البلوغ المبكر عند الأطفال

يحدث لدى الإناث نتيجة التلوث البيئي بهرمون الإستروجين

البلوغ المبكر عند الأطفال
TT

البلوغ المبكر عند الأطفال

البلوغ المبكر عند الأطفال

اختتمت يوم أمس الخميس أعمال «مؤتمر جدة السابع للمستجدات في علاج أمراض السكري والغدد الصم» الذي نظمته الجمعية السعودية للغدد الصم والاستقلاب، واستمر ثلاثة أيام، وشارك فيه نخبة متميزة من الأطباء والمختصين من جميع أنحاء المملكة، وفقا لرئيس الجمعية السعودية للغدد الصم والاستقلاب الأستاذ الدكتور عطا الله الرحيلي. وصرح رئيس اللجنة التنفيذية للجمعية السعودية للغدد الصم والاستقلاب في جدة الدكتور ناصر الجهني، أن المؤتمر ناقش خلال الثلاثة أيام الماضية آخر التوصيات العالمية في تشخيص وعلاج السكري، والتجارب العلمية والأدوية الحديثة بجانب الجديد في سكري الكبار والأطفال والحمل ومعالجة واستعراض أحدث المستجدات في تقنية مضخات وحقن الإنسولين والكولسترول وأحدث التقنيات في علاج أمراض وأورام الغدة الدرقية والسمنة لدى الكبار والأطفال كعملية تغيير مسار المعدة كعلاج لمرضى السمنة، كما اهتم المؤتمر بالأمراض الوراثية، وزيادة الدهون واعتلال الأعصاب الطرفية، والجديد في ضغط الدم وقصر القامة ونقص فيتامين «دي» وهشاشة العظام، والضعف الجنسي لدى الرجال وعلاقته بداء السكري وتكيس المبايض لدى النساء وتأخر النمو لدى الأطفال والمراهقين وأمراض الغدة الكظرية وطرق تشخيص وعلاج القدم السكرية إلى جانب طرق الحمية الغذائية والتوعية الصحية للمصابين بداء السكري. وقد عقد على هامش المؤتمر ورش عمل ومعرض طبي مصاحب.
وسوف نركز هنا على أحد المواضيع المهمة في المؤتمر وهو البلوغ المبكر عند الأطفال.

* بلوغ الأطفال
قدم د.عبد المعين عيد الأغا استشاري الغدد الصماء والسكري بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز، تقريرا عن البلوغ الطبيعي وغير الطبيعي لدى الأطفال، ووصفه بأنه هو الفترة الزمنية التي تفصل ما بين الطفولة والشباب وتتميز باكتساب الطفل أو الطفلة الخصائص الجنسية الثانوية والنمو المتسارع الخطى وكذلك بزيادة إفراز الهرمونات الجنسية التي تفرز من الخصيتين لدى الذكور ومن المبايض لدى الإناث، وفي هذه الفترة يتحول الطفل أو الطفلة إلى رجل أو امرأة ويكونان قادرين على الإنجاب بعد الزواج. وتكتمل هذه الفترة عادة ما بين 2-5 سنوات منذ بدايتها حتى نهايتها.
ويبدأ البلوغ الطبيعي عند الإناث من عمر 8 سنوات وما بعد، ويعد السن القانوني للبلوغ ولكن في الغالب يظهر الثدي ما بين عمر 9 - 10 سنوات وبعد ذلك يظهر شعر العانة بحدود من 6 - 12 شهر لاحقا وغالبا يبدأ الحيض لدى الفتيات بعد سنتين وأكثر من ظهور الثدي. وعلى سبيل المثال: إذا ظهر الثدي لدى الفتاة عند عمر 9 سنوات يكون العمر التقريبي لحدوث الدورة الشهرية سنتين بعد ظهور الثدي أي عند عمر 11 سنة.
والنسبة للذكور يبدأ عادة بعد عمر 9 سنوات والمتوسط ما بين 10 - 12 سنة، فيكبر حجم الخصية أكثر من 4 مل في الحجم أو 2.5 سم في القطر الطولي، وهو أولى علامات البلوغ. ومع كبر حجم الخصيتين يصبح كيس الصفن رقيقا ويغمق لونه ويزداد نمو القضيب ويظهر بعد ذلك شعر العانة وكذلك شعر الإبط وغالبا ظهور الشعر يكون في منتصف فترة البلوغ لدى الذكور.

* البلوغ المبكر
لسنوات كثيرة ظل تعريف البلوغ المبكر لدى الجنسين أنه ظهور علامات البلوغ لدى الطفلة قبل عمر الثماني سنوات وعند الطفل قبل التاسعة. لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن علامات البلوغ المبكر لدى الفتيات (ظهور الثديين) غالبا أصبحت تظهر في فترات مبكرة ما بين عمر 6 - 8 سنوات وذلك بسبب التلوث البيئي لهرمون الاستروجين، بعد البدء باستخدام هرمون الاستروجين عبثا في المنتجات النباتية والحيوانية وذلك في المواد البلاستيكية المصنعة مما أدى إلى حدوث البلوغ المبكر في الفتيات قبل العمر الذي كان معروفا في السابق، وكذلك أثبتت الدراسات أن الفتيات ذوات اللون الأسود يبلغن قبل الفتيات ذوات اللون الأبيض والفتيات السمينات يبلغن قبل الفتيات النحيفات.
أما أنواع البلوغ المبكر فهي:
- البلوغ المبكر المركزي، وهو الذي يعتمد على إفراز هرمون GNRH الذي يفرز من غدة تحت المهاد من الدماغ، ويكون إفرازه في وقت مبكر (كما ذكرنا) مما يؤدي إلى زيادة هرمونات الغدة النخامية ومن ثم هرمونات المبايض لدى الفتيات والخصيتين لدى الذكور مما ينتج عنه بلوغ مبكر مركزي.
- البلوغ المبكر الطرفي، وهو الذي ينتج عن زيادة الغدد الطرفية وليس المركزية بمعنى أن يكون البلوغ ناتجا عن زيادة إفرازات هرمونات الغدة الكظرية (الأندروجين) أو زيادة هرمون الاستروجين المفرز من المبايض بسبب أورام أو أكياس في المبيض. ونفس الشيء عند الذكور حيث يفرز هرمونات الأندروجين (التستستيرون من الخصية).
- البلوغ المشترك، ما بين البلوغ المركزي والبلوغ الطرفي.

* العلاج
يعتمد علاج البلوغ المبكر على نوع البلوغ، فإذا كان البلوغ المبكر مركزيا وجب على الطبيب المعالج معرفة السبب المؤدي إلى ذلك، فإذا كان السبب ورما مثلا (مركزيا كان أو ورما في الغدد الفرعية) فيجب استئصال الورم بالطريقة الجراحية من أجل التخلص من البلوغ المبكر. أما إذا كان ليس بسبب أورام أو كان بسبب ورم يصعب استئصاله (مثال: بعض أورام غدة تحت المهاد Hypothalamus Trauma) الذي يصعب استئصاله جراحيا، فيتم العلاج عن طريق الدواء فقط، أو بالعلاج الإشعاعي كأورام الجهاز العصبي. وللأسف استئصال أو علاج الورم نادرا ما يسبب تراجع البلوغ المبكر وإنما يؤدي إلى توقف البلوغ المبكر ولكن الفترة السابقة لا يمكن استعادتها.

* تأثير النوم
هناك سؤال محير حول تأثير النوم على إفراز الهرمونات واضطراب وظائفها ومضاعفات ذلك على النمو؟ يؤكد البروفسور عبد المعين أغا أن الإنسان البالغ يحتاج لوقت كاف للنوم يصل في المتوسط من 7 - 8 ساعات، أما الأطفال الصغار ما دون سن الدراسة فيحتاجون على الأقل 10 ساعات من النوم يوميا. فالنهار هو وقت اليقظة والليل هو وقت الاسترخاء والخلود إلى النوم.
النوم مهم جدا لصحة الإنسان سواء الصحة العقلية أو الجسدية أو النفسية، كذلك الأطفال الذين ينامون ويخافون من الظلام فينامون مع وجود الإضاءة يحدث لهم نفس التأثير الذي يؤديه تأخر النوم، لذلك ينصح الأطفال من أجل سلامة نموهم العقلي والجسدي والنفسي أن يناموا في وقت باكر وأن يكون في الظلام من دون أنوار مضاءة.
وبالنسبة للهرمونات، فحقيقة يوجد ثلاثة أنواع من الهرمونات تتأثر بالنوم المتأخر وكذلك إذا كان الطفل نائما والنور مضاء، وهي:
- هرمون النمو، الذي يفرز من الغدة النخامية، ويفرز في غالبه ليلا أثناء النوم أكثر من ساعات اليقظة، وكذلك في النوم يكون في مرحلة النوم العميق إفرازه أكثر من النوم الخفيف.
- هرمون الكورتيزول، الذي يفرز من الغدة الكظرية، ويبدأ عمله قبل الفجر في الساعة الثالثة أو الرابعة فجرا. وخلال فترة النهار يكون في قمة عمله وبعد العشاء يكون منخفضا.
- هرمون الميلاتونين، الذي يفرز من الغدة الصنوبرية، ويفرز فقط في الليل وليس في النهار.
وهذه الهرمونات الثلاثة يكون إفرازها في الجسم مختلا وتوازنها يكون بعكس ما صنعت له إذا حدث خلل في طبيعة النوم، فإذا عكست هذه الفسيولوجية يحدث التأثير العكسي على صحة ونمو الأطفال سواء كان جسديا أو عقليا أو نفسيا.



سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام
TT

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

مؤشرات وزن الجسم

يستخدم «مؤشر كتلة الجسم» BMI الذي يحسب مقدار وزن الجسم بالكيلوغرامات، مع الأخذ بالاعتبار مقدار طول الجسم بالمتر، ليعطينا «رقماً» يفصل بين 3 حالات: الحالة الطبيعية، وزيادة الوزن، والسمنة.

ونلجأ كذلك إلى قياس «محيط الخصر» WC بعدد السنتيمترات بوصفه «رقماً» يميز وجود سمنة البطن من عدم ذلك.

في السنوات الأخيرة ازداد ظهور أمراض ذات صلة بالسلوكيات غير الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وعادات الأكل السيئة، وتداعيات التقدم التكنولوجي الذي يفصل الناس عن ممارسة النشاط البدني. وقد ثبت تجريبياً أن العواقب الصحية السلبية لذلك تنمو على مستوى العالم بمعدل مثير للقلق. وهي تشمل السمنة Obesity، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب.

وإلى جانب ظهور «أمراض نمط الحياة» هذه، هناك انتشار زائد لمتلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، وهي مجموعة من الاضطرابات الأيضية في العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري في الجسم، وترتبط بمقاومة الجسم لمفعول الإنسولين، ونشوء عمليات بطيئة ومستمرة في الالتهابات، واضطرابات الدهون في الدم (خصوصاً ارتفاع الدهون الثلاثية)، وارتفاع ضغط الدم.

«سمنة مركزية» ووزن طبيعي

ومن بين كل ذلك، تطفو السمنة البطنية (السمنة المركزية Central Obesity)، التي تتميز بزيادة كمية الأنسجة الشحمية (الشحوم الصفراء) داخل البطن، بوصفها علامة مميزة في كثير من تلك الحالات.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل الأمر في شأن الأضرار الصحية مرتبط بالسمنة بوصفها حالة عامة في زيادة كتلة عموم الجسم أم أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بزيادة تراكم الشحوم في البطن (محيط منطقة الوسط)؟

والأدق أيضاً في طرح هذا السؤال عندما يكون لدى المرء حالة «الوزن الطبيعي مع سمنة بطنية» NWCO، أي عندما يكون وزن الجسم طبيعياً لدى الشخص بالنسبة لطوله، ولكن في الوقت نفسه لديه سمنة بطنية... هل من الممكن أن يكون هذا الشيء ضاراً ويمثل خطراً صحياً؟

والإجابة عن هذا السؤال تحتاج بداية إلى التساؤل بالأصل: هل ثمة «مشروعية طبية» لطرح مثل هذا السؤال؟

والإجابة نعم بالتأكيد، أن ثمة مشروعية طبية في طرح هذا السؤال لدواع شتى، أهمها اثنان، هما:

- الداعي الأول أن هناك أمثلة من سمنة أجزاء معينة في الجسم، ثبت أن ليس لها ضرر صحي واضح، حتى لو كان لدى الشخص ارتفاع في مقدار وزن الجسم، وارتفاع في مؤشر كتلة الجسم. وتحديداً أفادت نتائج دراسات عدة بأن سمنة شحوم الأرداف بحد ذاتها لدى النساء، ليس لها تأثير صحي ضار يوازي وجود سمنة تراكم شحوم البطن لديهن. وكذلك ثبت أن سمنة كتلة عضلات الجسم (زيادة مقدار وزن الجسم بسبب زيادة وزن كتلة العضلات فيه وليس زيادة تراكم الشحوم)، التي قد تزيد في مقدار مؤشر كتلة الجسم لتجعله ضمن نطاق السمنة، ليس لها تأثيرات سلبية مقارنة مع سمنة زيادة كتلة الشحوم في الجسم بالعموم وفي البطن على وجه الخصوص. وثبت أيضاً أن سمنة الوزن الطبيعي، مع تدني حجم كتلة العضلات، وارتفاع كتلة الشحوم Sarcopenic Obesity، لها تأثيرات ضارة لا تقل عن سمنة زيادة مؤشر كتلة الجسم.

- الداعي الآخر أن نحو 25 في المائة من البالغين ذوي الوزن الطبيعي، يُصنفون بالفعل على أن لديهم سمنة تراكم شحوم البطن، وفي الوقت نفسه يكون وزن أجسامهم طبيعياً، وفق «المجلة الطبية البريطانية BMJ» عدد 26 أبريل (نيسان) 2017. وهذه النسبة مقاربة جداً للإحصاءات الطبية في الولايات المتحدة. وفي مجتمعات أخرى ثبت أنها أعلى وفق نتائج دراسات طبية فيها. وهي نسبة مهمة بين عموم البالغين الذين قد يعتقدون أن كون مقدار وزن جسمهم طبيعياً يعني تلقائياً أنه لا ضرر متوقعاً عليهم من تراكم الشحوم في بطونهم.

دراسات سمنة البطن

والملاحظ أن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في الاهتمام بهذه الوضعية الصحية ومعرفة آثارها. وأيضاً تأخرت في وضع إرشادات ونصائح طبية للتعامل معها. وفي دراسة مشتركة لباحثين من جامعة آيوا، ومن كلية ألبرت آينشتاين للطب بنيويورك، ومن جامعة كاليفورنيا، ومن كلية الطب بجامعة هارفارد، ومن مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، تم طرح الأمر في دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بالوفيات بين النساء». ونشر ضمن عدد 24 يوليو (تموز) 2019 من مجلة «شبكة جاما المفتوحة» JAMA NETWORK Open، الصادرة عن «الجمعية الطبية الأميركية» AMA.

وقال فيها الباحثون: «السمنة المركزية، التي تتميز بتراكم الشحوم في منطقة البطن بشكل مرتفع نسبياً، ارتبطت بارتفاع خطر الوفاة، بغض النظر عن مقدار مؤشر كتلة الجسم. ومع ذلك، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي مع السمنة المركزية يتم إهمالهم عادة في الإرشادات الإكلينيكية. وعلاوة على ذلك لا يحظى الأفراد الذين يعانون من السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي باهتمام كبير في وضع استراتيجيات الحد من المخاطر، مثل تعديلات نمط الحياة والتدخلات الأخرى».

ولكن حتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، قد يكون أولئك الذين يعانون من السمنة المركزية مُعرّضين لخطر زائد للوفاة بسبب تراكم الشحوم المفرط في البطن. وفي نتائج دراستهم التي شملت أكثر من 160 ألف امرأة أفادوا بالقول: «ارتبطت السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة بالسرطان، مقارنة بالوزن الطبيعي دون السمنة المركزية».

عوامل خطر أيضية قلبية

ومن ثمّ بدأت تصدر دراسات طبية من مناطق مختلفة من العالم حول هذا الأمر. وعلى سبيل المثال، نذكر دراسة حديثة من الصين، وأخرى من بنما.

وفي دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع ضغط الدم»، تم نشرها العام الماضي، عدد 8 مارس (آذار) 2023 من مجلة «BMC» لاضطرابات القلب والأوعية الدموية، لباحثين من الصين، أفادوا بالقول: «السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي (NWCO) هي حالة أيضية تم وصفها أخيراً في عدد قليل من الدراسات. ويتم تجاهل الأفراد المصابين بها بسهولة في الرعاية الصحية الروتينية، بسبب التركيز الصارم على مؤشر كتلة الجسم».

وأضافوا: «قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم كبيرة في الجسم، وهو ما لا يظهر عندما يكون مقدار مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وتشير الأدلة الموجودة إلى أن السمنة المركزية، التي تتميز بالتراكم المرتفع نسبياً للشحوم في البطن، ترتبط ارتباطاً أقوى بعوامل الخطر الأيضية القلبية من السمنة العامة، وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي». وخلصوا في نتائجهم إلى القول: «ترتبط السمنة المركزية، كما هو محدد بواسطة محيط الخصر، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى البالغين ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي».

وضمن عدد يونيو (حزيران) 2022 من مجلة «لانسيت للصحة الإقليمية - بالأميركتين» The Lancet Regional Health - Americas، نشر باحثون من كلية الطب بجامعة بنما، حول انتشار السمنة المركزية والتعرف على مدى وجود عوامل الخطر القلبية الأيضية Cardiometabolic risk لديهم.

ويتم تعريف مخاطر القلب والأيض على أنها مجموعة من التشوهات في العمليات الأيضية الكيميائية الحيوية، وفي القلب، وفي الأوعية الدموية، بما في ذلك السمنة البطنية، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، ودهون الدم، وتصلب الشرايين، التي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع 2.

ولاحظوا أن باستخدام مؤشر «نسبة الخصر إلى الطول»WHtR، كان معدل انتشار السمنة البطنية نحو 44 في المائة بين الذين بالأساس لديهم مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وقالوا في نتائجهم: «ارتبطت السمنة البطنية مع الوزن الطبيعي للجسم بعوامل الخطر القلبية الوعائية، خصوصاً مع ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية. قد يكون تقييم السمنة البطنية على مستوى الرعاية الصحية الأولية تقنية مفيدة لتحديد الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي مع خصائص السمنة الأيضية».

ولذا إذا أردنا ألا نفقد متابعة هذه الفئة من الناس، فيجدر قياس محيط الوسط مع قياس وزن الجسم وحساب مؤشر كتلة الجسم، والالتفات إلى كليهما في التقييم الإكلينيكي. وللتوضيح، على الرغم من حقيقة أن مؤشر كتلة الجسم يتم استخدامه على نطاق واسع لتحديد السمنة في الممارسة الإكلينيكية، فإن أحد القيود المهمة لمؤشر كتلة الجسم هو أنه لا يميز بين أشكال مكونات تركيبات أجزاء الجسم المختلفة، حيث قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم متزايدة في منطقة من الجسم، ولكنها قد تكون مخفية بالقيمة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم.

وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، فإن أولئك الذين لديهم نسبة عالية من الشحوم في الجسم، لديهم انتشار أعلى لمتلازمة التمثيل الغذائي ومكوناتها من أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ونسبة شحوم في الجسم طبيعية.

25 % من البالغين ذوي الوزن الطبيعي لديهم سمنة تراكم شحوم البطن

تشخيص السمنة بالأساس مجرد حسابات من الأرقام

* عند التكلم عن السمنة في جانب التشخيص، علينا ابتداءً استخدام لغة الأرقام. ومن بين عدة «طرق» مطروحة لدى الأوساط العلمية والطبية، يظل «الأشهر»، و«الأقرب» هو الطرق الأربع التالية في تقييم وزن الجسم والسمنة:

- حساب «مؤشر كتلة الجسم» BMI يتم بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مربع طول الجسم بالمتر. و«الطبيعي» أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين 20 إلى 25، أما ما بين 25 و30 فهو «زيادة في الوزن»، وما بين 30 إلى 35 فهو «سمنة»، وما بين 35 و40 فهو «سمنة شديدة»، وما فوق ذلك هو «سمنة مفرطة».

- حساب محيط الخصر Waist Circumference هو طريقة مهمة في تقييم سمنة البطن بالذات. وبدقة، يتم قياس محيط الخصر عند مستوى منتصف المسافة بين أدنى ضلع ملموس وبين الحافة الحرقفية لأعلى قوس عظمة الحوض، وذلك تقريباً أعلى قليلاً من السرّة، بعد إخراج هواء الزفير من النفس، أي قياس محيط أصغر جزء من الخصر. ولكن تجدر ملاحظة أن محيط الخصر يختلف في المجتمعات الجغرافية المختلفة وفق متوسط الطول فيها وعموم حجم الجسم.

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة NIH، فإن محيط الخصر الذي يزيد على 102 سنتيمتر (40 بوصة) للرجال ويزيد على 88 سنتيمتراً (35 بوصة) للنساء (غير الحوامل)، هو سمنة البطن. بينما لدى ذوي الأصول من جنوب شرقي آسيا، فإن الطبيعي نحو 94 سنتيمتراً (37 بوصة) للرجال و80 سنتيمتراً (31 بوصة) للنساء. ولذا تحتاج المجتمعات المختلفة دراسات لتقييم الطبيعي وغير الطبيعي في ذلك.

- حساب نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك WHR. ومحيط الورك Hip Circumference يختلف عن محيط الخصر، حيث إن محيط الورك هو قياس محيط الجزء الأكبر من الوركين، أي الجزء الأوسع من كتلة الأرداف. والطبيعي أن تكون تلك النسبة أقل من 0.95 للرجال، وأقل من 0.80 للنساء. وما فوق ذلك فهو سمنة. وهي طريقة يتم بها التغلب على وجود حجم أكبر في الأرداف التي تكون الشحوم فيها مختلفة عن نوعية الشحوم التي في البطن. وتحديداً شحوم بيضاء في الأرداف، وشحوم صفراء في البطن.

- حساب نسبة الخصر إلى الطول WHtR: يكون بقسمة مقدار محيط الخصر على مقدار الطول. والطبيعي أن يكون أقل من 0.5، وما فوق ذلك هو سمنة. وهي طريقة يتم من خلالها التغلب على الاختلافات العرقية في متوسط الطول لدى غالبية الناس في المجتمعات المختلفة.