هل تتوقف هجمات الحوثيين البحرية بمجرد إنهاء الحرب على غزة؟

رهان على الموقف الأميركي وآمال في إنجاز السلام اليمني

توعدت واشنطن الجماعة الحوثية بالعقاب بعد مقتل وإصابة طاقم سفينة تجارية في خليج عدن (أ.ب)
توعدت واشنطن الجماعة الحوثية بالعقاب بعد مقتل وإصابة طاقم سفينة تجارية في خليج عدن (أ.ب)
TT

هل تتوقف هجمات الحوثيين البحرية بمجرد إنهاء الحرب على غزة؟

توعدت واشنطن الجماعة الحوثية بالعقاب بعد مقتل وإصابة طاقم سفينة تجارية في خليج عدن (أ.ب)
توعدت واشنطن الجماعة الحوثية بالعقاب بعد مقتل وإصابة طاقم سفينة تجارية في خليج عدن (أ.ب)

يعتقد بعض السياسيين أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن ستنتهي بمجرد إيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة، وهي السردية التي تروج لها الجماعة الموالية لإيران، بينما يرى سياسيون آخرون أن هذا الصدام بين الجماعة وبين الغرب سيستمر بغض النظر عما يجري في غزة.

وفي مقابل الشكوك بتعذر جهود التسوية في اليمن نتيجة هذه المواجهات البحرية، تبرز بعض الأصوات التي ترى أن السلام في اليمن في حال التوصل إليه سيكون مدخلاً لتطبيع الأوضاع في البحر الأحمر وخليج عدن.

كشفت الجماعة الحوثية عن قدرات عسكرية بحرية متنوعة برغم الضربات الأميركية البريطانية (أ.ف.ب)

وتتخذ مواجهات البحر الأحمر بين الجماعة الحوثية والغرب بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا منعطفاً جديداً، بعد إغراق سفينة شحن وسقوط ضحايا من البحارة المدنيين في سفينة أخرى، الأمر الذي استدعى تلويحاً أميركياً برد عنيف، ما يزيد المخاوف من اتساع مواجهات البحر الأحمر، مع انعدام المؤشرات على قرب نهاية الهجمات الحوثية، أو قدرة الغرب على إيقافها.

وتوعّدت واشنطن الجماعة الحوثية بالعقاب بعد هجوم على سفينة في خليج عدن، أدى إلى مقتل 3 بحارة وإصابة 4 آخرين، وذلك بعد أيام قليلة من دعوة وجهها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للجماعة لوقف هجماتها، عقب غرق السفينة البريطانية «روبيمار».

قصور أميركي

يرى الباحث المصري في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بشير عبد الفتاح، أن هناك قصوراً في الاستراتيجية الأميركية والغربية لتأمين الملاحة والتجارة في البحر الأحمر وباب المندب؛ لأن هذه الاستراتيجيات تتعامل مع العَرَض وليس مع السبب، فتلجأ إلى وسائل عسكرية، ولا تبحث عن أسباب ما يجري.

ووفقاً لحديث عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط»، فإن ما يجري في البحر الأحمر -حسب إعلان الجماعة الحوثية- مرتبط بما يجري في قطاع غزة. والمجتمع الدولي لم يفكر بذلك؛ بل لجأ إلى الأعمال العسكرية وتكوين التحالفات، فكانت النتيجة متواضعة للغاية، ولم تردع الجماعة الحوثية التي أصرت على التحدي ومواصلة عملياتها وتطوير أسلحتها، ليزداد خطرها وصولاً إلى إغراق السفن.

ويكمن الحل الذي ينبغي على البيت الأبيض الذهاب إليه -حسب عبد الفتاح، وهو أيضاً رئيس تحرير مجلة «الديمقراطية»- في معالجة جذور ما يجري، ووقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تتخذه الجماعة مبرراً لهجماتها البحرية.

تزداد الشكوك حول مدى تأثير الضربات العسكرية الأميركية والبريطانية على الجماعة الحوثية (الجيش الأميركي)

كما يرى أن التعامل مع الجماعة الحوثية يجب أن يأخذ الأزمة برؤية شاملة، فلا يمكن حماية الملاحة في البحر بهذه الآلية، بغض النظر عن الانقلاب على الشرعية في اليمن.

وينفي عبد الفتاح وجود مؤامرة بين الغرب والجماعة الحوثية لتحويل طرق التجارة العالمية، فالطرق البديلة التي يجري الحديث عنها، مثل رأس الرجاء الصالح، مكلفة وطويلة وخطرة، أما نظيرتها في القطب الشمالي فهي موسمية، ولا يمكن استخدامها إلا في فترات ذوبان الجليد، ولا بديل عن باب المندب وقناة السويس.

صفقة مجزية لإيران

تتعاظم الشكوك حول قدرة الردود العسكرية الغربية على تعطيل الإمكانات العسكرية الحوثية، أو إجبار الجماعة على التراجع عن هجماتها بفرض العقوبات الاقتصادية عليها، والتي شملت تصنيفها كياناً إرهابياً دولياً.

وحسب الباحث المصري في الشؤون الإيرانية، إسلام المنسي؛ فإن الجهود الدولية والغربية للتعامل مع الخطر الحوثي لا تزال أقل من المطلوب والمأمول. ومنذ اجتياح الجماعة الحوثية للعاصمة اليمنية صنعاء منذ ما يقارب العقد، ارتكبت الجماعة كثيراً من الجرائم ضد اليمنيين، دون أن يتحرك المجتمع الدولي لإيقافها ومنعها من التوسع، حتى أصبحت خطراً عالمياً.

ويوضح المنسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التعامل الغربي مع أحداث البحر الأحمر يهدف إلى احتواء الخطر الحوثي وتهديده للملاحة لا إنهائه، وتبرز الرغبة الغربية في بقاء الجماعة الحوثية من خلال ردود الفعل الخجولة التي لا تؤثر على القدرات العسكرية للجماعة.

مدمرة بريطانية تعترض مسيرة حوثية في البحر الأحمر (رويترز)

والتصعيد الحوثي هو تصعيد محسوب من قبل إيران، طبقاً للمنسي، وهناك مباحثات أميركية إيرانية غير معلنة وعبر وسطاء، وتحرص إيران على استمرار تصعيد أذرعها العسكرية في المنطقة إلى حدود ما قبل تغيير الغرب لنهجه في التعامل مع الهجمات المضادة لمصالحه.

وتحرص الجماعة الحوثية على تنفيذ الأجندة الإيرانية بأقل قدر من الصدام ومن التكلفة، بمعنى التصعيد من دون دفع الغرب إلى الحرب الشاملة؛ بل الاكتفاء بردود لا تؤثر كثيراً على القدرات العسكرية الحوثية، بما ينضج المباحثات الإيرانية الأميركية من أجل الوصول إلى صفقة مجزية في الملفات التي يجري التفاوض حولها؛ حسب المنسي.

إعادة هيكلة التدخلات

يربط كثير من المسؤولين الغربيين والأمميين استمرار جهود التسوية في اليمن بتوقف المواجهات في البحر الأحمر، وتراجع الجماعة الحوثية عن تصعيدها؛ خصوصاً أن الأطراف الغربية الفاعلة والوسيطة في المفاوضات هي الأطراف ذاتها التي تخوض تلك المواجهة مع الجماعة.

وبرغم ذلك، لم تتوقف المحاولات لإنضاج مساعي الحل السياسي في اليمن، وأخيراً اقترح المستشار العسكري لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، أنتوني هايورد، آلية لوقف دائم لإطلاق النار، بعيداً عن التصعيد الحوثي المتواصل في البحر الأحمر وخليج عدن.

ولا يعتقد الأكاديمي والباحث اليمني في العلوم السياسية محمد الحميري، أن توقف الحرب الإسرائيلية في غزة شرط لتوقف الصراع في البحر الأحمر، نظراً لامتلاك هذا الصراع أبعاداً أخرى، وبروز حسابات أخرى إقليمياً ودولياً، وارتباطه بالتنافسات المختلفة على تلك الأصعدة، وإعادة تشكيل الوجود العسكري الدولي في المنطقة، ما يفرز مشهداً مختلفاً عما كان سابقاً على هذه الأحداث.

حشدت الجماعة الحوثية عشرات الآلاف من المقاتلين بمزاعم مناصرة سكان قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتبعاً لذلك، يتوقع الحميري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تكون التسوية السياسية في اليمن هي المدخل لإنهاء الصراع في البحر الأحمر، وليس العكس، فجميع الأطراف الفاعلة في الصراع باليمن تنظر إلى الأحداث الحالية وفق متغيرات كثيرة، تفرض عليها تغيير تعاطيها مع هذا الصراع.

كما ينفي الحميري أن يكون تأثير الهجمات الحوثية على الملاحة العالمية كبيراً إلى الحد الذي يجري تصويره من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، ويستدل على ذلك بقرار مجلس الأمن الخاص بهذه القضية، والذي أقر حق حماية الملاحة الدولية من الهجمات الحوثية وليس شن حرب على الجماعة الحوثية، وهو ما يسعى التحالف العسكري الأوروبي إلى انتهاجه.

ويختم الباحث اليمني حديثه بالتنويه إلى أن هذه الأحداث تزيد من تعقيد المشهد في المنطقة، ولا يمكن قصر كل هذه التفاعلات على الجماعة الحوثية التي لا تعدو كونها أداة بيد أطراف أخرى، ولا من خلال التصريحات الأميركية المكتفية بتحجيم الخطر الحوثي لا إنهائه؛ إذ إن كل ذلك يعزز من فرضيات إعادة هيكلة التدخلات في المنطقة.


مقالات ذات صلة

ناشطون يساعدون في تجنب مخاطر السيول في أرياف اليمن

العالم العربي الصواعق أحد الأخطار المحدقة باليمنيين وتتسبب في عشرات الوفيات سنوياً (إكس)

ناشطون يساعدون في تجنب مخاطر السيول في أرياف اليمن

يتكفل مجموعة من الناشطين في مناطق جبلية ومنحدرات عدة في اليمن بمهمة تنبيه سكان المناطق المنخفضة من السيول الجارفة، وتحذير المسافرين وسائقي السيارات والشاحنات.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الفتيات اليمنيات يتسربن مع انتهاء المرحلة الدراسية الأساسية (الأمم المتحدة)

تكذيب أممي للحوثيين بعد اتهامات بتدمير التعليم في اليمن

رفض ممثل منظمة «اليونيسف» في اليمن الاتهامات التي وجهها الحوثيون للمنظمة بالتواطؤ لتدمير التعليم، وأكد أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحكومة اليمنية شرعت في تنفيذ إصلاحات مالية وإدارية ومكافحة الفساد (إعلام حكومي)

الحكومة اليمنية تمهل المزدوجين وظيفياً 30 يوماً للاستقالة

أمهلت الحكومة اليمنية المزدوجين وظيفياً مهلة شهر لتقديم استقالتهم من إحدى الوظيفتين قبل اتخاذ أي إجراءات عقابية، في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة للإصلاحات.

محمد ناصر (تعز)

ناشطون يساعدون في تجنّب مخاطر السيول في أرياف اليمن

الصواعق أحد الأخطار المحدقة باليمنيين وتتسبب في عشرات الوفيات سنوياً (إكس)
الصواعق أحد الأخطار المحدقة باليمنيين وتتسبب في عشرات الوفيات سنوياً (إكس)
TT

ناشطون يساعدون في تجنّب مخاطر السيول في أرياف اليمن

الصواعق أحد الأخطار المحدقة باليمنيين وتتسبب في عشرات الوفيات سنوياً (إكس)
الصواعق أحد الأخطار المحدقة باليمنيين وتتسبب في عشرات الوفيات سنوياً (إكس)

يتكفل مجموعة من الناشطين في مناطق جبلية ومنحدرات عدة في اليمن بمهمة تنبيه سكان المناطق المنخفضة من السيول الجارفة، وتحذير المسافرين وسائقي السيارات والشاحنات عبر الأودية ومصباتها من الكوارث المحدقة، في حين تضاعف الفيضانات من حصار السكان بزيادة خراب الطرقات التي تشهد حوادث مأساوية شبه يومية.

ومنذ أسابيع، بدأ المسافرون وسائقو سيارات الأجرة والنقل بين المدن والمحافظات والمناطق الجبلية بتوخي الحذر الشديد عند التنقل، والتحرك خلال ساعات النهار الأولى وحتى ما بعد الظهيرة بقليل.

لقطة جوية لطريق بين محافظتي شبوة وحضرموت شرق اليمن قطعته الفيضانات (إكس)

وغالباً ما تتشكل السحب الركامية الرعدية فوق المرتفعات الجبلية في اليمن، ابتداءً من الظهر، وتتكثف تدريجياً ليبدأ هطول الأمطار الموسمية الصيفية خلال فترة ما بعد الظهيرة والمساء.

ويبدأ النشطاء المجتمعيون أيامهم خلال موسم الأمطار بالاستماع إلى نشرات الأرصاد الجوية لمعرفة احتمالية سقوط الأمطار وغزارتها والاستعداد لمراقبة تجمع السحب وهطول الأمطار.

يقول صامد عبد الجبار، وهو من أبناء مديرية حيفان، التابعة لمحافظة تعز (جنوب غرب)، إنه بمجرد هطول الأمطار الغزيرة، يقضي وقته في نوافذ منزله مراقباً تجمع السيول وتوجهاتها، ليبدأ نشر التحذيرات عبر الاتصالات الهاتفية المباشرة لأصدقائه وزملائه في القرى التي تتجه إليها السيول.

ويوضح عبد الجبار لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يفضل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التحذير من السيول؛ لأن غالبية سكان الأرياف لا يستخدمونها، في حين ينشغل سائقو السيارات والشاحنات بالطريق، ولا يملكون الوقت للاطلاع عليها، إلى جانب أن غالبية السكان يغلقون هواتفهم خوفاً من الصواعق الرعدية.

عادة متوارثة

يخاطر الناشطون بتعريض أنفسهم للصواعق من خلال إبقاء هواتفهم مفتوحة إلى جانب تحركاتهم في أسطح المنازل وعلى المرتفعات الجبلية لمراقبة السيول للتحذير منها، أو لاستقبال الاتصالات والرسائل التحذيرية من نظرائهم.

ويضطر محمد عبد الصمد، من مديرية المواسط التابعة لمحافظة تعز، إلى استخدام هاتف قديم من النوع الذي تدوم بطاريته لأيام طويلة، وذلك لتسبب الغيوم والسحب بحجب الشمس أغلب أوقات النهار في معظم مناطق البلاد، خصوصاً الأرياف التي لجأ سكانها للاستعاضة بالطاقة الشمسية بعد انقطاع الكهرباء بسبب الحرب.

الفيضانات في اليمن تعيق إنجاز صيانة الطرق خلال السنوات الأخيرة (فيسبوك)

ويقضي عبد الصمد -وفق إفادته لـ«الشرق الأوسط»- أغلب وقته في زراعة أراضي العائلة، وعند سقوط الأمطار يراقب السيول من كوخ في مرتفع جبلي، ومنه يجري اتصالاته للتحذير من السيول الغزيرة على القرى والطرقات في الوديان والمناطق المنخفضة.

ويلجأ بعض الناشطين الذين تقع منازلهم بالقرب من تقاطع الطرقات ومسارات السيول إلى مغادرة منازلهم عند استقبال الرسائل التحذيرية والانتظار على جوانب تلك التقاطعات لتحذير السائقين من المغامرة بالعبور.

وينقل الكاتب عبد الله القباطي، عن كبار السن في مديرية القبّيطة، التابعة لمحافظة لحج، أن العقود السابقة، وقبل ظهور التكنولوجيا الحديثة، كانت تشهد ظهور مثل هؤلاء الناشطين بشكل مختلف؛ إذ كان أهالي المناطق المرتفعة، أو التي تشهد ظهور السيول أولاً يبدأون بإطلاق النار من أسلحتهم بكثافة لتحذير أهالي المناطق الأخرى من السيول.

إلا أن تلك الوسيلة لم تكن مجدية كفاية، وفق ما أورد القباطي لـ«الشرق الأوسط»، لكون إطلاق النار لم يكن ليُفسر على أنه تحذير من خطر ما، بقدر ما يمكن فهمه حفل زفاف أو استقبال مسافرين عائدين من الغربة.

كما كان السكان حينها يعتمدون على الرجال ذوي الأصوات الجهيرة لمناداة السكان في المناطق المنخفضة وتحذيرهم، إلا أن تلك الوسيلة لم تكن كافية أيضاً، لبُعد المسافات، وطغيان هدير السيول على أصواتهم.

طرقات تحت التأهيل

للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين، تتجدد حوادث سقوط شاحنات في الطريق الرابط بين محافظتي تعز وعدن، عبر محافظة لحج جنوب غربي اليمن.

وذكرت مصادر محلية في مديرية المقاطرة، التابعة لمحافظة لحج، التي يمر الطريق الرابط بين مدينتي عدن وتعز عبرها أن شاحنة محملة بالبضائع انقلبت في «كربة-الصحى»، خلال رحلتها إلى مدينة تعز، ما أدى إلى وفاة السائق على الفور، وإلحاق أضرار جسيمة بالشاحنة، وتلف معظم البضائع التي كانت تحملها.

حوادث شبه يومية في الطريق الرابط بين مدينتي عدن وتعز (فيسبوك)

ويشهد طريق «كربة-الصحى» الذي يعدّ بديلاً مؤقتاً لطريق هيجة العبد، الذي يمر بدوره في المديرية نفسها، حوادث مأساوية متكررة، نتيجة وعورته وضيقه.

ومنذ ما يزيد على أسبوع توفي 16 شخصاً في حادث انقلاب مروع لحافلة نقل مسافرين كانوا في طريقهم إلى العاصمة عدن، بينهم نساء وأطفال، بسبب عطل في المكابح أفقد السائق السيطرة عليها، وتسبب في سقوطها في وادٍ صخري.

وتجري منذ أشهر أعمال صيانة وتوسعة لطريق هيجة العبد، الذي يعد المنفذ الأهم الرابط بين محافظة تعز وسكانها في المدن والأرياف بباقي مناطق البلاد، خصوصاً مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، بسبب الحصار الذي تفرضه الجماعة الحوثية على المحافظة من عدة جهات، وإغلاقها عشرات الطرقات فيها.

ولم يعرف بعد الموعد المحدد للانتهاء من مشروع صيانة الطريق، الذي ينتظر منه توسعته وتهيئته لاستيعاب الزحام، إلى جانب تقليل المخاطر والحد من الحوادث المأساوية التي كانت تقع فيه، وتقليل آثار السيول والانهيارات الصخرية التي تتسبب بإغلاقه لأيام طويلة أو تؤدي لسقوط ضحايا.

جانب من تأهيل وصيانة طريق حيوي في اليمن يربط بين عدن وتعز (إعلام محلي)

ووفق مصادر محلية في المنطقة وأخرى رسمية، فإن إنجاز المشروع يواجه كثيراً من الصعوبات، خصوصاً خلال أشهر الربيع والصيف نتيجة الأمطار والسيول الغزيرة.

وكان مقرراً أن يتم الانتهاء من أعمال الصيانة خلال الشهر الماضي، إلا أنه، وفقاً للمصادر التي فضلت عدم إيراد بياناتها، تسببت الإجراءات الإدارية البطيئة وصعوبة التواصل بين الجهات التنفيذية ومختلف المستويات الإدارية لتنفيذ المشروع نتيجة صعوبة الانتقالات، وسفر المسؤولين الحكوميين وانشغالاتهم المتكررة، في بطء التنفيذ.

ولا يزال طريق «كربة-الصحى» نفسه تحت الصيانة والتأهيل، بسبب الأضرار التي لحقت به جراء الإهمال الناجم عن الانقلاب والحرب، إضافة إلى السيول والانهيارات الصخرية، ومرور الشاحنات المحملة بأوزان ضخمة عليها.