د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

العبث والوهم والخطر القطري

قطر دويلة الوهم والتناقض، قطر التي وصفها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بدولة النصف هكتار. وأفعالها البشعة تجاه الدول العربية ناهزت ما قامت به النازية. قطر الدويلة تحاول أن تكون النملة التي تريد إزعاج الفيل، بقدميها، وبعض صراخها.
هي قطر التي تسببت بخراب ليبيا وسوريا واليمن وتونس، تحت ذريعة نشر الحرية والديمقراطية في هذه البلدان، الأمر المفقود في دويلة قطر، فقطر تسجن أصحاب الرأي وتسحب الجنسية من معارضي النظام.
النظام القطري يتبجح بدعم الشعوب لنيل «الديمقراطية»، في حين الشعب القطري لا يوجد عنده أبسط مظاهر الديمقراطية، فحديث قطر عن الحرية والديمقراطية ونشرها ورعايتها لها، كحديث امرأة السوء عن الفضيلة والتربية الصالحة، لا يستقيم.
قطر التي تشبعت بالانقلابات الأسرية، تتحدث عن التداول السلمي للسلطة وحكم العسكر والعسكريتارية، بينما هي تدعم الميليشيات المسلحة والميليشياتارية، بينما أتباعها وذيولها في بلدان الربيع العربي، انقلبوا على نتائج الديمقراطية، فقطر التي تنتقد ما تسميه الانقلابات العسكرية، تقبل بانقلاب الميليشيات المسلحة لجماعة «الإخوان» في ليبيا بعد خسارتها الانتخابات البرلمانية في 2014، مما يؤكد حالة الشيزوفرينيا (فصام العقل) عند حكام قطر، وتدخلهم في شؤون الدول الأخرى.
قطر التي ضخت المليارات للاستحواذ على الإعلام، وجلبت الإعلاميين الذين يسيل لعابهم مع البريق الأصفر الرنان، ولا يهمهم المهنية ولا الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي، ليجتمعوا في قنوات «الجزيرة» وأخواتها، فتجربة جزيرة قطر كانت ولا تزال عنواناً لاستخدام الإعلام الفاشل، الذي يبدأ بالخبر المفبرك، عبر العبث بتجزئة المشهد وتجميعه بشكل مخالف للواقع مع الإسراف والإطناب في الكذب والتضليل، وهذا ما يجعل من الحقيقة مغيبة، حتى في وجود شهود العيان.
قطر التي تسخر أموالها الضخمة في دعم الانقلابيين والجماعات المتطرفة ذات التوجه العقدي الضال، كجماعة «الإخوان» وتنظيم «القاعدة»، رغم إنكارها دعم الأخير، وهي تمدها بالسلاح والمال وشراء الذمم لتغيير مواقف بعض الدول واستغلال مصالحها الاقتصادية لتغيير موقفها الدولي لصالح جماعة «الإخوان»، عبر استخدام السياسيين الفاسدين لتغيير مواقف بلدانهم عبر سلسلة من التقارير الكاذبة والمفبركة والتي تجمل جماعة «الإخوان» الإرهابية.
التدخل القطري في بلدان الربيع العربي، كان واضحاً وسافراً وبشهادة زعامات في تلك البلدان منهم راشد الغنوشي، الذي قال إن «دولة قطر شريك في الثورة» وسبقه بالكلام نفسه الصلابي عراب جماعة «الإخوان» في ليبيا، وشكر قطر لمساهمتها في «الثورة» في ليبيا، بل تطرف مفتي «إخوان» ليبيا الغرياني بالقول: من لا يشكر قطر فهو في مرتبة أقل من «الكلب».
شهادة الرئيس الموريتاني عن العبث القطري والتشدق بالديمقراطية، وسخريته منها سبقها بسنوات طوال سخرية الرئيس الراحل السادات بوصف قطر بـ«كشك سجائر».
شهادات زعماء الدول عن التدخل القطري، كثيرة ولعل منها شهادة رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل حول عبث قطر بالملف الليبي، ووضعها فيتو على قيام الجيش الليبي بمهامه، وإصرارها على فرض ميليشيات موازية للجيش، في تدخل سافر في الشأن الليبي.
قطر بضآلة حجمها ودورها الإقليمي، ومطامع حكامها في الزعامة، جمعت المال الفائض من خزانتها نتيجة كبر حجم مواردها وصغر حجم إنفاقها المحلي ومحدوديته، نظراً لصغر حجم الدولة، ووجدت في فوضى الربيع العربي مكباً لأموالها لتحقيق زعامة وهمية مشتراة لحكامها، ودور يلعبونه، لسد فراغهم السياسي، ظنا منها أنها الطريقة المثلى لتحقيق إمبراطورية الوهم القطرية.