حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

قراءة في 2019!

يومان اثنان ويدخل علينا عام جديد. سنة 2019 على الأبواب، وكعادتي معكم نحاول ربط الأمور لتكوين المشاهد الرئيسية التي ستشكل ملامح الفترة المقبلة. هذه المحاولة ليست قراءة في الطالع أو فتحاً للمندل، لكنها تحليل معلوماتي، وبالتالي قراءة متأنية للطريق التي من الممكن أن تصل إليها.
تبقى أميركا محركاً رئيسياً للأحداث؛ لأنها لا تزال مركز التأثير على سياسة العالم واقتصاده بشكل أساسي، لكنها ستواجه حالة مهمة من الاستقطاب السياسي الداخلي، وسيدخل الرئيس دونالد ترمب في مواجهة مع الكونغرس، وخصوصاً مع احتدام ملفات التحقيق بحقه في قضايا شائكة، ومع زيادة ضغوط المحقق المستقل موللر على الشهود والمتهمين، ودخوله على الدائرة المقربة في الاتهامات، وقد يكون لكل ذلك الأثر السلبي في قدرة الرئيس على التفرغ السياسي لاستكمال ما وعد بإنجازه، وسيكون الكونغرس عقبة واضحة في السماح له بتمويل وتنفيذ ما يصبو إليه.
الصين ستشهد تباطؤاً اقتصادياً، وستوجه اهتماماتها لأوجه عسكرية وأخرى فضائية لإبراز قدراتها واستعراض عضلاتها لبرهنة جدارتها في مجالات غير اقتصادية. أوروبا ستستمر معاناتها مع الحراك اليميني المتطرف، الذي تحركه قوى خارجية تارة من أميركا وتارة من روسيا، وكلتاهما محسوبتان على التيارات الشعبوية وترغبان في هدم الاتحاد الأوروبي نفسه. وهذا هو التحدي الأهم لأوروبا التي تعاد فيها روح نازية بشكل عصري. وسينعكس هذا التحدي على التنافسية الاقتصادية؛ لأن المسائل الأمنية والاجتماعية ستطغى سياسياً على المسائل الاقتصادية.
الشرق الأوسط سيظل منطقة غير آمنة لوجود تنظيمات إرهابية منتشرة، وقيادات منطلقة، جماعات مثل «القاعدة» و«حزب الله» و«داعش»، قادتهم لم يمسوا، فهاهم أيمن الظواهري، وحسن نصر الله، وأبو بكر البغدادي أحرار لم يمسوا، و«سيستمرون» في بثّ سمومهم بأشكال مختلفة طالما بقي «مسموحاً» لهم ولم «يؤذن» بالقضاء عليهم فدورهم لم ينته بعد. (هل يعقل أن يصدق أي أحد أن من غير الممكن القضاء عليهم وتصفيتهم بعد كل هذه السنوات؟ لكن هيك بدّو المخرج).
أيضاً، من المرشح أن تشهد سوريا نسبة النمو الاقتصادي الأعلى مع توقف الحرب فيها والسعي الدولي لإعادة البناء فيها، والتي سيدعمها بشكل متوافق المجتمع الدولي بأطرافه المختلفة، مع المتوقع أن «يؤثر» ذلك بشكل ملموس في اقتصاد العراق وتركيا ولبنان، والأخير بشكل رئيسي سيكون منصة لانطلاق المشروعات، لكن بثمن باهظ له علاقة «بتصفية» كل من سيعترض على التقارب مع نظام الأسد، وسيكون ذلك طبعاً بأيدي مرتزقة «حزب الله» الإرهابي كالعادة.
سيستمر الحراك الاقتصادي الإيجابي في أفريقيا، وسيستمر التدفق الاستثماري إليها، وخصوصاً في مشروعات البنية التحتية العملاقة، وبشكل رئيسي من الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، والهند. محور شنغهاي سيزداد نفوذه بقيادة روسيا، والصين، والهند، وستتسع رقعة قوته الجغرافية لتختبر المعسكر الغربي، وسيكون هناك استفزاز لأوكرانيا وجورجيا ودول البلطيق، إضافة إلى تايوان، والفلبين، واليابان، وفيتنام في «اقتطاع» مناطق نفوذ جغرافية جديدة.
النفط لن يشهد طفرة كبرى وخصوصاً في الربع الأول لغياب العناصر المسببة لذلك.
الحديث عن ضربة «حربية» كبرى ضد إيران يبقى مبالَغاً فيه، وإن كانت ستستمر في تلقي ضربات «جراحية» محددة لأهم عصاباتها مثل تنظيم «حزب الله» الإرهابي.
مجلس التعاون الخليجي باقٍ، لكن من بقاء مجاملة، مع استمرار برنامج الغدر القطري بحق السعودية، والإمارات، والبحرين، دون أي تراجع حقيقي في المنهج السياسي قطرياً لأعداء هذه الدول.
اليمن يتجه لاستقرار، لكنه مرتبط بتقسيم جغرافي وسياسي، وبالتالي هناك أكثر من دولة ستنتج من هذا الاستقرار.
دول المغرب العربي سيشهد بعضها وجوهاً سياسية جديدة ينتج منها تغيير في أسلوب الإدارة، والسودان الذي يختم هذه السنة بتصدره العناوين قد يشهد ولادة حكومة جديدة، وليس بالضرورة حكماً جديداً.
مؤشرات العام المقبل تبدو فيه علامات الإثارة واضحة، والمنطقة مستمرة في حالة التوتر والقلق والصراع بين من يعيش في صفحات الماضي وبين من يحاول المساهمة في صناعة المستقبل وشتان الفارق ما بين الخطين.