حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

مقامات «حزب الله» في سوريا

يتابع العالم بقلق مستحق تداعيات الوضع في الشمال السوري، حيث يتعرض أكثر من 3 ملايين مواطن سوري لقتل يومي على أيدي الروس والإيرانيين والنظام السوري. ولكن لا أحد يتحدث عمّا يحدث على الطرف الآخر من الخريطة السورية، وتحديداً حول العاصمة السورية دمشق؛ في المناطق الجنوبية بالذات، أو في الشرق بالقرب من الحدود العراقية، حيث يتنامى الوجود الإيراني الطائفي بشكل مرعب؛ فمن تأسيس «جمعية المرتضى» على يد جميل الأسد شقيق حافظ الأسد، إلى ازدياد حركة التشييع بالإكراه وبالمال وسط العشائر، وذلك بعد أن توغلت في سواحل وريف اللاذقية وطرطوس... كل ذلك تحت أسماء مثل «العلاقات الثقافية» و«التعاون الخيري».
ومقابل الدعم الإيراني للنظام الحاكم في سوريا تتساهل السلطات وتتغاضى عن التنازل عن أوقاف وملكيات أراضٍ لصالح إيران بحجة أنها «مقامات» و«قبور» تعود لآل البيت، وبالتالي يجب أن تخضع لمرجعية دينية مختصة، بالإضافة إلى مساحات مهولة من الأراضي استولت عليها إيران من مزارعين، ومساكن تقام فوقها وعليها حوزات وحسينيات «دينية»، ولكنها كلها في واقع الأمر ما هي إلا موطئ قدم ومواضع نفوذ متزايد لـ«الحرس الثوري» وتنظيم «حزب الله» الإرهابي في سوريا، وعددها بالمئات، في مناطق ريف دمشق والرقة ودير الزور وفي ريف حلب الشمالي الغربي وفي ريف حمص؛ كالمختارية وأم العمد والكاظمية والدليوز.
وفي دير الزور تشيّع أكثر من ألف من سكان قرية الحطة ينتمون إلى عشيرة البكارة فخذ البوبدران، إضافة إلى قرى الصغير الكسرة والصعوة والموحسن، مقابل رواتب شهرية وكسوات ومؤن غذائية، وشراء الذمم لتكريس الوجود الطائفي.
عندما صرح زعيم تنظيم «حزب الله» الإرهابي حسن نصر الله بأن قواته تدخل إلى سوريا فقط لحماية المقامات والمراقد فيها، كان هذا التصريح قد لقي السخرية، ولكن مع الأيام يثبت أنه جزء من خطة استيطان لتغيير الواقع الديموغرافي على الأرض، خصوصاً بعد تشريد نحو نصف سكان سوريا وتهجيرهم إلى خارجها.
ما يحدث في سوريا تخطيط لإعادة هندسة الهوية السورية الجديدة لتكون مرآة للنظام الذي يحكمها، ومرآة لأهم أنصاره الطائفيين، لأنهم لا يعرفون لغة سواها. تقليدياً يعرف السوريون أنه لا توجد مقامات مقدسة للشيعة في سوريا إلا مقام السيدة زينب في دمشق، ومقام رأس الحسين في الجامع الأموي، ومؤخراً انتقلت السيطرة بالقوة والإجبار على أيدي مسلحين من ميليشيات «حزب الله» إلى مقام السيدة رقية بسوق الحميدية، الذي كان يتبع أوقاف أهل السنة بدمشق، أما غير ذلك مما تم استحداثه من مقامات ومزارات فهي مجرد موطئ قدم للتنظيم الإرهابي «حزب الله» في جزء من المشروع الاستيطاني الطائفي في سوريا. وهو أكثر خطورة من «داعش» و«القاعدة».