تيلر كوين
TT

معالجة الحرب التجارية بين أميركا والصين

خلال أسفاري الأخيرة في تايوان والصين كان السؤال الذين يتم طرحه علي كثيراً هو: ما الذي تريده أميركا حقاً من الحرب التجارية مع الصين؟ ومن أجل الفهم المشترك، أقدم لكم دليلاً إرشادياً موجزاً يوضح الدوافع المتعارضة والمعقدة لأميركا. الحقيقة هي أن التعريفات الجمركية تجذب انتباهاً كبيراً، لكن الأمور المهمة حقاً هي «هواوي» وتايوان.
فلنبدأ بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي لديه هو ذاته دوافع مختلطة ومتعارضة، فهو يفضّل التعريفات الجمركية وسياسة الحماية منذ الثمانينات عندما ركّز على اليابان. تبدو سياسة الحماية، سواء كانت جيدة أم سيئة، واحدة من أكثر آراء ترمب صدقاً. مع ذلك يتصور ترمب أنه شخص يجيد عقد الصفقات، ويود أن يعقد اتفاقاً مع الصين لترسيخ سجل إنجازاته، وتعزيز فرص إعادة انتخابه عام 2020.
يتعارض الدافعان مع بعضهما البعض، حيث تحد زيادة التعريفات ورفع قيمتها من فرص إبرام اتفاقات تجارية. ولننظر بعد ذلك للنخبة الحاكمة للولايات المتحدة، خصوصاً واضعي السياسات، ورجال الأعمال البارزين، ووسائل الإعلام، وفرعي المؤسسة الحاكمة المتمثلين في الحزبين السياسيين البارزين. من المرجح أن تفضل كل تلك المجموعات التجارة الحرة، واتفاقيات التجارة رغم الرغبة في عمل استثناءات لأغراض الأمن القومي، لكن تبين أن هذا الاستثناء، كما سنرى، مهم لزيادة فرص عقد اتفاق مع الصين. كذلك هناك جزء من الحزب الديمقراطي يتوحد مع اتحادات العمال ولا يفضل التجارة الحرة.
الطرف الفاعل الجديد في لعبة التجارة هو مؤسسة الأمن القومي. إنه شديد القلق من صعود الصين، وانتشار أجهزة «هواوي» حول العالم، وهو ليس له حصة كبيرة في التجارة الحرة أو سوق الأوراق المالية. كذلك اعتادت مؤسسة الأمن القومي أن تسير الأمور وفقاً لرغباتها وطريقتها، فعند عقد اتفاقات مع أطراف سياسية أميركية، لن تميل إلى الحلول الوسط.
أخيراً هناك الكتلة الانتخابية الأميركية، ولا ينظر الناخبون الأميركيون إلى الحرب التجارية باعتبارها قضية مهمة من القضايا التي يتم إثارتها في الانتخابات، على الأقل حتى هذه اللحظة، مما يمنح الأطراف الأخرى المنخرطة هامش حركة إضافياً.
يمكن أن نستنتج من كل ذلك أن الحروب التجارية ليست بشأن التعريفات الجمركية. سواء كنت توافق على عقد أي اتفاق أم لا، من السهل نسبياً حل الخلافات المتعلقة بالتعريفات الجمركية. يعني ذلك أن الحرب التجارية تتعلق فعلياً بـ«هواوي» وتايوان. إذا واصلت الولايات المتحدة محاولاتها للقضاء على «هواوي» كشركة كبرى من خلال منع حصولها على المكونات الأميركية، وترهيب العملاء الأجانب لأجهزة «هواوي» ومورديها، فسيكون من الصعب على الصينيين قبول ذلك. في هذه الحالة سيكون التردد في عقد اتفاق من الجانب الصيني، ولا تعد بنية جماعات المصالح الأميركية أو قوتها النسبية ضرورية لفهم النتيجة.
السؤال هو هل ستقبل مؤسسة الأمن القومي الأميركية وبدوره الكونغرس، الذي يخضع للنفوذ بشكل كبير في هذا الأمر، حلاً وسطاً فيما يتعلق بمسألة «هواوي». ربما يعني ذلك عدم وجود تكنولوجيا اتصال «هواوي» بالنسبة للولايات المتحدة، وأقرب حلفائها الذين يتشاركون المعلومات الاستخباراتية معها، لكن ربما لا تكون هناك حرب ضد الشركة. إن هذا هو السؤال المحوري الأول في الكشف عن اتفاق التجارة المذكور. الإجابة غير معروفة بعد، رغم رغبة ترمب في التوصل إلى اتفاق على ما يبدو.
السؤال المهم الآخر، وهو الذي لا يقل أهمية عن الأول لكنه لا يحظى باهتمام كبير، هو عن تايوان. لطالما أعربت الصين عن رغبتها في استعادة تايوان لتكون جزءا من أراضيها حتى لو اقتضى الأمر اللجوء إلى القوة. إذا كنت تنتمي لمؤسسة الأمن القومي الأميركية، وتعتقد أن المواجهة مع الصين أمر لا مفر منه إن آجلاً أم عاجلاً، بسبب تايوان على الأقل، فسوف تفضل أن يحدث ذلك قريباً قبل اكتساب الصين المزيد من القوة. ومن شأن ذلك أن يزيد حدة الحرب التجارية، حيث ستواصل الولايات المتحدة التصدي إلى الصين، ولن يكون هناك أي اتفاق.
إذا كان حل مشكلتي «هواوي» وتايوان أمراً ممكناً، فمن المفترض أن يتم معالجة أمر الحرب التجارية قريباً.
هل يجعلك ذلك متفائلاً أم متشائماً؟
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»