دعت الدول العربية إلى العمل على نشر قوات حفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة، في الأراضي الفلسطينية تعمل على حماية المدنيين إلى حين تنفيذ حل الدولتين.
وجاء في البيان الختامي لقمة البحرين التي عُقدت الخميس، تأكيد الزعماء العرب أهمية حلّ الدولتين، مع ضرورة «وضع سقف زمني للعملية السياسية والمفاوضات»، لاتخاذ إجراءات واضحة في هذا السبيل.
ووجَّه القادة العرب دعوة جماعية لعقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، «بما يُنهي الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية المحتلة، ويجسّد الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة، والقابلة للحياة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، للعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، سبيلاً لتحقيق السلام العادل والشامل».
كما كلَّفت القمة وزراء خارجية الدول العربية بـ«التحرك الفوري والتواصل مع وزراء خارجية دول العالم لحثهم على الاعتراف السريع بدولة فلسطين»، على أن يتم التشاور بين وزراء الخارجية حول كيفية هذا التحرك، وذلك دعماً للمساعي العربية للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة بوصفها دولة مستقلة وذات سيادة كاملة، وتكثيف الجهود العربية مع جميع أعضاء مجلس الأمن لتحقيق هذا الاعتراف.
وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، موقف المملكة الداعم لإقامة دولة فلسطينية والاعتراف الدولي بها، مطالباً المجتمع الدولي بدعم جهود وقف إطلاق النار في غزة. مؤكداً أن المملكة تدعو إلى حل النزاعات عبر الطرق السلمية.
وأضاف الأمير محمد بن سلمان، خلال كلمته التي ألقاها في اجتماع الدورة العادية الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في مملكة البحرين، أن المملكة أوْلت اهتماماً بالغاً للقضايا العربية، كما تؤكد أهمية الحفاظ على أمن منطقة البحر الأحمر، داعياً إلى وقف أي نشاط يؤثّر في سلامة الملاحة البحرية.
ملك البحرين
وخلال افتتاحه القمة العربية، التي تستضيفها البحرين لأول مرة، أعلن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، والعمل على دعم الاعتراف الكامل بدولة فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة، بوصفها مبادرة تتبناها البحرين.
وأكد الملك حمد، الخميس، الحاجة إلى «بلورة موقف عربي ودولي مشترك وعاجل، يعتمد طريق التحاور والتضامن الجماعي لوقف نزف الحروب، وإحلال السلام النهائي والعادل، خياراً لا بديل له، إن أردنا الانتصار لإرادتنا الإنسانية في (معركة السلام)».
كما شدد على وحدة الصف الفلسطيني، مشدداً على دعم السلطة الوطنية الفلسطينية. وقال العاهل البحريني: «إذ نجتمع اليوم من أجل فلسطين، فإننا نؤكد أن مصلحة شعبها يرتكز على وحدة صفه، بوصفها هدفاً منشوداً لا حياد عنه، وستظل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي لهذه الوحدة».
وقال الملك حمد مخاطباً القادة العرب: «تنعقدُ قمتنا العربية اليوم وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد من حروب مدمرة، ومآسٍ إنسانية مؤلمة، وتهديداتٍ تمس أمتنا في هويتها وأمنها وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها».
وأكدّ أنه «من دون شك، قيام الدولة الفلسطينية المستقلة سيأتي بالخير على الجوار العربي بأكمله، ليتجاوز أزماته ولتتلاقى الأيادي من أجل البناء التنموي المتصاعد، دعماً للأشقاء الفلسطينيين جميعاً، وسبيلنا لذلك نهج التناصح والحوار السياسي الجاد، وهو ما نأمل رؤيته قريباً، في أرجاء عالمنا العربي».
محمود عباس
وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في البحرين، الخميس، الأشقاء والأصدقاء بمراجعة علاقاتهم مع إسرائيل، وربط استمرارها بوقف حربها المفتوحة على الشعب الفلسطيني ومقدساته، والعودة لمسار السلام والشرعية الدولية.
وأشار إلى أن حركة «حماس» رفضت إنهاء الانقسام والعودة إلى مظلة الشرعية الفلسطينية، واتخذت قرار العملية العسكرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) منفردةً، التي «وفَّرت لإسرائيل مزيداً من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة، وتُمعن فيه قتلاً وتدميراً وتهجيراً».
لكنَّ عباس أكد أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي كانت تعمل قبل السابع من أكتوبر الماضي «على تكريس فصل قطاع غزة عن الضفة والقدس، حتى تمنع قيام دولة فلسطينية، وحتى تُضعف السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية».
مضيفاً: «جاء موقف (حماس) الرافض لإنهاء الانقسام والعودة إلى مظلة الشرعية الفلسطينية، ليصبّ في خدمة هذا المخطط الإسرائيلي».
الرئيس السيسي
من جانبه جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تأكيد موقف بلاده «الثابت، فعلاً وقولاً»، رفض «تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين أو نزوحهم قسرياً، أو خلق الظروف التي تجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها».
وشدد السيسي في كلمته، خلال افتتاح قمة البحرين (الخميس) في المنامة، على أن من يتصور أن الحلول الأمنية والعسكرية قادرة على تأمين المصالح، أو تحقيق الأمن «واهم». كما أن من يظن أن «سياسة حافة الهاوية يمكن أن تُجدي نفعاً أو تحقق مكاسب، مخطئ».
وقال إنّ «مصير المنطقة ومقدرات شعوبها أهم وأكبر من أن يُمسِك بها دعاة الحروب والمعارك الصفرية».
وقال الرئيس المصري إن «قمة البحرين تنعقد في ظرف تاريخي دقيق، بدءاً من التحديات والأزمات المعقَّدة في عديد من دول المنطقة وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية الشعواء ضد أبناء الشعب الفلسطيني»، مشيراً إلى أن «هذه اللحظة الفارقة تفرض على جميع الأطراف المعنية الاختيار بين مسارين؛ مسار السلام والاستقرار والأمل، أو مسار الفوضى والدمار الذي يدفع إليه التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة».
وأضاف أن «التاريخ سيتوقف طويلاً أمام الحرب في غزة ليسجل مأساة كبرى عنوانها: الإمعان في القتل والانتقام وحصار شعب كامل وتجويعه وترويعه وتشريد أبنائه، والسعي لتهجيرهم قسرياً واستيطان أراضيهم»، منتقداً ما وصفه بـ«عجز مؤسف» من جانب المجتمع الدولي بقواه الفاعلة ومؤسساته الأممية.
وأكد أن «أطفال فلسطين، الذين قُتِل ويُتِّم منهم عشرات الآلاف في غزة، ستظل حقوقهم سيفاً مُسلطاً على ضمير الإنسانية حتى إنفاذ العدالة من خلال آليات القانون الدولي ذات الصلة».
أبو الغيط
كما طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، المجتمع الدولي، «لا سيما أصدقاء إسرائيل»، بإقامة «مؤتمر دولي للسلام يُجسد رؤية الدولتين التي تحظى بالإجماع العالمي».
ودعا خلال كلمته في افتتاح قمة البحرين (الخميس) في المنامة، إلى «العمل على مساعدة الطرفين (إسرائيل وفلسطين)، لتحقيق هذه الرؤية في أجل زمني قريب، إنقاذاً لمستقبل الشعوب التي تستحق السلام والأمن، سواء في فلسطين والعالم العربي أو حتى في إسرائيل أيضاً».
وانتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية «تقديم بعض الدول الغربية غطاءً سياسياً، لا سيما مع بداية العدوان، لكي تُمارس إسرائيل هذا الإجرام في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «أقرب أصدقائها (في إشارة إلى إسرائيل) يقف اليوم عاجزاً عن لجمها».
وأضاف أن «ما ترتكبه إسرائيل من فظائع وشناعات في غزة لن يُعيد إليها الأمن»، مشيراً إلى ضرورة «الانتقال إلى المستقبل وليس العودة إلى الماضي المأساوي الذي أوصلنا إلى هذه النقطة». وتابع: «لا مستقبل آمناً في المنطقة إلا بمسار موثوق، لا رجعة عنه، لإقامة الدولة الفلسطينية».
الملك الأردني
وفي كلمته في القمة العربية، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أن المنطقة العربية تشهد واقعاً أليماً وغير مسبوق في ظل المأساة التي يعيشها قطاع غزة. مؤكداً أن «ما تشهده غزة اليوم من تدمير سيترك نتائج كبرى في الأجيال التي عاصرت الموت والظلم، وستحتاج غزة إلى سنوات لتستعيد عافيتها، وما تعرضت له لن يمنح المنطقة والعالم الاستقرار، بل سيجلب مزيداً من العنف والصراع».
وشدد على أن «الحرب يجب أن تتوقف، وعلى العالم أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية ليُنهي صراعاً ممتداً منذ أكثر من سبعة عقود، ونمهّد الطريق أمام أبنائنا وبناتنا في أمتنا العربية الواحدة لمستقبل يخلو من الحرب والموت والدمار».
وأكد أن «إحقاق الأمن والسلام في المنطقة يتطلب منَّا تكثيف الجهود لمساندة الحكومة الفلسطينية لأداء مهامها، ودعم الأشقاء الفلسطينيين في الحصول على كامل حقوقهم المشروعة».