ادويل ماجا بيرس
كاتب
TT

التحديات التي تواجه نيجيريا

نشر مجلس الاستخبارات الوطني، وهو المجموعة المستقلة التي تقدم الاستشارة لمدير الاستخبارات المركزية بواشنطن، تقريرا في عام 2005 بما أدى إلى زيادة المخاوف من شبح «الانهيار الكامل لنيجيريا». أكد هذا التقرير على ما ورد بتقرير سابق صادر عن المجلس بشأن الاتجاهات العالمية خلال عام 2015 والتي اتسمت بالتشاؤم بشأن مستقبل البلد، الذي يُطلق عليه عملاق أفريقيا.
وكانت النتائج مثيرة للقلق. وجرى تداول تلك النتائج بشكل ممل ومتكرر في الصحف النيجيرية وعبر موجات البث الإذاعي والتلفزيوني وفي الجلسات العامة في البلاد. ووصلت حالة المبالغة في الأمر من خلال إعادة رواية تلك الأنباء بالدرجة التي جعلت العديد من النيجيريين يعتقدون فعلا أن الحكومة الأميركية كانت تتنبأ بالانهيار الوشيك لبلادهم.
وبصرف النظر عن دقة هذا التقرير، فقد عكست هذه الثرثرة المحفوفة بالقلق مخاوف الكثيرين من النيجيريين بشأن بلادهم، التي كانت واعدة للغاية منذ استقلالها قبل 53 عاما مضت، بينما لم تقدم سوى مقدار قليل للغاية. وعلى الرغم من ثرواتها الضخمة، فإن نيجيريا في الوقت الحالي لديها المعدل الأسوأ من نسبة الوفيات بين الأطفال الرضع مقارنة بجارتها ليبيريا.
تكمن الكثير من المشاكل في التنوع الكامل الإثني والديني واللغوي لهذا البلد المشتمل على هذا الخليط، وهو إرث الإمبراطورية البريطانية. ومن المعتاد في هذا الصدد أن نتحدث عن «منطقة الشمال التي تقطنها الأغلبية المسلمة» و«الجنوب ذي الأغلبية المسيحية» وهي السمة التي تبدو في حد ذاتها على أنها شيء من التبسيط الزائد بإفراط (فهناك عدد كبير من المسلمين والمسيحيين في كل منطقة)، بيد أن المشكلة الأعمق تتمثل في وجود حوالى 350 مجموعة إثنية متناحرة.
وفي الأعوام التي سبقت الاستقلال في عام 1960، أعربت جميع القبائل الأصغر عددا عن مخاوفها بشأن هيمنة هذه المجموعات الإثنية الكبرى الثلاث في وقت من الأوقات. وفي محاولة لمعالجة هذه المخاوف.
وكانت النتيجة، بأية حال من الأحوال، هي تشكيل مناطق شبه متمتعة بالحكم الذاتي لهذه المجموعات الثلاثة الرئيسة في وقت استقلالها.
وأدى الصراع من أجل بسط النفوذ والسيطرة فيما بين هذه الجماعات الثلاثة الكبرى إلى نشوب الحرب الأهلية والخضوع للحكم العسكري، الذي استمر فترة طويلة وانتهى أخيرا في عام 1999. وخلال هذه الأحداث، ازداد دور الحكومة الفيدرالية قوة، بينما تفككت المناطق الثلاث، حيث نتج عن هذا التفكك في بادئ الأمر تشكيل 12 ولاية، ثم بعد ذلك 19 ولاية ثم 21 ثم 30، وفي نهاية المطاف وصل عدد الولايات إلى 36 ولاية.
ليس هناك سبب وراء عجز هذه الولايات عن تكوين تحالفات من أجل تحقيق مصالحهم المشتركة، باستثناء ما هو محظور بموجب الدستور، الذي يفرض أيضا حظرا على الولايات لمنعها من مجرد إحصاء عدد الأشخاص الذين من المفترض خضوعهم لسلطة الولاية. ولا يمكن إجراء هذا الإحصاء إلا عن طريق الحكومة الفيدرالية وحدها.
وتتمثل النتيجة في عدم اكتراث أي طرف بشأن هذا البلد الذي يعاني الاعتلال الوظيفي، باستثناء الجماعات السرية التي تستفيد من جميع ثرواته. ومن أكثر الدلائل وضوحا على الانزلاق البطيء نحو التفتت هو وجود الإسلاميين المتشددين في الشمال وميليشيات دلتا النيجر في الجنوب ذي الأغلبية المسيحية.
ومما لا شك فيه أنه يجب على نيجيريا أن تعيد بناء نفسها، غير أننا، للأسف الشديد، بصدد فقدان فرصة عظيمة لفعل ذلك بطريق سلمية وبناءة.
أما البديل فهو انقسام كبيرة من الممكن أن يؤدي إلى مزيد من الدويلات الصغيرة، لكل واحدة علمها ونشيدها الوطني ومقعدها في منظمة الأمم المتحدة، لكنهم جميعا سيعيشون تحت رحمة الدول الكبرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»