حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

قمة العشرين واللحظة اليابانية!

أنظار العالم السياسي تتجه هذه الأيام صوب مدينة أوساكا باليابان، حيث عقدت اجتماعات قمة العشرين، وهي التي تحولت المناسبة الأهم في العالم السياسي، متفوقة على لقاءات الأمم المتحدة السنوية بنيويورك، أو لقاءات المنتدى الاقتصادي الدولي.
فبالإضافة إلى أجندة أعمال الاجتماعات الثرية، هناك اللقاءات الجانبية بين القادة والزعماء، التي يتم فيها تحليل لغة الجسد والوجه والأيدي ومغزى الصور وأسلوبها، والتي تشكل جميعها رسائل سياسية لا تقل أهمية عن الاجتماعات نفسها.
نجحت اليابان في استضافة قمة مميزة شهدت لقاءات مهمة في جو من التنافس المحموم، وحرب تجارية مفتوحة بين الولايات المتحدة والصين، وتوتر بين الاتحاد الأوروبي وأميركا بخصوص قضية تغير المناخ الخطيرة (وهي المسألة التي راعتها اليابان جيداً فخففت لهجة البيان الختامي بخصوص هذه المادة تحديداً إرضاء للرئيس الأميركي دونالد ترمب).
اليابان تسعى من خلال هذه القمة لاستعادة الوهج الذي غاب عنها لصالح الصين والهند وكوريا الجنوبية لأسباب مختلفة، فاليوم يقود اليابان رئيس وزراء محترم وله شعبية عريضة، ومعارضة ضعيفة، وأداؤه قوي.
رئيس الوزراء شينزو آبي أثبت جدارته على الساحة الدولية وهو صديق يلعب الغولف مع الرئيس ترمب، وهي ميزة منفردة له من بين كل زعماء العالم، واستطاع إدارة خلافات بلاده الحدودية مع الصين وروسيا، ومنافسته القديمة مع كوريا الجنوبية بحكمة واقتدار، ويحاول الحضور المؤثر كطرف وسيط في أهم مشاكل العالم من خلال مبادرته للتوسط بين إيران وأميركا.
والسنة القادمة تستعد العاصمة اليابانية لاستقبال الألعاب الأولمبية التي تعد العالم بأنها سوف تكون الأعظم إبهاراً في التاريخ، خصوصاً أنها نجحت قبل ذلك عندما استضافت المنافسة نفسها عام 1964 في طوكيو بتقديم ألعاب أولمبية وصفت بأنها من عالم الخيال العلمي، وقدمت فيها تقنيات جديدة وغير مسبوقة.
ترغب طوكيو في احتلال مكانة مميزة بين مدن العالم بعد لندن ونيويورك، تسبق بذلك باريس وهونغ كونغ المشغولتين بمشاكلهما الداخلية، فهي تستعد لاستقبال أكثر من 30 ألف مهاجر رسمي لتعويض نقص الأيدي العاملة، وبذلك تحقق التنوع العرقي في تركيبة المدينة، بالإضافة لاعتزازها كونها المدينة الأبرز في نوعية وجودة المطاعم الإثنية حول العالم، فدليل ميشلان المرموق للمطاعم والذي يصنف المطاعم بالنجوم يشير إلى أن العاصمة اليابانية لها أكبر عدد من النجوم للمطاعم حول العالم، وسيزيد المسؤولون عن انفتاح طوكيو على العالم تيسير الظروف لتكون وجهة سياحية صديقة للزوار. وكذلك تستعد اليابان لاستضافة «إكسبو 2025» في مدينة أوساكا. الاقتصاد الياباني فقد بريقه لمصلحة الصين والهند وكوريا الجنوبية، وتراجعت بعض علاماتها التجارية بشكل واضح، وهناك مسألة كارلوس غصن ونيسان التي أثرت على سمعة الأعمال، ومع كل ذلك هناك إصرار ياباني على الاستغلال الأمثل لهذه اللحظات المهمة.
وفي هذه القمة اتجهت الأنظار للوفد السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي حظي بمقابلات مهمة.. تتجه نحو بلاده الأنظار، لأنها ستستضيف القمة القادمة وسط تغيرات في المشهد السياسي الدولي متوقعة، فهناك رئيس وزراء بريطاني جديد، وانتخابات رئاسية في أميركا، وتغيرات في المشهد الأوروبي متوقعة في أكثر من دولة، مع زيادة الثقل السعودي سياسياً واقتصادياً على الساحة الدولية.