علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

غير مستغل

في عالمنا العربي يرى المخططون الاقتصاديون والاجتماعيون أن الوطن العربي سيواجه أزمة انفجار سكاني، سواءً عاجلا أم آجلا، لذا برزت برامج التنظيم الأسري، في محاولة جادة لضبط المواليد وساعد على ذلك تأخر سن الزواج في عالمنا العربي، سواءً بسبب الدراسة أو بسبب الفقر، ولكلٍ أسبابه، لكن سن الزواج بدأت ترتفع.
هنا يبرز سؤال مهم وهو: هل نستطيع تحويل الانفجار السكاني من أزمة إلى مكسب؟.. أعتقد أننا قادرون، لو استخدمنا عددا من التكتيكات البسيطة، فمثلاً تسعى الحكومات لحصول الأفراد على تعليم جيد، بحيث يمكن للفرد أن ينافس في سوق العمل الدولي، سيقول قائل إن بعض الحكومات في عالمنا العربي فقيرة، أتفق معه، ولكن في الإمكان تجاوز ذلك عبر محاولة الحصول على منح دراسية عبر الحكومات الغنية التي يرحب معظمها بإعطاء العالم الثالث منحا دراسية، أو بالحصول على هذه المنح عبر جمعيات المجتمع المدني، مثل الحصول على هذه المنح من الجمعيات الخيرية الغنية.
ولو افترضنا أن ذلك تعذر فيمكن تشجيع المواطن العربي على الهجرة لطلب الرزق، فإذا هاجر هذا المواطن وكوّن أسرة فإن الجيل الثاني من العرب بالضرورة سيتعلمون، بحكم أن التعليم إلزامي. البعض سيقول إن هذه أحلام وردية يصعب تطبيقها بحكم فقر معظم الدول العربية، ولكني أقول لنأخذ مثلا واحدا وهو لبنان، فنصف الشعب اللبناني مهاجرون، وبعضهم أصبحوا رؤساء دول ورجال أعمال ناجحين وعلماء وشعراء وأدباء وغير ذلك، وهؤلاء تحولوا إلى قوة لبنانية، ليس فقط قوة اقتصادية، بل قوة إعلانية لبلدهم لبنان وتسويقه عبر نجاحاتهم.
فلو شجعنا في عالمنا العربي مواطنينا على الهجرة لنافسوا في سوق العمل واكتسبوا مهارات جديدة وحولوا إلى بلدانهم الأصلية جزءا مما يحصلون عليه من مال لمساعدة أسرهم، فهجرتهم أفضل من مكوثهم في بلدانهم عبئا على حكوماتهم، فالهجرة قد تحولهم إلى رجال أعمال أو علماء بارزين أو مهنيين محترفين، وهم في كل الأحوال سيتحولون إلى مكسب لبلدانهم العربية. كما أنهم قد يشكلون جماعات ضغط في البلدان التي يهاجرون إليها لمصلحة أوطانهم، سواء كان عبر المهاجرين من الجيل الأول أو من الجيل الثاني من المهاجرين، وكالعادة سيبحث المهاجرون عن فرص عمل أو تعليم لأقاربهم في بلدانهم الأصلية وسيسعون لجلبهم ليستفيدوا من الفرص المتاحة في البلدان الغنية، والبارزون في مجالاتهم، سواء كانت طبية أو كومبيوترية أو غيرها من المجالات فإنهم سيجدون أعمالا، ولو في الصين التي يتجاوز عدد سكانها 1.3 مليار نسمة.