مع الجهات المعنية.

وأكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن هذه القرارات لم تكن خياراً سياسياً، بل ضرورة دستورية لحماية الدولة والمواطنين واستعادة الأمن والاستقرار. في إشارة إلى قرار إعلان الطوارئ وطلب مغادرة القوات الإماراتية.

عدالة القضية الجنوبية

جدد العليمي التأكيد على التزام الدولة بحل منصف للقضية الجنوبية، باعتبارها قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، وفق خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض فرض أي حلول بالقوة أو اختزالها في تمثيل حصري، محذراً من أن اختطاف القضية الجنوبية يسيء إلى عدالتها ويقود إلى صراع طويل الأمد.

كما عبّر عن تقدير اليمن للدور الذي اضطلعت به الإمارات في مراحل سابقة، مشدداً في الوقت ذاته على أن دعم أي مكونات خارجة عن إطار القانون للإضرار بالمركز القانوني للدولة يمثل مخالفة صريحة لمرجعيات المرحلة الانتقالية وأسس تحالف دعم الشرعية، ويشتت الجهود عن مواجهة العدو الحقيقي.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

وأكد العليمي الحاجة الملحة إلى موقف دولي جماعي لإدانة وردع التهديدات التي فجرت هذه الأزمة، ودعم تطلعات اليمنيين لإنهاء الحرب واستعادة مؤسسات دولتهم الوطنية.

ونسب الإعلام الرسمي إلى السفير الأميركي ستيفن فاجن أنه جدد تأكيد دعم بلاده لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، وحرص واشنطن على مواصلة العمل مع القيادة اليمنية وشركائها الإقليميين والدوليين لتحقيق السلام الشامل والعادل، وإنهاء معاناة الشعب اليمني التي طال أمدها.