عبد الوهاب طواف
- سفير يمني سابق
TT
20

«المؤتمر الشعبي» في وضع صعب

كان معظم المراقبين يعتقدون أن «المؤتمر الشعبي» العام سيتفكك وينتهي بعد مقتل الزعيم علي عبد الله صالح، إلا أن الواقع يقول عكس ذلك.
أحد الأسباب القوية التي أسهمت في بقاء «المؤتمر» متماسكاً هو محاولات الحوثيين اجتثاث الحزب وحظره بعد انتفاضة ديسمبر (كانون الأول) 2017. عجز الحوثيون عن تدمير «المؤتمر» من الخارج، فلجأوا إلى محاولة تدميره من الداخل، ولهم خبرة في ذلك، فقد سبق لهم أن نجحوا في إضعاف الجمهورية من داخل مؤسسات الدولة، حتى تمكنوا من السطو على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014. والتدمير من الداخل عبر عملاء محليين سياسة إيرانية ثابتة قبل أن يكتشفها العالم ويتصدى لها.
عمل الحوثيون على الدفع بحمود عباد ليصبح أميناً عاماً للحزب، تمهيداً لتفكيكه وإنهائه من الداخل.
رسم محمد علي الحوثي، وعبر سياسة الترهيب والترغيب، خطة لفرض تزكية عباد أميناً عاماً لـ«المؤتمر» أثناء الاجتماع الأخير للجنة الدائمة للحزب، وذلك بعملية صورية وخاطفة. ولضمان نجاح خطته، استعان بقيادات لها ثقل داخل الحزب، إلا أن الرفض الغاضب مِن قِبل أعضاء «المؤتمر» لتلك التزكية «الفخّ» أربكهم وأجهض مساعيهم، وعلاوة على ذلك أصرّ الحاضرون على ترشيح وفرض أحمد علي بالقوة نائباً لرئيس الحزب، مع أنه لم يكُن من ضمن المرشحين.
قيام الحوثيين بتجريف مؤسسات الدولة من كوادر «المؤتمر»، ونهب أملاكهم، واستمرارهم بمحاولات تشويه ماضي الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وشن الحملات الإعلامية والإرهابية على قيادات الحزب وأملاكه، أدت إلى نتائج عكسية، تمثلت في تماسك كوادر «المؤتمر»، في استفتاء يوضح الرفض المجتمعي لحكم الميليشيات.
حسناً عملت قيادات «المؤتمر» في الخارج بعدم التعليق على نتائج تلك الانتخابات، لعدم قانونيتها من جهة، حسب لائحة الحزب وأنظمته، وكذلك لحساسية وصعوبة أوضاع كوادرهم المغيَّبين في معتقلات ميليشيا الحوثي، وحرصاً على حياة وأعراض وممتلكات المحاصَرين رهن الإقامة الجبرية في منازلهم.
اليوم «المؤتمر» ما زال في وضع صعب نتيجة تشتُّت قياداته في الخارج، واستمرار اختطاف ومصادرة قرارات وتوجهات الحزب المصيرية في الداخل، واستلاب حرية حركة وفعل ورأي قياداته، كالراعي وأبو راس (الأمم المتحدة على علم بالوضع).
ما زالت أمام الحزب مهام كثيرة وجسيمة، أهمها الإسهام الفعال في عملية استعادة الدولة، ولن يتم هذا إلا تحت قيادة واحدة ممثلة بالشرعية، وردم الهوة بين الحزب وبقية القوى السياسية، بمصالحة حقيقية تطوي صفحة الماضي التعيس.
كما أن الواجب على قيادة الدولة والأحزاب السياسية التقارب الجاد مع «المؤتمر»، ومطالبة مجلس الأمن برفع العقوبات عن أحمد علي، خصوصاً أنه لم يصدر منه موقف واحد ضد الشرعية.
استعادة الدولة اليمنية تحتاج لخريطة طريق «معدّلة» تجمع كل القوى السياسية والنخب المؤثرة. فإطالة أمد الصراع في اليمن تصبّ في صالح كل ما ليس له صلة بالدولة والنظام والقانون والاستقرار.
* سفير يمني سابق