تشتهر الصين بتصدير الملابس والأجهزة المنزلية والأدوات الإلكترونية والفيروسات القاتلة... هكذا يتم ترديد هذه الطرفة هذه الأيام عن الصين، وذلك بعد انتشار فيروس كورونا القاتل خارج الصين مثله مثل فيروسات قاتلة من قبله كفيروس سارس وإنفلونزا الطيور وغيرهما.
اليوم هناك أرقام جد مفزعة. الصين عزلت مناطق بها 45 مليوناً من مواطنيها كإجراء احتياطي، وذلك بعد تجاوز عدد الإصابات 1450 حالة، وبلوغ عدد الوفيات 41 حالة وفاة، ووصول حالات مصابة إلى أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وفرنسا وتايلند والولايات المتحدة الأميركية. وهناك قناعة بأن الفيروس سيصل إلى دول أخرى قريباً جداً، بالإضافة إلى قناعة أخرى بأن أعداد المصابين أكثر بكثير مما أعلنته الصين رسمياً حتى الآن.
الانتقال المرعب والمذهل للفيروسات بسبب حركة السفر والتنقل الميسر جعل واقع «عولمة الفيروسات» مسألة حقيقية، انتقلت من دفات روايات الخيال العلمي إلى الواقع المعيش اليوم. لم تعد الفيروسات «معزولة» جغرافياً، ولعل آخر هذه الأمثلة كان فيروس «إيبولا» الذي بقي إلى حد كبير في حدود داخل القارة الأفريقية، ولكن اليوم هناك حالة من الهلع والخوف والقلق في التعامل مع هذا المرض الجديد، وخصوصاً أنه لا مصل له ومن ثم لا علاج له.
ومع كتابة هذه السطور يعقد الرئيس الصيني شي جينبينغ اجتماعاً طارئاً للمكتب السياسي، وكان قد صرح بأن البلاد تواجه وضعاً خطيراً للغاية، وأن فيروس كورونا ينتشر بشكل سريع جداً وجارٍ بناء بعض المستشفيات بشكل عاجل وتوفير المواد العلاجية على وجه السرعة.
منظمة الصحة العالمية من جانبها ملتزمة الحذر في تصريحاتها حتى الآن، لعدم رغبتها في إحداث ذعر عالمي يتحول إلى ما يشبه الهستيريا. هناك مئات الرحلات في اليوم من الصين إلى شتى بقاع العالم، والحذر مطلوب جداً. الوضع البيئي في الصين بحاجة إلى مراجعة جادة لأنها تحولت إلى تهديد عالمي حقيقي، خصوصاً بعدما أشارت التقارير الإخبارية إلى أن الفيروس انتقل من الثعابين التي يأكلها الصينيون، وبعد ذلك انتقل الفيروس من البشر إلى البشر مما ضاعف الإصابات بشكل مرعب.
وإذا كانت العولمة انتهت اقتصادياً بسبب الأحداث الأخيرة، فإن عولمة الأمراض والفيروسات لا تزال موجودة. فيروس كورونا مرض خطير جداً، ويجب أن يتم التعامل معه بشكل استباقي بكل ما يمكن. كانت الفيروسات التي تصيب الحاسب الآلي أكبر همومنا يوماً ما. الفيروسات تزداد قوة وتتطور وتتأقلم مع المقاومة ضدها، وفي ظل مغامرات الإنسان في منظومة غذائه تختفي خطوط الممنوع والمحرم أكله في مملكة الحيوان، ولذلك تظهر هذه النوعية من الأمراض الفتاكة وستستمر في الظهور.
هناك تقارير صادرة من الولايات المتحدة الأميركية تقول إنها حذرت الصين مراراً من أن هناك قصوراً في جودة المراقبة وخللاً في إدارة المختبرات الصحية سيسببان تسرب فيروس فتاك لا يمكن السيطرة عليه. في كل الأحوال هناك كرة ثلج كارثية تتدحرج.
8:37 دقيقه
TT
عولمة الفيروسات!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة