علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

التوقيت

دائماً ما أسأل عن توقيت تنفيذ عمليات البيع والشراء وهل الوقت مناسب للبيع؟ في حالة شخص يريد أن يبيع، وعكس السؤال أسأل: هل الوقت مناسب للشراء؟ في حالة شخص يريد أن يشتري. إجابة عن ذلك فقد بيّنت الدراسات العلمية أنه لا أحد يستطيع توقيت البيع أو الشراء، إذ بيّنت الدراسات أن 3 هم من استطاعوا التوقيت للبيع أو الشراء، وهذه النسبة تدل على أن ما قاموا به هو صدفه بحتة، إذ إن 97 لا يستطيعون التوقيت للبيع أو الشراء.
ورغم ذلك فإن هناك أهدافاً وعوامل من خلالها يمكن أن نقرر إذا ما كنا نريد أن نبيع أو نشتري، فمثلاً شخص على وشك التقاعد يريد دخلاً إضافياً بعد تقاعده ولديه وفر مالي ولن يبيع قبل 10 سنوات مثلاً يمكنه أن يذهب إلى سوق الأسهم ويشتري أسهم العوائد بغض النظر عن السعر، فهنا الهدف هو الذي حدد عملية الشراء. وفي العقار مثلاً شاب لديه مبلغ معين ويريد أن يشتري منزلاً للسكنى فمثل هذا يذهب ويشتري بغضّ النظر عن السعر لأن له هدفاً محدداً وهو تملُّك المنزل. إذن فالأهداف والعوامل هي ما تحرك الشخص نحو عملية الشراء، فمثلاً شخص يريد أن يزوِّج ابنه أو يعلِّمه فإنه يبيع جزءاً مما يملك في الأسهم أو العقار دون النظر إلى السعر لأن له هدفاً محدداً وهو قضاء حاجة ابنه أو ابنته سواء كان في التعليم أو في المعيشة العامة. وإذا كان التوقيت في الأسواق صعباً فإن النظر إلى العوامل المحرِّكة يعطي دليلاً استرشادياً لعملية البيع أو الشراء، فمثلاً إذا ارتفعت أسعار البتروكيماويات عالمياً فإن أسعار أسهم شركات البتروكيماويات سترتفع، وقِسْ على ذلك بقية القطاعات، ولكن يجب أن نعرف أن مثل هذا العامل متغير وليس ثابتاً، أي لو بدأت أسعار البتروكيماويات بالهبوط فيجب أن نبيع أسهم شركاتها.
وفي العقار وجدنا في السعودية مَن ينذر بتراجع أسعار العقار، وكان ذلك مبنياً على عوامل مهمة منها ضعف الإنفاق الحكومي وغير ذلك من العوامل الأخرى التي أدت إلى تراجع العقار نحو 20، حينها رأى العقلاء أن هذا التراجع يحفّز على الشراء، بينما رأى العامّة أن أسعار العقار ستتجه إلى الهبوط أكثر من ذلك، وما حدث هو أن أسعار العقار ارتفعت في المتوسط نحو 7، وكان ذلك مبنياً على استقراء مجموعة من العوامل أهمها القرض الإضافي الحسن الذي تمنحه الحكومة للعسكريين مما رفع أسعار الأراضي السكنية. وفي مصر حينما تم تعويم الجنيه هدأت أسعار العقار ولكنها عادت للتحسن بعد استقرار الأوضاع.
ما أود تأكيده أنه ليس هناك أو لا أحد يستطيع أن يوقّت لعملية البيع والشراء توقيتاً صحيحاً، ولكن يمكن أن يسترشد بالعوامل التي تساعده على اتخاذ القرار سواء بيعاً أو شراءً مع التأكيد أن هذه العوامل متحركة وليست ثابتة، أي بمعنى أنه تجب مراقبتها بدقة. وهنا تظهر مهارة قناصي الفرص الذين يشترون حينما يتشاءم الناس ويبيعون حينما يبالغ الناس في التفاؤل.