واشنطن تتوعد بمحاسبة الحوثيين... وزعيمهم يتبنى قصف 61 سفينة

غارات في الحديدة غداة إصابة ناقلة بضائع ومقتل 3 من طاقمها

صورة جوية التُقطت للسفينة «ترو كونفيدنس» المقصوفة بصاروخ حوثي في خليج عدن (الجيش الأميركي)
صورة جوية التُقطت للسفينة «ترو كونفيدنس» المقصوفة بصاروخ حوثي في خليج عدن (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تتوعد بمحاسبة الحوثيين... وزعيمهم يتبنى قصف 61 سفينة

صورة جوية التُقطت للسفينة «ترو كونفيدنس» المقصوفة بصاروخ حوثي في خليج عدن (الجيش الأميركي)
صورة جوية التُقطت للسفينة «ترو كونفيدنس» المقصوفة بصاروخ حوثي في خليج عدن (الجيش الأميركي)

توعّدت واشنطن بمحاسبة الجماعة الحوثية في اليمن، عقب أحدث هجوم بحري ضد سفينة شحن في خليج عدن أدى إلى مقتل 3 بحارة وإصابة 4، مع استمرارها في شن الضربات الاستباقية على الأرض، أملاً في الحدّ من قدرات الجماعة الموالية لإيران على استهداف السفن.

الوعيد الأميركي واكبه تبني زعيم الجماعة الحوثية، الخميس، مهاجمة 61 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتهديده بـ«أن القادم أعظم»، وفق ما جاء في خطبة له بثتها قناة «المسيرة»، الذراع الإعلامية للجماعة.

وإذ أكدت مصادر غربية، الخميس، تمكُّن البحرية الهندية من إجلاء طاقم ناقلة البضائع المستهدفة في خليج عدن، الأربعاء، أفادت بأن اثنين من القتلى من الجنسية الفلبينية، والثالث من الجنسية الفيتنامية، وأنه يجري الترتيب لإنقاذ السفينة.

وحض زعيم الجماعة الحوثية أتباعه على المزيد من التعبئة، وزعم أن قدرات جماعته لم تتأثر بالضربات الأميركية والبريطانية، مشيراً إلى تلقي الجماعة منذ بدء الضربات 344 غارة جوية وبحرية، كما تبنى إطلاق 403 صواريخ وطائرة مسيرة في 96 هجوماً ضد سفن الشحن والأخرى العسكرية.

وإثر هجوم الحوثيين على السفينة «ترو كونفيدنس» التي ترفع علم بربادوس وتديرها اليونان، الأربعاء، على بُعد نحو 50 ميلاً بحرياً قبالة ميناء عدن وسقوط الضحايا لأول مرة، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر لصحافيين: «سنواصل محاسبتهم. ندعو الحكومات حول العالم إلى القيام بالأمر ذاته»، وفق ما نقلته «رويترز».

وأضاف المتحدث الأميركي أن هجمات الحوثيين على السفن «لم تعطّل التجارة الدولية فحسب، ولم تؤدِّ إلى اضطراب حرية الملاحة في مياه دولية فحسب، ولم تعرّض البحارة إلى الخطر فحسب، بل قتلت الآن عدداً منهم».

أقر زعيم الحوثيين في اليمن بتعبئة 282 ألف مسلح منذ الحرب الإسرائيلية في غزة (رويترز)

ومع تباهي زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بحشد وتدريب 282 ألف مسلح منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، أقرت وسائل إعلام الجماعة بتلقي مواقعها في منطقة رأس عيسى، حيث مديرية الصليف، الخميس، غارتين، وذلك عقب ساعات من تلقي غارتين في مطار الحديدة. كما أقر زعيمها بمقتل شخص وإصابة 6 آخرين في ضربات هذا الأسبوع.

هجوم غير مسبوق

حول تفاصيل الهجوم على السفينة «ترو كونفيدنس» أفادت القوات المركزية الأميركية بأنه تم على بُعد نحو 50 ميلاً بحرياً قبالة ميناء عدن، مما أدى إلى اشتعال النيران فيها؛ إذ تم إطلاق صاروخ باليستي مضاد للسفن من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، والمدعومون من إيران باتجاه السفينة، وهي ناقلة بضائع مملوكة لليبيريا وترفع علم باربادوس، أثناء عبورها لخليج عدن.

وأصاب الصاروخ السفينة، وأبلغ الطاقم المتعدد الجنسيات عن مقتل 3 أشخاص، و4 إصابات على الأقل، 3 منهم في حالة حرجة، كما لحقت أضرار جسيمة بالسفينة، وفق البيان الأميركي.

وأضاف البيان أن الطاقم غادر السفينة، وأن سفن التحالف الحربية استجابت وتقوم بتقييم الوضع، مشيراً إلى أن هذا هو الصاروخ الباليستي المضاد للسفن الخامس الذي يقوم الحوثيون بإطلاقه في اليومين الماضيين.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية أن اثنين من هذه الصواريخ الباليستية المضادة للسفن أثرتا على سفينتي «سكاي 2» و«ترو كونفيدينس» فيما استطاعت سفينة «يو إس إس كارني» إسقاط واحد من هذه الصواريخ الباليستية.

ووصف البيان هذه الهجمات التي شنها الحوثيون بـ«المتهورة»، وقال إنها أدَّت إلى تعطيل التجارة العالمية وأودت بحياة البحارة الدوليين.

وفي بيان آخر لأنشطة البحر الأحمر ليوم 6 مارس (آذار)، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها شنَّت ضربات دفاع عن النفس ضد طائرتين دون طيار في منطقة يسيطر عليها الحوثيون، حيث شكلت تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة.

وأطلقت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض ضد الحوثيين، إلى جانب تنفيذ العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيَّرات الحوثية والقوارب المفخخة.

وأقر «الاتحاد الأوروبي» الانضمام إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن عملية «أسبيدس»، التي تعني «الدروع» أو «الحامي»، دون المشاركة في شن هجمات مباشرة على الأرض، ووصلت أخيراً مدمرة إيطالية وفرقاطة ألمانية إلى المنطقة لتُضاف بذلك إلى مدمرتين فرنسيتين.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (أ.ف.ب)

ونفّذت واشنطن (شاركتها لندن في 4 موجات) ضربات على الأرض ضد الحوثيين، في نحو 31 مناسبة، ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي رداً على هجماتهم المستمرة ضد السفن.

وبسبب التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية تجمدت مساعي السلام اليمني التي تقودها «الأمم المتحدة»، وسط مخاوف من عودة القتال، خصوصاً بعد أن حشد الحوثيون عشرات آلاف المجندين مستغلين العاطفة الشعبية تجاه القضية الفلسطينية.

ومنذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، أصابت الهجمات الحوثية 14 سفينة على الأقل، غرقت إحداها، كما لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها للشهر الرابع.

وأقرت الجماعة بمقتل 22 مسلحاً في الضربات الغربية، إلى جانب 10 قُتلوا في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في البحر الأحمر، بعد تدمير البحرية الأميركية زوارقهم، رداً على محاولتهم قرصنة إحدى السفن، فضلاً عن مدني زعموا أنه قُتل في غارة، شمال غربي تعز.

تعزيز لهروب شركات لشحن

وفي حين يُعد الهجوم الحوثي ضد السفينة الأخيرة تطوراً خطيراً من شأنه أن يصرف بقية شركات الشحن عن البحر الأحمر، نفى متحدث أميركي أن السفينة المقصوفة أميركية كما يزعم الحوثيون، بل ليبيرية.

في غضون ذلك، أفادت «رويترز»، بأن البحرية الهندية أجلت، الخميس، طاقم السفينة، ويبلغ قوامه 20 فرداً. ونقلت عن ملاك النقالة ومديرها القول إن «سفينة حربية هندية نقلت جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 20، و3 حراس مسلحين إلى مستشفى في جيبوتي بمنطقة القرن الأفريقي، وأن اثنين من القتلى فلبينيان، والثالث فيتنامي، كما أُصيب فلبينيان آخران بجراح خطيرة».

وأظهرت صور نشرتها البحرية الهندية طائرة هليكوبتر تنتشل أفراد الطاقم من قارب نجاة صغير وسط أمواج متلاطمة، وتأخذهم إلى سفينة للبحرية.

صور وزعتها البحرية الهندية لإنقاذ طاقم السفينة المقصوفة «ترو كونفيدنس» (أ.ف.ب)

وظهر بعض الجرحى في قاع قارب نجاة تابع للبحرية، حيث جرى إرسالهم لإسعافهم. ونقلوا على محفات للسفينة، وظهروا لاحقاً والضمادات تغطي أطرافهم أثناء إجلائهم إلى مستشفى جيبوتي. في حين أكد ملاك السفينة أنها «تنجرف بعيداً عن البر وتُتخذ ترتيبات الإنقاذ».

وأدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» تدريجياً، قبالة سواحل مدينة المخا اليمنية على البحر الأحمر، بعد أن تعذرت عملية إنقاذها بسبب التصعيد العسكري وضآلة إمكانيات الحكومة اليمنية، ومحاولة الجماعة الحوثية استثمار الحادث للمزايدة السياسية، دون استشعار الكارثة البيئية.

وفي ظل هذا التصعيد، قالت اتحادات الشحن العالمية الرئيسية إن «الخسائر في الأرواح والإصابات في صفوف البحارة المدنيين أمر غير مقبول على الإطلاق».

وأضافت أن «تكرار الهجمات على السفن التجارية يسلط الضوء على الحاجة الملحَّة لجميع أصحاب المصلحة لاتخاذ إجراءات حاسمة لحماية حياة البحارة المدنيين الأبرياء، ووضع حد لمثل هذه التهديدات»، وفق ما ذكرته «رويترز».

يحذر الخبراء من كارثة بيئية جراء غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

ورغم عمليات التصدي الغربية التي تقودها واشنطن والضربات الاستباقية، فإن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران لا تزال (كما يبدو) تملك المزيد من القدرات على شن الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة في الشهر الرابع من التصعيد. في ممر تعبر فيه نحو 14 في المائة من التجارة الدولية.

وتشن الجماعة منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل قبل أن تضيف إلى لائحة الأهداف السفن الأميركية والبريطانية.

وترى الحكومة اليمنية في التصعيد البحري الحوثي هروباً من استحقاقات السلام اليمني، ومحاولة لتلميع صورة الجماعة داخلياً وخارجياً، من بوابة الحرب في غزة. وتقول إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع مساندة قواتها على الأرض لاستعادة المؤسسات وتحرير الحديدة وموانئها، وبقية المناطق الخاضعة بالقوة للجماعة الموالية لإيران.


مقالات ذات صلة

تأسيس 3 شركات سعودية - يمنية للطاقة والاتصالات والمعارض لدعم إعادة إعمار اليمن

الاقتصاد مجلس الأعمال السعودي - اليمني يعقد اجتماعه في مكة المكرمة ويعلن عن مبادرات استراتيجية (الشرق الأوسط)

تأسيس 3 شركات سعودية - يمنية للطاقة والاتصالات والمعارض لدعم إعادة إعمار اليمن

أعلن مجلس الأعمال السعودي - اليمني التابع لاتحاد الغرف السعودية عن إطلاق 6 مبادرات نوعية لتعزيز التبادل التجاري وتأسيس 3 شركات استراتيجية.

أسماء الغابري (جدة)
العالم العربي جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة طوال السنوات الماضية على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية وتعطيل المشاريع الإغاثية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز) play-circle 00:37

صواريخ الحوثيين تزداد خطراً على إسرائيل بعد إصابة 23 شخصاً

باتت صواريخ الحوثيين المدعومين من إيران أكثر خطورة على إسرائيل، بعد إصابة نحو 23 شخصاً في تل أبيب، السبت، جراء انفجار صاروخ تبنت إطلاقه الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

أرغمت الجماعة الحوثية أخيراً مئات النساء والفتيات اليمنيات في 4 محافظات، على حضور فعاليات تعبوية ذات صبغة طائفية، والتبرع بالأموال لدعم الجبهات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)

البرد يهدد حياة 67 ألف أسرة يمنية في مخيمات النزوح

أطلقت الوحدة الحكومية المعنية بمخيمات النازحين في اليمن نداءً عاجلاً لإنقاذ حياة آلاف الأسر التي تعيش في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب جراء البرد القارس.

محمد ناصر (تعز)

وزير الخارجية التركي يلتقي الشرع في دمشق

أحمد الشرع ووزير الخارجية هاكان فيدان(أ.ف.ب)
أحمد الشرع ووزير الخارجية هاكان فيدان(أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية التركي يلتقي الشرع في دمشق

أحمد الشرع ووزير الخارجية هاكان فيدان(أ.ف.ب)
أحمد الشرع ووزير الخارجية هاكان فيدان(أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية التركية، اليوم (الأحد)، إن وزير الخارجية هاكان فيدان، التقى قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، في دمشق.

ولم تذكر الوزارة مزيداً من التفاصيل، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأظهرت صور ولقطات نشرتها الوزارة فيدان، والشرع القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في سوريا وزعيم جماعة «هيئة تحرير الشام»، التي قادت عملية الإطاحة بنظام بشار الأسد قبل أسبوعين، وهما يتعانقان ويتصافحان.

أحمد الشرع يستقبل وزير الخارجية التركي في دمشق (أ.ف.ب)

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم الجمعة، إن فيدان سيتوجه إلى دمشق؛ لإجراء مناقشات مع الإدارة الجديدة في سوريا.

يأتي هذا في الوقت الذي أبدت فيه تركيا تمسكاً بتصفية «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعدّ أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرُّض لعقوبات أميركية؛ نتيجة هجماتها على مواقع الأكراد في شمال سوريا.

 

وعن سبب عدم إزالة تركيا «هيئة تحرير الشام» من قوائم الإرهاب، قال فيدان، في مقابلة مع قناة «فرنس 24» الفرنسية، نقلتها وسائل الإعلام التركية، السبت: «إدراجنا (تحرير الشام) على قوائم الإرهاب مرتبط بقرارات الأمم المتحدة، نحن بالطبع نلتزم بقرارات مجلس الأمن، ولكن الوضع الآن مختلف، ويتعارض فيه البُعد القانوني مع البُعد الواقعي للأمر».

وأعادت تركيا، الأسبوع الماضي، بعد وقت قصير من دخول المعارضة التي تدعمها إلى دمشق، فتح سفارتها في سوريا التي كانت مغلقة منذ عام 2012.

وتم رفع العلم التركي فوق السفارة الواقعة في منطقة الروضة التي تضم كثيراً من البعثات الدبلوماسية، بحضور رئيس البعثة الجديد برهان كور أوغلو. وحضر الافتتاح ممثلون للحكومة الانتقالية التي تقودها «هيئة تحرير الشام».

ورحَّبت تركيا بسقوط النظام في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، وزار رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين العاصمة السورية، بحسب صور بثتها وسائل إعلام تركية.