حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الذكاء الصناعي والخيار المقلق!

«بريك فري» هو اسم أول ألبوم موسيقي يتم إنتاجه اعتماداً بالكامل على الذكاء الصناعي، بعد أن تمت برمجة المطلوب عن طريق موسيقيين وخبراء في التقنية، ثم ترك المجال للذكاء الصناعي بأن يقوم بباقي المهمة الإبداعية. ومن جهة أخرى قامت دار «سوذبي» العريقة للمزادات بعرض لوحات تشكيلية تم رسمها بالكامل عن طريق الذكاء الصناعي. هناك تجارب يتم تبنيها في دار «تومي هيلفيجر» للأزياء للقيام بتصاميم للملابس، ومن المتوقع أن تقلدها وتسير في نفس الطريق دور أزياء عريقة أخرى. وفي مجال التصميم المعماري هناك ثورة حقيقية يحدثها الذكاء الصناعي في هذا القطاع، حتى باتت إمكانية تقلص الدور البشري فيه إلى حدود دنيا غير مسبوقة مسألة وقت.
المجالات الإبداعية لم تسلم من توغل الذكاء الصناعي فيها، وتصف شركة «آي بي إم» العريقة أن الإبداع ومجالاته هو الهدف الأعظم للذكاء الصناعي. فاليوم ترى بصمات الذكاء الصناعي ولمساته في قطاعات لم يكن أكثر المتفائلين يعتقد أنها ستكون ممكنة يوماً ما، مثل قطاع الإعلام وقطاع الدعاية والإعلان. اليوم التلفزيون الصيني اعتمد على إنسان آلي على شكل فتاة لتقديم نشرات أخبار «والتفاعل» معها، معتمداً وبشكل كامل على الذكاء الصناعي. عالِم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ قال إن الذكاء الصناعي «قد يكون أسوأ مرحلة في تاريخ البشرية»، ومن جهة أخرى أضاف رجل الأعمال آلون ماسك مؤسس شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية عندما أبدى هو الآخر هواجسه وقلقه ومخاوفه: «الذكاء الصناعي يشكل خطراً أصيلاً على بقاء الحضارة البشرية».
وفي تقرير لافت ومهم أوضح مكتب ماكينزي للاستشارات أن الذكاء الصناعي سيحل مكان من 75 إلى 375 مليون وظيفة، أي ما يعادل 3 إلى 14 في المائة من إجمالي القوى العاملة في العالم.
هناك «أفلام» و«مسلسلات» تلفزيونية يجري العمل على إعدادها اعتماداً على الذكاء الصناعي تماماً، في تحد صريح لكل ما كان غير قابل للتوقع. السير الذاتية خلال خمسة أعوام سيتغير شكلها، لأن التحدي سيكون كيفية إبراز المزايا والقدرات البشرية في مواجهة تسونامي مدمر قادم ومتشعب في مجالات كثيرة ومختلفة اسمه الذكاء الصناعي. لن يكون كافياً أن تقول وتدعي أنك تفكر خارج الصندوق، ولكن سيكون عليك «إثبات» ذلك الأمر. القطاعات الإبداعية هي الأفق الأخير لتوغل الذكاء الصناعي بعد أن تمكن من القطاعات التقنية والطبية والمصرفية وغيرها من القطاعات اللافتة والمؤثرة. بعيداً عن التهويل والتضخيم فإن العالم سيكون لديه مشكلة عويصة ذات وجهين؛ فمن جانب تقدم تقنية الذكاء الصناعي حلولاً عظيمة لمشكلات عويصة ساعدت على تسهيل الحياة ونشر المعلومة وتحسين التواصل وتطوير الصناعة بشكل فعال ومؤثر وأكثر اقتصاداً، ولكن في ذات الوقت تقضي على فرص العمل للملايين من البشر بشكل ممنهج، وهذا هو صميم مصدر القلق، والاختيار المطلوب: منتج أفضل وأرخص وأسرع أم نسب بطالة غير مسبوقة. اختيار مقلق!