تجميد البويضات... تقنية رائدة للحفاظ على خصوبة المرأة

من أجل فرص حمل أكبر وجودة أجنة أعلى للنساء

الدكتور محمد مازن ملك استشاري طب النساء والولادة وتأخر الحمل
الدكتور محمد مازن ملك استشاري طب النساء والولادة وتأخر الحمل
TT

تجميد البويضات... تقنية رائدة للحفاظ على خصوبة المرأة

الدكتور محمد مازن ملك استشاري طب النساء والولادة وتأخر الحمل
الدكتور محمد مازن ملك استشاري طب النساء والولادة وتأخر الحمل

في ظروف معينة قد لا يتحقق الإنجاب عند البعض من الأزواج. وإن كان مصير هذا الحلم الجميل، في السابق، أن يتلاشى مع الوقت، إلا أنه اليوم، وبفضل تقدم الطب الحديث وتطوير وسائل تقنية المساعدة على الإنجاب، أمكن بواسطة تجميد البويضات تحويل ذلك الحلم إلى واقع وحقيقة.

تجميد البويضات
متى يتم تجميد البويضات؟ ولِمَنْ يتم ذلك؟ وما إمكانية عمله للآنسة العذراء قبل زواجها، ولماذا؟ استضافت «صحتك» الدكتور محمد مازن ملك استشاري طب النساء والولادة وتأخر الحمل الأستاذ المساعد بكلية الطب جامعة الملك عبد العزيز زميل الكلية الملكية الكندية للأطباء والجراحين، الذي أوضح في البداية أن تجميد البويضات هو طريقة تُستخدم لحفظ البويضات خارج الجسم، حفاظاً على الخصوبة لدى المرأة، والبقاء على إمكانية حملها في المستقبل عند الرغبة في ذلك.
وتختلف هذه الطريقة عن تجميد الأجنة، حيث تُجمد البويضات غير المخصبة بهذه الطريقة على العكس من الأجنة التي تُجمد بعد تخصيبها بالحيوانات المنوية. وهنا فرق مهم، حيث إن الأجنة المجمدة تُعتبر ملكاً للزوجين، الأب والأم، بينما البويضات غير المخصبة تُعتبر ملكاً للمرأة فقط.
يضيف الدكتور مَلَك أن تجميد وحفظ البويضات يُعتبر خياراً ممتازاً للآنسة العذراء (بسحب البويضات بواسطة إبرة عن طريق البطن) كما هو للنساء المتزوجات (بسحب البويضات عادة عن طريق المهبل) اللاتي يواجهن بعض الصعوبات الوقتية التي قد تؤثر على فرص حملهن في المستقبل.
وعلى سبيل المثال، النساء اللاتي يواجهن أنواعاً معينة من السرطانات التي قد تحتجن في علاجها إلى العلاج الكيميائي الذي قد يؤثر على الخصوبة. والمثال الآخر، هو النساء اللواتي يواجهن بعض التحديات الاجتماعية أو الظروف الاجتماعية المؤقتة التي قد تؤخر فرصهن للحمل.
كلنا يعلم أن عدد البويضات يتناقص مع مرور الوقت كما تقل جودتها، خصوصاً حول سن الخامسة والثلاثين، مما يعني زيادة في مشاكل الكروموسومات في البويضات. ومن الجدير بالذكر هنا أن تجميد البويضات يحافظ على الجودة في السن التي تم فيها التجميد، بمعنى لو تم تجميد البويضات للمرأة في عمر الخامسة والعشرين فإن البويضات تبقى بجودة المرأة في سن 25 سنة حتى وإن تمت إذابة هذه البويضات واستخدامها للمرأة عندما يتقدم بها العمر، فعلى سبيل المثال، إذا كانت في سن الأربعين أو الخامسة والأربعين، فإن جودة البويضات تكون بالجودة التي تم بها التجميد. من الجدير ذكره أيضاً أن الكثير من الدراسات أثبتت أن البويضات يمكن تجميدها إلى سنوات طويلة وأنها لا تفسد بمرور الزمن.

فوائد وسلامة التجميد
يشرح ذلك، الدكتور مَلَك بأن طريقة التجميد تعتمد على تنشيط المبايض، لتنتج عددا كبيرا من البويضات، بداية باستخدام بعض الإبر المنشطة ومتابعة نمو البويضات حتى تصل إلى الحجم المناسب، ثم يتم سحب هذه البويضات تحت التخدير مثل الذي يتم في عملية أطفال الأنابيب. وبعد ذلك يتم تجميد هذه البويضات في درجات حرارة تقل عن مائة وخمسين درجة مئوية تحت الصفر، وتستمر لفترات زمنية طويلة جداً. ومن الضروري جداً أن يتم عمل تقييم طبي شامل للمرأة خصوصاً فيما يتعلق بالهرمونات والخصوبة قبل البدء في عملية التنشيط أو عملية السحب. ومن الضروري جداً أيضاً فهم الأنظمة والقوانين في البلد الذي يتم فيه عملية التنشيط وعملية التجميد حيث يختلف من بلد لآخر.
> هل هي عملية آمنة؟ يؤكد الدكتور مَلَك أن عملية التنشيط والسحب تُعتبر، من الناحية الطبية، من العمليات الآمنة جداً رغم أنها قد تحتوي على بعض المخاطر البسيطة التي يجب أن يستوعبها الزوجان أو تستوعبها المرأة قبل العلاج. وبعد أن تتزوج المرأة وتكون مهيأة للحمل يقوم المختبر بفك التجميد عن البويضات وحقنها مجهرياً بالحيوانات المنوية للزوج كي تتكون الأجنة، ثم نقوم بترجيع الأجنة في الرحم بعد ذلك ليتم الحمل.
هذه الطريقة من الطرق الواعدة جداً في المستقبل لحفظ خصوبة النساء خصوصاً اللاتي يواجهن بعض المشاكل الصحية التي قد تؤثر على حملهن في المستقبل، وخصوصاً بوجود العوامل التي تؤدي إلى تأخر الحمل لدى النساء مثل إكمال الدراسة وتحديد الوقت المناسب للحمل في الأسرة.
> ما هي فوائد هذه التقنية؟ يجيب الدكتور مَلَك أن عملية «تجميد الأجنة»، من وجهة نظره، هي من أهم الأشياء والتطورات التي حصلت في السنوات الأخيرة في عملية أطفال الأنابيب وذلك لثلاثة أسباب رئيسية، هي:
- أولاً: لقد أصبحت عملية أطفال الأنابيب أكثر أماناً، حيث يمكن منع حصول أهم المضاعفات التي قد تحصل مع فرط الاستجابة، عن طريق تجميد الأجنة.
- ثانياً: لقد أمكن رفع نسبة نجاح أطفال الأنابيب باستخدام الأجنة المجمدة مقارنة بالطرق التقليدية.
- ثالثاً: لقد أتاحت هذه العملية إمكانية تقليل التكلفة على المريضة على المدى الطويل، بدلاً من القيام بتنشيط وعملية السحب في كل مرة. إن ما نحتاجه في المستقبل هو أجنة مجمدة وبعض الأدوية التي تتعاطاها المرأة لتجهيز بطانة الرحم لترجيع الأجنة. وبذلك فقد توفرت لكل امرأة ثلاث فوائد عظيمة، ومن المتوقع أن يتطور الأمر أكثر.

النساء المستفيدات
> من هي المرأة التي تستفيد من تجميد الأجنة؟ يجيب الدكتور محمد مَلَك أن نسبة نجاح تجميد الأجنة تزيد بشكل عام وخصوصاً عند من لديهن فرط في التنشيط وفي الاستجابة وعلو مستوى هرمون الإستروجين، كذلك من لديهن سوائل في بطانة الرحم وزيادة في سُمك بطانة الرحم، فهؤلاء يستفدن من التجميد بصورة جلية، حتى إن الأصحاء من النساء حين يلجأن لتجميد الأجنة فإن نسبة النجاح لديهن تظل واحدة إن لم تكن أفضل. ومن الممكن ترجيع الأجنة المجمدة في أي وقت سواءً كانت بعد بضعة أشهر أو بعد سنوات دون التأثير على جودتها.
> كيف يتم إرجاع الأجنة المجمدة؟ تمر عملية ترجيع الأجنة المجمدة بمراحل بسيطة حيث تتم من خلال إجراء أشعة فوق صوتية خلال أيام الدورة للتأكد من سلامة المبيضين والرحم، ثم تبدأ المرأة باستخدام حبوب معينة تحتوي على هرمون الإستروجين لزيادة سمك وجودة بطانة الرحم Endometrium. وبعد مرور أكثر من ثمانية أيام يقوم الفريق الطبي بعمل الأشعة فوق الصوتية مرة أخرى لقياس سماكة البطانة وجاهزيتها، بعد ذلك تبدأ المرأة باستخدام البروجستيرون بالإضافة إلى الإستروجين متبوعاً بترجيع الأجنة في الوقت المناسب لمرحلة تكونها وانقسامها، ثم نقوم بعمل فحص الحمل بعد عشرة أيام من الترجيع والاستمرار على الأدوية حتى الشهر الثالث من الحمل.
يعتمد عدد الأجنة التي يتم إرجاعها على عناصر هامة كالجودة، مرحلة الانقسام، عمر المرأة وحالتها الصحية، وهل أجرت مثل هذه العملية من قبل، جودة الحيوانات المنوية، الرغبة في التوائم وغيرها. إن لكل جنين نسبة نجاح ونسبة انغراس، وإذا كان الزوجان يميلان لجنين واحد يتم ترجيع أجنة أقل، وأما إذا كانا يريدان توأماً فيمكن ترجيع أجنة أكثر.

أسرار من داخل المختبر ومركز الخصوبة
> تقول الدكتورة هويدا عبد المنعم هاشم، الأستاذة المساعدة بجامعة الملك عبد العزيز نائب مدير مركز الخصوبة في مستشفى باقدو والدكتور عرفان بجدة: بعد استثارة البُوَيضات، يتم سحبها من المبايض، ومن دون أن تكون قد حُقنت بمعنى أنها تكون غير مخصّبة، فتخضع هذه البويضات للتبريد لدرجات حرارة أقل من الصفر (قد تصل إلى 169 درجة مئوية تحت الصفر)، توضع البويضات في محاليل تحتوي على تركيزات عالية من مواد التجميد ليتم سحب الماء من داخل البويضة إلى خارجها (هذه العملية تساعد على عدم تكوين كريستالات أو بلورات الجليد التي تضر بالبويضة المبردة). بعد ذلك يتم وضع البويضات في قسطرة دقيقة وتغمس داخل النيتروجين السائل.
إن تركيبة البُوَيضة غير المخصّبة حساسة ودقيقة جداً مما يزيد من صعوبة تجميدها وتسمى هذه العملية بالتبريد السريع Vitrification حيث يقل فيها عملية تكوين الكريستالات الثلجية وتعتبر نتائجها أفضل من الطرق السابقة التي كانت تتم بالتبريد البطيء.
عند الحاجة لاستعمال البويضة المجمدة، يتم تسييحها بواسطة مواد لها عكس تركيزات مواد التجميد. بعدها تعود البويضة لوضعها الطبيعي وتكون جاهزة للحقن المجهري بالحيوانات المنوية للزوج. وفي هذه الحالات، يجب أن تخصب البويضات بواسطة عملية الحقن المجهري (أي بإدخال حيوان منوي واحد داخل البويضة) لأن التغييرات التي حدثت في جدار البويضة تؤدي إلى صعوبة لا يستطيع معها الحيوان المنوي اختراق جدار البويضة للدخول إلى داخلها لتخصيبها.

- استشاري طب المجتمع



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».