حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

اليابان واكتتاب «أرامكو»

خبر مهم جداً ذلك الذي نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال»، والذي وضحت فيه أن الاكتتاب الأكبر في تاريخ البورصات والخاص بطرح أسهم «أرامكو» سيكون على مرحلتين؛ الأولى في البورصة السعودية، والثانية ستكون من نصيب بورصة طوكيو. والبورصات المالية كانت في سباق محموم للفوز بهذا الاكتتاب المهم، وسخّرت إمكانياتها السياسية والإدارية للفوز بها. إلا أن المخاطر القانونية في الاكتتاب في بورصة نيويورك وعدم وجود «ضمانات» كافية منهم على الأرجح كانا سبباً في أن تصرف السعودية النظر عنها، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي في بريطانيا وتداعيات اتفاق «البريكست» والركود الاقتصادي المتوقع بسببه وآثاره السلبية المتوقعة على بورصة لندن... كان كل ذلك سبباً في صرف النظر عن بورصة لندن، رغم المجهود الترويجي المركز من قبلهم للفوز بالصفقة.
كان التوجه نحو هونغ كونغ وذلك لإغراء السوق الصينية العظيمة للدخول فيها، إلا أن أحداث هونغ كونغ الأخيرة والمستمرة والتي انعكست سلباً على أداء البورصة، الأمر الذي جعلها مصدر قلق واضح للمستثمرين، كل ذلك كان من أسباب صرف نظر السعودية عن بورصة هونغ كونغ، ومن ثم الارتياح لاختيار بورصة طوكيو، التي أنشئت في عام 1878، وهي ثاني أكبر سوق مالية في العالم من ناحية عدد الشركات المدرجة فيها، وذلك بعد بورصة نيويورك.
لليابان اهتمام غير عادي بالنفط الخليجي عموماً والسعودية خصوصاً، فهي تعتمد على نفط الخليج بأكثر من 85 في المائة من احتياجاتها، وتعتبر اليابان السعودية أحد شركائها الاقتصاديين الأساسيين في العالم. وعرف عن اليابان حيادها وعدم تسييس الملفات ولا العلاقات الاقتصادية، وتتعامل مع المسائل بشكل مستقل وحيادي ومحترف ومهني. وهذه النقاط مصدر ارتياح لصناع القرار في السعودية بشكل مؤكد.
تأسست أول بورصة في العالم في العاصمة الهولندية أمستردام عام 1602 وبعدها في لندن عام 1801 ولحقتها باريس في السنة نفسها وبعد ذلك فرانكفورت الألمانية عام 1820 وقبلها نيويورك عام 1817. أما بورصة هونغ كونغ فقد تأسست عام 1892. وعلى الرغم من تباين أداء هذه البورصات، وانضمام أعداد كبيرة أخرى إليها، فإنها بقيت في الريادة وفي الطليعة.
اختيار اليابان كبورصة الطرح المنشود لاكتتاب «أرامكو» هو اختيار غير مسيس وفي منتهى العقلانية، وهو يؤكد التوجه نحو الشرق في السياسة النفطية، والبعد عن الاكتتاب في أسواق الدول المؤثرة سياسيا وصاحبة القوى القهرية في المحافل الدولية.
الخبر الذي نشرته «وول ستريت جورنال» وتناقلته مصادر إخبارية سعودية مختلفة دون أي نفس رسمي، يؤكد أن الموضوع آخذ في التحقق وفي منتهى الجدية، كما يؤكد أيضاً أن الخطوات الأخرى لم يتبقَ عليها كثير من الوقت.
اكتتاب «أرامكو» ليس فقط الأكبر في التاريخ ولكنه يخلق سوابق مختلفة في المجال القانوني والإداري في التعامل مع تحدٍ بهذا الحجم.