علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

طبيعي

دائماً يواجهني سؤال عن أسواق الأسهم العربية، ومختصر هذا السؤال: لماذا هذا التذبذب في أسواق الأسهم العربية؟ يتبعه سؤال آخر: لماذا أسواق الأسهم خطرة؟ هذان السؤالان هما أكثر ما يواجهني إلى جانب أسئلة أخرى. لنحاول الإجابة عن السؤال الأول وهو تذبذب أسواق الأسهم. الطبيعي في أسواق الأسهم هو التذبذب سواءً صعوداً أم هبوطاً والغريب هو الثبات. وهذا التذبذب ناتج عن المتغيرات المحيطة بالسوق، سواء نتائج الشركات المالية من ربح وخسارة مع تقييم لأداء الشركات، وهل تسير في الطريق الصحيح أم لا، ويدخل في ذلك نتائج الاقتصاد الكلي للبلد، وهل هو في حالة نمو أم انكماش، يضاف إلى ذلك عامل خارجي ومهم وهو الحالة السياسية في البلد أو الإقليم.
فإذا استتبّ الأمن في البلد أو الإقليم تحسنت أسواق الأسهم، وإذا كانت هناك مخاوف سياسية هبطت أسواق الأسهم هبوطاً حاداً، وأنتم تعرفون أنه في حالة الحرب تنصبّ جهود الدول ومواردها لصالح المجهود الحربي، لذلك تتوقف التنمية أو تسير ببطء.
وأنتم تعرفون أنه في أثناء الحرب العالمية الثانية انصبّت جميع موارد الولايات المتحدة الأميركية لمصلحة الحرب، حتى إن المصانع المدنية توجهت إلى صناعات حربية مثل مصانع السيارات وغيرها. إيران شغلت الأمة العربية عبر وكلائها الذين تدعمهم علناً بحروب عبثية أخّرت الأمة، فهي تدعم الحوثي في اليمن و«حزب الله» في لبنان، وربما يُدخل هذا الحزب لبنان في حرب مع إسرائيل لا يريدها عقلاء لبنان؛ ولكن هذا هو الوضع.
الإيرانيون أيضاً موجودون في العراق وسوريا ولهم كلمة قوية هناك، هذا الوضع السياسي غير المريح ينعكس سلباً على أسواق الأسهم العربية، لذلك نراها تتراجع بحدة. وأسواق الأسهم حساسة، لذلك توصف بترمومتر الاقتصاد في أي بلد، ذلك أن معظم المتعاملين في الأسواق يدرسون الشركات قبل الاستثمار فيها ومِن ثمّ يقومون بتقييم العوامل المحيطة بالسوق، فإذا قدّروا أن العوامل إيجابية ضخّوا أموالاً للشراء، وهذا يرفع الأسواق، وإذا توقعوا عوامل سلبية بدأوا بالبيع وضغطوا على السوق لتبدأ بالتراجع.
وفي حالة بدء حرب ما في بلد معين يكون طبيعياً أن تتراجع أسهم سوق هذا البلد، وفي حال توقف الحرب تبدأ الأسهم في الارتفاع لأن المستثمرين ينظرون إلى المستقبل ويحاولون توقعه ويبنون عليه قراراتهم الاستثمارية. ما قلناه سابقاً ينطبق على إقليمنا، لذلك نجد أسواق الأسهم العربية تتراجع.
ونأتي للسؤال الثاني: لماذا أسواق الأسهم العربية خطرة؟
بصفة عامة جميع أسواق الأسهم في العالم خطرة، ومما يزيد خطورة الأسواق العربية عدة أسباب، أهمها أن هذه صناعة جديدة على العرب، لذلك تجد أكثر المتعاملين في الأسواق العربية أفراداً وليسوا مؤسسات، يأتي بعد ذلك أن الأسواق العربية ناشئة وبعضها ضعيف الكفاءة، سواء من حيث الشفافية أو من حيث السيطرة على المعلومة، وإن كانت الأسواق العربية أخذت في التحسن نتيجة تراكم الخبرة أو رغبتها في الانضمام إلى المؤشرات الدولية، وهذا يحسن من كفاءة الأسواق عبر ضبطها بالقوانين.
ولأن طبيعة الأسواق خطرة كما أن أرباحها عالية، ينصح خبراء الأسواق الغربيون -وهم أكثر خبرة منّا نحن العرب، نتيجة عراقة السوق لديهم- باستثمار فوائض الأموال فقط، أي ما كان زائداً على الحاجة سواء في السكن أو التعليم أو الصحة أو غير ذلك من الاحتياجات المعيشية اليومية.