تحفظت الحكومة اليمنية على توصيات فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن السفينة البريطانية «روبيمار» والتي غرقت مع حمولتها من الوقود وشحنة من الأسمدة الخطيرة قبالة السواحل اليمنية في مارس (آذار) الماضي بعد أن استهدفها الحوثيون؛ إذ أفاد الفريق بأنه لا يمكن انتشال السفينة من موقعها، وأنه يفضل تركها لتغرق في قاع البحر.
ووفق مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية، فإن فريق خبراء الأمم المتحدة الذي جاء لمساعدة الجانب الحكومي على دراسة وضع السفينة وحمولتها وكيفية تجنيب سواحل البلاد كارثة بيئية نتيجة تسرب حمولتها من الأسمدة الخطيرة والوقود، رأى في تقرير له أنه لا يمكن انتشال السفينة من موقعها، وأن حمولتها يمكن أن تتسرب بشكل تدريجي، وقلل من أثرها على البيئة البحرية.
وذكر المسؤول اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الحكومي ما زال يتشاور مع الجانب الأممي عقب هذه التوصيات، وهذا الفهم لوضع السفينة الغارقة، واعتبر هذه النتائج انعكاساً لمبالغة الخبراء الأمميين في تقديراتهم بشأن متطلبات انتشال السفينة الغارقة والتي تحمل 20 ألف طن من الوقود وأكثر من 24 ألف طن من الأسمدة الخطيرة. وقال إن الجانب الحكومي لديه رؤية مختلفة، ويعتقد أن هناك إمكانية لإنقاذ الموقف وانتشال السفينة قبل غرقها.
وبحسب ما أفاد المسؤول اليمني الذي طلب حجب هويته، فإن الزيارة الأخيرة لرئيس لجنة الطوارئ وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي رفقة المختصين في الشؤون البحرية وهيئة حماية البيئة إلى الساحل الغربي وموقع السفينة الغارقة تحديداً، كانت على خلفية هذه النتائج والتوصيات التي خرج بها الفريق الأممي، وأكد أن التواصل مستمر مع الجانب الأممي لمناقشة هذه الاستنتاجات والتأكيد على موقف الجانب الحكومي بهذا الخصوص.
تكلفة كبيرة
فريق الأمم المتحدة الذي فحص السفينة رأى أنه لا يمكن انتشالها بسبب التكلفة المالية الكبيرة التي تحتاجها العملية ونقص المعدات اللازمة لذلك، ولهذا اقترح ترك السفينة في موقعها ومواصلة مراقبتها من خلال مركبة يتم تشغيلها عن بعد، وتكثيف الرقابة في الشريط الساحلي لرصد أي تسرب للوقود من حمولتها والاستفادة من الإمكانات التي توافرت لمواجهة أي تسرب نفطي في الساحل الغربي عند تنفيذ عملية إفراغ الناقلة «صافر» من حمولتها إلى ناقلة بديلة، طبقاً للمصدر اليمني الرسمي الذي أضاف أن الخبراء قالوا في تقريرهم إنهم يأملون أن تغرق السفينة في مرحلة ما في قاع البحر وتتسرب حمولتها من الأسمدة تدريجياً، مما يسمح للأسمدة بالتحلل، وبالتالي لن تكون هناك أضرار كبيرة على البيئة البحرية.
لكن الجانب الحكومي اعتبر ما جاء في التقرير مجرد أمنيات لا تستند على حقائق؛ لأن الخشية هي أن ينشطر جسم السفينة ويحدث تسرب كبير للحمولة وعندها سيحدث ما كان يُخشى منه؛ إذ سيؤدي تسرب هذه الأسمدة إلى تكوين الطحالب بكميات كبيرة وحجب الضوء عن المصايد، ما يؤدي إلى هجرة الأسماك من المنطقة بشكل كامل.
وأوضح المسؤول اليمني أن غرق السفينة وتسرب حمولتها سيجعل أمر انتشال حطامها أكثر صعوبة؛ لأنها ستكون على عمق أكبر وستحتاج إلى معدات وآليات مختلفة عن المعدات اللازمة لانتشالها الآن، وأمل أن يؤدي النقاش مع الجانب الأممي إلى تغيير هذا الموقف، وأن يعمل الجانبان على انتشال السفينة بأقرب وقت ممكن؛ لأن الأضرار ستكون عالية على البيئة البحرية والصيادين في اليمن.
وكان وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية توفيق الشرجبي، زار موقع غرق السفينة «روبيمار» لتقييم الوضع والمراقبة عن كثب لمعرفة ما إذا كانت شحنة الوقود والأسمدة غير العضوية على متنها قد بدأت بالتسرب إلى المياه.
وقال الشرجبي إنه تأكد من خلو محيط السفينة والسواحل من أي تلوث قد ينجم عن تسرب شحنة الأسمدة من السفينة الغارقة، مؤكداً أنهم يراقبون الوضع عن كثب ويقومون بجميع الخطوات اللازمة لاحتواء أي تلوث بيئي في المنطقة حال حدوثه.